عالم الإبداع: الحديث النبوي الشريف

مدونة عامة في كل المجالات

أهم المواضيع

‏إظهار الرسائل ذات التسميات الحديث النبوي الشريف. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الحديث النبوي الشريف. إظهار كافة الرسائل

2021/09/26

سبتمبر 26, 2021

حكم إجراء عملية حقن مجهري لإنجاب مولود ذَكَر فتوي

 


فتوى فتاوى افتاء

حكم إجراء عملية حقن مجهري لإنجاب مولود ذَكَر

السؤال: 

شخص عنده خمس بنات، ويريد أن ينجب ولدًا ذكرًا، فنصحه البعض بأن يقوم بعملية حقن مجهري لينجب ذَكَرًا، وأن هذا متاح بالنسبة للطب الآن، وسؤاله: هل هذا جائز أم أن هذا فيه عدم رضا بقضاء الله وقدره؟ 

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فهناك طريقتان في مسألة تحديد نوع الجنين:

الطريقة الأولى: مبنية على حقن مجهري لعدة بويضات في داخل الرحم حتى إذا نَمَت الأجنة وظهر نوعها اختار منها ما يريد وأجهض الباقي، وهذه محرمة؛ لأنها تتضمن الإجهاض بعد التخليق، وهو جناية محرمة، ولا يمكن أن يظهر التخليق إلا بعد الأربعين؛ فهذه الطريقة غير جائزة.

والطريقة الثانية: مبنية على تلقيح بويضات بالحيوانات المنوية خارج الرحم، فإذا انقسمت الخلية خارج الرحم إلى نحو ثمان خلايا أُخِذت واحدة ففحصت كروموسوماتها لمعرفة نوع الجنين المحتمل، فما وافق المطلوب زُرِع داخل الرحم؛ أعني الـسبع خلايا الباقية، وهي تكون جنينًا كاملًا، وهذه الطريقة لا تتضمن محرمًا، فهي جائزة -وإن كانت مكلَّفة الثمن-. 

وهذا أخذ بالأسباب، ليس فيه اعتراض على القَدَر.

2021/09/25

سبتمبر 25, 2021

مراقبةالعبد ربه في نفسه وجميع أموره و أحواله

 خطبة مكتوبة بعنوان:

#مراقبة_العبد_ربه_في_نفسه_وجميع_أموره_وأحواله “

 



الخطبة الأولى: ــــــــــــــــــــ

الحمد لله جابرِ قلوب المُنكسرة قلوبهم مِن أجْلِه، وغافرِ ذنوب المستغفرين بفضله، وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ولا شيء كمثله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أرسلَه بالهدى ودين الحق ليُظهِرَه على الدين كلِّه، وخيَّرَه بين أنْ يكون ملِكًا نبيًّا أو عبدًا رسولاً، فاختار مقام العبودية مع الرسالة، تنويهًا بشرَف هذا المَقام وفضلِه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، والمستمسكين مِن بعدِهِم بحبلِه.

أمَّا بعد أيُّها الناس:

فإنَّ مِن أعظم وأنفع ما يَعظ بِه الواعظون، ويُوصِي بِه الموصُون، ويَنصح بِه الناصحون، ويُرشِد إليه المتكلِّمون: “مراقبةَ العبد ربَّه ــ جلَّ وعلا ــ في نفسه، وفي جميع أموره وأحواله، ومع جميع خلقه، وفي السِّر والعلَن، والحضَر والسفر”.

فراقبوا الله ــ جلَّ وعزَّ ــ في جميع أحوالكم، وسائر أوقاتكم، وفي كل ما تفعلون وتَذرون، فإنَّه سبحانه مطَّلِع على قلوبكم، ومطَّلِع على أقوالكم، ومطَّلِع على أفعالكم، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولا يَخرج عن علمه شيء في سائر الأزمان، ولا يَغيب عنه مثقالُ ذرة مِن طاعة أو عصيان، وقد قال سبحانه مُرهِّبًّا لنا: { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا }، أي: مراقبًا لنا ولكل شيء، وعالمًا بِنا وبكل شيء، وقائمًا علينا وعلى كل شيء، وقادرًا علينا وعلى كل شيء، فالخلق خلقُه، والأمر أمْرُه، وإليه يُرجع الأمر كلُّه، له ما بين أيدينا، وما خلفنا، وما بين ذلك، وما كان ربُّك نسيًّا.

وسُئِل إسماعيل بن نُجيد ــ رحمه الله ــ: (( مَا الَّذِي لَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْهُ؟ قَالَ: مُلَازَمَةُ الْعُبُودِيَّةِ عَلَى السُّنَّةِ، وَدَوَام الْمُرَاقَبَةِ )).

واعلموا أنَّ مراقبة الله العزيز القادر تتأكد علينا في أحوال ثلاثة:

الحال الأوَّل: أنْ نُراقِبَه سبحانه حين فِعل الطاعات والعبادات القولية والفعليه.

فنُراقِبَه في قصْد قلوبنا مِن فِعلها، وهل مرادنا وجْهَه سبحانه ورضاه عنَّا أو حصول الذِّكر والمدح والسُّمعة والشُّهرة، هل المُحرِّك لنا إليها هو الهَوى والنَّفس أو هو الله تعالى خاصة، لأنَّ هذه المراقبة تُصلِح قلوبنا، وقد قال أبو حفصٍ لأبي عثمانَ النيسابوري ــ رحمهما الله ــ: (( إِذَا جَلَسْتَ لِلنَّاسِ فَكُنْ وَاعِظًا لِقَلْبِكَ وَنَفْسِكَ، وَلَا يَغُرَّنَّكَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَيْكَ، فَإِنَّهُمْ يُرَاقِبُونَ ظَاهِرَكَ، وَاللَّهُ يُرَاقِبُ بَاطِنَكَ )).

ونُراقِبَه في صفة فِعلها حين أدائها، وهل فِعْلُنا لها مبنيٌّ على علمٍ أمْ على جهل، أموافقٌ للسُّنَّة أمْ مُخالف، لأنّ هذه المراقبة تُصلِح طاعاتنا وعباداتنا وأعمالنا، وتجعلها مقبولة عند الله ربنا وحسَنة، إذ العبرة في شريعة الله إنَّما هي بحُسن العمل لا بكثرته، حيث قال الله سبحانه في أوَّل سورة المُلك: { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا }، والعمل لا يكون حسنًا ومقبولًا عند الرَّب تعالى وتقدَّس إلا بشرطين يجب أنْ يُحققهما العامل:

أوَّلُهُما: أنْ يكون قصده مِن عمله حين فِعله له هو وجه الله تعالى، وابتغاء مرضاته.

والثاني مِنهما: أنْ يكون ما عمله مِن عملٍ قد دَلَّ عليه دليل مِن الشريعة.

وقد ثبت عن ابن مسعود ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( الِاقْتِصَادُ فِي السُّنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي بِدْعَةٍ ))، أيْ: فِعلُ عملٍ قليلٍ عليه دليل مِن السُّنَّة النَّبوية خيرٌ وأعظم مِن فِعل عملٍ كثيرٍ ليس عليه دليل.

وما لا دليل عليه في الشرع يُسمَّى بِدعة، والبِدعة محرٌّمة بنصِّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هي مِن أغلظ وأشدِّ المحرَّمات.

الحال الثاني: أنْ نُراقِبَه سبحانه عند الهَمِّ بفعل السيئات والخطيئات.

سيِّئات القلب، مِن حُبِّه وبُغضه على خلاف شريعة الله، وغِلِّه وحِقده وحَسده وضغينته وكُرْهه، وسيِّئات اللسان، مِن غِيبةٍ ونَميمة وكذب ولعن وسَبٍّ وسُخرية واستهزاء وقولٍ في دين الله بغير علم، وسيِّئات الجوارح، سيِّئات السَّمْع والبَصر واليدين والقدمين والفَرْج، لأنَّ هذه المراقبة تنفعنا أشدَّ نفع، ويَحصل لنا بِها غُنمٌ كبير، ونَجد خيرَها وبركتَها وثمرَتها في الدنيا قبل الآخرة، حيث تمنعُنا عن مُقارفة كثير مِن الآثام والفواحش والقبائح، أو على الأقَلّ تُخفِّف مِن فِعلنا لها وتُقلِّل.

الحال الثالث: أنْ نُراقِبَه سبحانه في الخَلوة والسِّر كما نُراقبه في العلَن.

فنُراقِبَه في الخلوة حين لا يرانا أحد مِن الناس، ولا يعلم بنا أحد مِن الخلق، حين نخلو بأنفسنا، أو نبتعد عمَّن يَعرفنا، فلا نتجرَّأ على فِعل المعاصي، ومُقارفة الفواحش، وإتيان القبائح، وترْك الفرائض، وتعطيل الواجبات، وتضييع الحقوق، لأنَّ بعض الناس تَضعُف عنده مراقبة الله إذا خلا بنفسه وانفرد عن أهله أو رفاقه أو غيرهم، فتراه يجترأ على محارم الله، فيُمارس المحرمات والقبائح أو يَنظر إليها عبر الفضائيات، وفي مواقع الإنترنت، أو يتكلَّم بها عبْر الهواتف وبرامج التواصل مع مَن لا يَحِلُّ له مِن الإناث أو الذكور، وبعضهم تَضعُف عنده مراقبة الله تعالى أكثر إذا سافر وترَك مدينته وقريته وأهله وأقاربه ورِفاقه فيفعل مِن الرذائل والقبائح والفواحش ما يَشيب له الرأس، ويترُك مِن الفرائض الكثير، فقد أصبح في بلاد غُربة لا يعرفه أهلها، ولا يَدرون مَن هو، فلا يستحيي مِنهم، ولا يخشى الفضيحة بينهم، ولا يَخاف عقوبة، فقد يكون في بلد تسمح بالفجور، ولا تُجرِّم انتهاك محارم الله، وتجاوز حدوده.

ولئنْ خلا صاحب هذا الحال عن الناس أو ذهب عن بلده وأهله ومَن يعرفونه فأين يذهب مِن  ربِّه ــ عزَّ وجلَّ ــ القائل في تنزيله ووحيه مُحذِّرًا: { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }، معكم بعلمه وقدرته في جميع أماكن وجودكم مِن الأرض، فهو سبحانه يرانا ونحن في البَرِّ، ويرانا ونحن في الجوِّ، ويرانا ونحن في البحر، يرانا ونحن في بيوتنا وبلداننا مع أهلينا وقرابتنا وأصدقائنا، ويرانا ونحن في غير بلداننا مع الغرباء والأباعد، ويرانا ونحن في الأسواق، وفي الطُّرقات، وفي الفنادق، وفي المراكب، وفي الملاعب، وفي البحار، وفي المسابح، وفي الملاهي.

أين نفر، وكيف نتخفَّى، وبمَن نَلوذ ونحتمِي، لا مفرَّ مِن الله إلا إليه، فهو معنا بعلمه وإحاطته، ومعنا بسمعه وبصره، ومعنا بقدْرته علينا أينما كنَّا، وحيث تواجدنا، وعلى أيِّ حالة صِرنا، ومع أيِّ الناس شئنا.

 وهذا من أعظم وأشد وأغلظ الوعيد الصارف للعبد عن اقتراف الآثام، والتقصير في العبادات، وإضاعة الحقوق، والتفريط في الواجبات لِمَن كان له قلب ليِّن مُنيب حيٌّ سلِيم.

أين يذهب مَن هذه حاله مِن قول ربِّه سبحانه مُتوعِّدًا ومهدداً: { إِنَّ رَبَّكَ لَبِل الْمِرْصَادِ }، أي: يَرصُد أعمال العباد في الدنيا فلا يفوته مِنها شيء وإن دَقَّ، ولا يَعزُب عنه ما فعلوه في شبابهم ولا ما فعلوه في كُهولتهم، ولا ما فعلوه في شيخوختهم، وهو بالمرصاد لِمَن يُبارزه بالعصيان، والتفريط فيما أوجَب، حيث يُمهله قليلاً، ثم يأخذه أخْذَ عزيز مُقتدِر، أخْذًا أليمًا، أخذًا وبيلًا، حينها يقول مُتحسِّرًا مُتألِّمًا: { يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ }{ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي }{ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي }.

أيُّها الناس:

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( الكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِما بَعْدَ الْموْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَه هَواهَا، وتمَنَّى عَلَى اللَّهِ )).

وفي هذا الحديث الشريف بيانٌ لحال صِنفين من الناس:

أوَّلُهما: قوي المراقبة لله تعالى.

وهو الكيِّس اللَّبيب الحازم العاقل الذي ينظر في عواقب ما يَفعل ويترُك، ويقول ويسمع، فهو يُجاهد نفسه، بل يقهرها، ويستعملها فيما يعلم أنَّه ينفعها في دنياها، وبعد موتها في قبرها وآخِرتِها، حتى ولو كانت كارهة لذلك، فالنفس أمَّارة بالسوء إلا ما رَحِم ربِّي، فتحتاج إلى مجاهدةٍ شديدة، وقهرٍ لها وقسْر، وصبر على ذلك ومُصابرة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ ))، وقال رجلُ لعبد الله بن عَمروٍ ــ رضي الله عنه ــ: (( مَا تَقُولُ فِي الْجِهَادِ وَالْغَزْوِ؟ فقَالَ له: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَجَاهِدْهَا، وَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَاغْزُهَا )).

والثاني مِنهما: ضعيف المراقبة لله بل عاجزها.

ومِن ضَعْفِ مراقبته وشدَّة عجزِه أنَّ كلَّما هوته نفسه وأرادت فِعله مِن شهوة أو معصية أجاب طلبها ولبّاه وبادر إليه، وهذا هو العاجز الأحمق الجاهل الذي لا يفكِّر في عواقب ما يَفعل ويترُك ويقول ويسمع، بل يُتابع نفسه على ما تهواه وتشتهيه، وهي لا تهوى إلا ما تظن أنَّ فيه لذَّتَها وشهوتَها في العاجل، وإنْ عاد ذلك بضرٍر لها فيما بعد الموت، وقد يعود ذلك عليها بِالضَّرر في الدنيا قبل الآخِرة، فيحصل له العار والفضيحة وسُقُوط المنزلة والهوان والخِزي، ويُحرَم بسبب ذلك مِن العلم النافع، والبركة في الرِّزق، وغير ذلك مِن الخيرات.

وفقني الله وإيَّاكم لاتباع رضوانه، وغمرَني وإيَّاكم بعفوه وغُفرانه، ورزقني وإيَّاكم خيرات بِرَّه وإحسانه، وأدخلنا في زُمرة أحبابه المخصوصين بِمَنِّه وأمانه، إنَّه سميع مجيب.

الخطبة الثانية: ــــــــــــــــــــ

الحمد لله ربَّ العالمين حمدًا كثيرًا طيِّبًا مُباركًا فيه، كما يُحِب ربُّنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهِه وعِزِّ جلاله، وصلَّى الله على سيِّدنا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعد، فيا أيًّها الناس:

إنَّ مِن صور المراقبة العظيمة الطيِّبة: ما حصل مِن نبي الله يوسف ــ عليه السلام ــ حين راودته امرأة عزيز مِصر عن نفسه حين خلَت بِه وغلَّقت الأبواب، حيث قال الله سبحانه عن ذلك: { وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ }.

ومِن صور المراقبة العظيمة الطيِّبة أيضًا: ما جاء في قصة الثلاثة الذين أصابهم المطر، فأووا إلى غارٍ فانحدَرَت صخرةٌ فانطبقت عليهم، وأغلقت باب الغار، فقالوا: انظروا ما عملتم مِن الأعمال الصالحة فاسألوا الله تعالى بِها فإنَّه يُنجِّيكم، فذَكر كل واحد مِنهم سابقة خيرٍ سَبقت له مع ربَّه، فانحدَرَت عنهم الصخرة فخرجوا يمشون، وقصتهم مشهورة في “صحيح البخاري” وغيره، وكان مِن قول أحدِهم ومراقبته لربِّه: (( اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي ابْنَةُ عَمٍّ، مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَأَنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ، إِلَّا أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ، فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا، فَأَمْكَنَتْنِي مِنْ نَفْسِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، فَقَالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ المِائَةَ دِينَارٍ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا، فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا )).

ومِن صور المراقبة العظيمة الطيِّبة أيضًا: ما صحَّ عن نافع مولى ابن عمر ــ رحمه الله ــ: (( أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ــ رضي الله عنهما ــ لَقِيَ رَاعِيًا بِطَرِيقِ مَكَّةَ، قَالَ لَهُ: بِعْنِي شَاةً؟ قَالَ: لَيْسَتْ لِي. قَالَ لَهُ: فَتَقُولُ لِأَهْلِكَ أَكَلَهَا الذِّئْبُ؟ قَالَ: فَأَيْنَ اللَّهُ، قَالَ: اسْمَعْ، وَافِنِي هَاهُنَا إِذَا رَجَعْتَ مِنْ مَكَّةَ، وَمُرْ مَوْلَاكَ يُوَافِينِي هَاهُنَا، فَلَمَّا رَجَعَ لَقِيَ رَبَّ الْغَنَمِ وَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمَ، وَاشْتَرَى مِنْهُ الْغُلَامَ، فَأَعْتَقَهُ وَوَهْبَ لَهُ الْغَنَمَ )).

جعلني الله وإيَّاكم مِمَّن إذا ذُكِّر ادَّكَر، وإذا وعِظ اعتبر، وإذا أُعطِي شَكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنَب استغفر، رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وآتنا في الدنيا حسنة، وفي الاخرة حسنة، واجعلنا مِمَّن يكون يوم القيامة مُنعَّمًا مسرورًا، إنَّك سميع الدعاء، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

❄ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا❄

سبتمبر 25, 2021

سهام الليل خطبة جمعة

سهام الليل خطبة جمعة


|| #سهــام_اللــيل ||


🎙للشيخ الداعية البليغ أبي المنهال #فايز_بن_محمد_المغلسي حفظه الله تعالى


*🕌ألقيت في #مسجد_الإعتصام بمدينة الحديدة_اليمن لعام ١٤٤٣هـ*

 *الخطبة الأولى* 


الحمد لله العليم الأعلم ، علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ، الحمد لله الذي حرم الظلم ومنع الحقوق أن تهضم ،

 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الإله الأعظم ،

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأكرم ، دعا إلى المحبة والسلم ، ونهى عن القهر والظلم ، أفضل من أطاع ربه وأسلم ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أهل الشيمِ والكرم ، ومن سلك سبيلهم الأسلم وطريقهم الأقوم ،


▪️أما بعد عباد الله اعلموا أن الظلم ذنب عظيم ، وإثم وخيم ، هو سبب الفساد والفتن ، والعقاب والمحن ، الظلم منبعُ الرذائل والسيئات ، ومصدرُ الشرور والمهلكات ، متى ما فشى في أمة أذن الله بزوالها وهلاكها ودمارها ، 

*﴿وَتِلكَ القُرى أَهلَكناهُم لَمّا ظَلَموا وَجَعَلنا لِمَهلِكِهِم مَوعِدًا﴾* [18:59] - الكهف

فأين القرى الظالمة ، وأين الأمم القاهرة ، لقد نزلت بهم الفواجع ، وحلت بهم المواجع ،

*﴿فَكُلًّا أَخَذنا بِذَنبِهِ فَمِنهُم مَن أَرسَلنا عَلَيهِ حاصِبًا وَمِنهُم مَن أَخَذَتهُ الصَّيحَةُ وَمِنهُم مَن خَسَفنا بِهِ الأَرضَ وَمِنهُم مَن أَغرَقنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظلِمَهُم وَلكِن كانوا أَنفُسَهُم يَظلِمونَ﴾* [29:40] - العنكبوت.


▪️فمهما بلغت قوة الظلوم ، ومهما ضعف المظلوم ، فإن للظالم نهاية ولا بد ، قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ هذه الآية *﴿وَكَذلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ القُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَليمٌ شَديدٌ﴾* [11:102] - هود ،


 ▪️أيها المؤمنون أيها الأخيار والصالحون ، حذر الله عز وجل من الظلم والبغي وبخسِ الحقوق والتعدي على الناس في أموالهم وأعراضهم وممتلكاتهم في آيات كثيرة ،  

وفي حجة الوداع وقف صلى الله عليه وسلم خطيباً وقال ( إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت ، اللهم فاشهد ، اللهم فاشهد ) 

وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) وقال صلى الله عليه وسلم ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات فإن الظلم ظلمات يوم القيامة )  رواه مسلم 

وقال صلى الله عليه وسلم ( اتقوا دعوة المظلوم فإنها تُحمل على الغمام فيقول الله وعزتي وجلالي لأنصرنكِ ولو بعد حين ) رواه الطبراني وحسنه الألباني ،


▪️دعوة المظلوم لا تغلق أمامها الأبواب ، ولا تردها الشٌرط والحُجاب ، قال صلى الله عليه وسلم ( اتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة كأنها شرارة ) ،

وقال صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم ودعوة المظلوم) رواه الإمام أحمد بسند صحيح ،

كان يزيد بن حكيم يقول ما هبتُ شيئاً قط هيبتي لرجل ظلمته وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله فيقول لي حسبي الله ، الله بيني وبينك الله بيني وبينك ،

 وقال أبو الفضيل التميمي قال لي والدي يا بني إحذر أن تخاصم من إذا نمت بات منتبهاً يدعو عليك بات منتبهاً يدعو عليك وعين الله لم تنمِ سبحان وتعالى ،

ذكر بن كثير في البداية والنهاية أن أحد ملوك البرامكة كان في ترف وفي ملك وفي مال وفي ثراه ، بل بلغ به الترف أن بناته في يوم من الأيام أشرفن من شرفة القصر فرأين بنات الفقراء يلعبن بالماء والطين ، فاشتهين أن يلعبن مثلهن بالماء والطين ، فأحضر لهن ماء الزعفران ، وماء الورد ، وتراب المسك ، كي يلعبن كما يلعب بنات الفقراء ، وما هي إلا أيام وأُخذ ذلك المال ،وذهب ذلك الجاه، وذهب ذلك الملك ، وأودع في غياهب السجون مع ولده ، فقال الولد للأب يا أبتي أبعد العز والملك في السجن والقيت ، فقال يا بني هذا بدعوة مظلوم سرت بالليل صارت بالليل غفلنا عنها والله عز وجل ما غفل عنها ، 

أتهزأُ بالدعاء وتزدريه وما تدري ما صنع الدعاءُ سهام الليل لا تخطئ ولكن لها أجل وللأجل انقضاءُ ،


▪️وروى البخاري في صحيحه أن أهل الكوفة جاءوا إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشتكون سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأرضاه فبعث عمر رجالاً إلى الكوفة يبحثون عن سعد وعن حال سعد ، فكانوا لا يمرون على مجلس من مجالس الكوفة إلا وأثنوا عليه خيرا ، حتى أتوا إلى مسجد من مساجدهم فقام رجل منهم فقال إن سعد لا يسير في السرية ، ولا يقسم بالسوية ، ولا يعدل في القضية ، فقام سعد رضي الله عنه ورفع يديه إلى السماء وقال اللهم إن كان عبدك هذا قام كاذباً رياءً وسمعة ، اللهم فأطل عمره وأطل فقره وعرضه للفتن ، 

فاستجاب الله دعوة سعد فأطال الله عمر ذلك الرجل وأطال الله فقره وكان يتعرض للإيماء في السكك فاذا قيل له في ذلك ، يقول شيخ مفتون أصابتني دعوة سعد شيخ مفتون أصابتني دعوة سعد ، 


▪️وذكر التنوخي أن أحد وزراء بغداد اعتدى على امرأة عجوز ، أخذ أموالها ، وصادر أملاكها ، فجاءت إليه تشتكي وتبكي من ظلمه وقهره ، فسخر بها واستهزأ بها ، فقالت له لأدعون الله عليك ، فقال مستهزئاً بها ، عليكِ بالثلث الأخير من الليل ، عليكِ بالثلث الأخير من الليل ، فرجعت تلك العجوز إلى بيتها وقد امتلأت كمدا وحزنا وبكاء والما ، على هذا الظلم العظيم الذي لا راد له الا الله ، فجعلت ترفع يديها في الثلث الأخير من الليل وتدعو على ذلك الوزير ، وما هي إلا أيام قلائل ، وعزل ذلك الوزير وصودرت أمواله ثم أخذ إلى السوق ليجلد أمام الناس تعزيراً وعقوبة له على أفعاله المشينة ، 

فجاءت تلك العجوز وهي تجر خطاها إلى أن وصلت إليه وقالت يا هذا لقد أحسنت أحسنت حين ما وصفت لي الثلث الأخير من الليل الثلث الأخير من الليل ، 


▪️واستمعوا إلى هذه القصة التي ذكرها الإمام الذهبي في كتاب الكبائر ، قال رحمه الله قال بعضهم رأيت رجلا قد قطعت يده من الكتف وهو يصيح بالأسواق ويقول من رآني فلا يظلمن أحدا ، وقلت له يا عبد الله ما هي قصتك ، 

قال يا فلان أنا كنت من أعوان الظلمة ومن أعوان الفجرة ، وفي يوم من الأيام رأيت صياداً قد أصطاد سمكة فقلت له أعطني إياها فقال لي لا ، إني اصطدت هذه السمكة لأشتري بها قوتاً وطعاماً لاولادي ، قال فضربته وأخذت تلك السمكة منه بالقوة ، قال وبينما أنا أمشي بالطريق إذ بتلك السمكة قد عظتني في إبهامي عظة قوية ، قال فلما رجعتُ إلى البيت إشتد الألم وتورمت أصبعي ، فذهبت إلى الطبيب فقال لي هذه بادئة الأكلة في أصبعك وإن لم تقطع الأصبع فان اليد ستزول ، قال فقطع أصبعي لكن الألم ما زال ، بل إشتد الألم ، فذهبت إلى الطبيب فقال لابد من قطع الكف حتى لا يتسرَ المرض إلى جميع اليد ، قال فقطعت الكف ، ثم ما زال الألم ثم ما زال الألم يشتد يوماً بعد يوم ، فذهبت إلى الطبيب فقطع يدي من المرفق ، ثم قال ما زال الألم يشتد بي شيئاً فشيئا ، ثم قطعت يدي من الكتف ، فقابلت أحد الناس فقال لي يا فلان ما قصة قطع يدك ، فأخبرته بقصة صاحب السمكة فقال لي أما والله لو أنك ذهبت في بادئ أمرك إلى صاحب السمكة واستسمحمت منه لما فعل بك ما فعل ، ولما قطعت يدك ، قال فذهبت إلى الرجل أبحث عنه في المدينة حتى لقيته فارتميت بين رجليه وأنا أبكي وأنا أتضرع إليه أن يسامحني ، فقال لي يا فلان أنا لا أعرفك من أنت ، فقلت يا هذا أنا الذي أخذت منك السمكة ، سألتك بالله إلا عفوت عني ، إلا عفوت عني ، قال فلما رأى حالي رق لي وبكى ، وقال عفوت عنك فقلت أعاهدك بالله أني لا أكون من أعوان الظلمة ولا من أعوان الفجرة ما دمت حيا ، 


أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ،،


▪️ *الخطبة الثانية*▪️


الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ،


▪️أما بعد ، حينما يقتل الأبرياء ، ويقهر الضعفاء ، ويتجبر الأقوياء فلا حزن فهناك مدعو وهو الله ، وهناك دعوة مستجابة وهي دعوة المظلوم ، حينما تسلب الحقوق ، فيأخذ الغني حق الفقير ، والقوي حق الضعيف ، فلا أسى فهناك مدعوم ، وهناك دعوة ، حينما تكفر دموع المظلومين ، ويشتدُ أنين المكروبين ، ويشتدُ أنين المكروبين ، لكثرة الظالمين الفاجرين ، فلا كمد فهناك مدعو وهو الله ، وهناك دعوة وهي دعوة المظلوم ، فيجد العبد المظلوم رباً قوياً قادراً يرجوه ، وربا رحيماً يدعوه ، فيجيب سؤاله ، ويعطيه نواله ، وهو ارحم به من نفسه ، وأرحم به من أبويه ، وأرحم به من كل راحم ، فيعطيه سؤاله ، ويجيب دعائه ، ويعطيه نواله ، رحمة به ورأفة ، *﴿إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُم رَحيمًا﴾* [4:29] - النساء ،  


▪️حينما يُظلم العبد يجد رباً عليماً سميعاً ، علمه أحاط بكل شيء ، *﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ فِي الأَرضِ وَلا فِي السَّماءِ﴾* [3:5] - آل عمران ،

حينما يُظلم العبد يجد رباً يجيب دعوته ، ويسمع مظلمته ، *﴿وَإِذا سَأَلَكَ عِبادي عَنّي فَإِنّي قَريبٌ أُجيبُ دَعوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ فَليَستَجيبوا لي وَليُؤمِنوا بي لَعَلَّهُم يَرشُدونَ﴾* [2:186] - البقرة


▪️فيا ويل من يظلم إنساناً لا يجد له ناصراً إلا الله ، ويا ويل من يظلم إنساناً لا يجد له ولياً إلا الله ، ويا ويل من يظلم إنساناً لا قوي له إلا الله ، 

قال صلى الله عليه وسلم ( دعوة المظلوم تُحمل إلى الغمام كأنها شرارة فيقول الله وعزتي وجلالي لانصرنكِ ولو بعد حين ) ، 


▪️معشر المسلمين دعوة المظلوم مستجابة ، لو كان المظلوم فاجرا ، أو فاسقا ، أو كافرا ، فما دام مظلوما فإن الله يجيب دعوته ، ويسمع شكواه ، قال صلى الله عليه وسلم (حينما بعث معاذ إلى أهل اليمن إنك يا معاذ تقدم على قوم من أهل الكتاب فاتق دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب ) متفق عليه 

وقال صلى الله عليه وسلم ( اتقوا دعوة المظلوم ولو كان كافرا فإنه ليس دونها حجاب ) وقال صلى الله وسلم دعوة المظلوم مستجابة ، وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه ) رواهما الامام أحمد وحسنهما العلامة الألباني رحمه الله ،


 ▪️أيها المؤمنون أيها الأخيار والصالحون ، صور الظلم التي تعشعش في أوساط المجتمع كثيرة جدا ، فكم من المظلومين هُظم حقهم ، وأخذت أموالهم ، وصودرت أملاكهم واتهموا بما هم منه براء  كبراءة الذئب من دم يوسف عليه الصلاة والسلام ،

ألا وإن من صور الظلم ومن أشدها ظلم الوالدين ، فكم من الأبناء من يظلم والديه ، ويعتدي عليهما ، ويأخذ حقهما ، ويهملهما وهما بحاجة ماسة إلى رعايته ، وإلى كفالته ، وإلى ما يعود عليهما بالنفع في الدنيا والأخرة ، 

الوالدان ، وما أدراك ما الوالدان حقهما عظيم ، لقد قرن الله حقهما بحقه سبحانه ، فقال عز وجل *﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا﴾* [17:23] - الإسراء ،

ونهى الله عن التعدي عليهما ولو كان ذالك بالكلام اليسر قال الله *﴿فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا﴾* [17:23] - الإسراء  

فكم من الأبناء فكم من الأبناء من يرفع صوته على صوت أمه ، وعلى صوت أبيه ، بل لقد وصل الحال ببعض الأبناء إلى أن يسب وإلى أن يشتم ، وإلى أن يلعن والديه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، بل والله لقد وصل الحال ببعض الأبناء إلى أنه يضرب والديه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ،


▪️ومن الظلم ظلم الأبناء بالتقصير في حقهما وعدم تربيتهما وعدم تعليمهما الدين الصحيح الذي أنزله الله وشرعه رسوله عليه الصلاة والسلام ، 


▪️ومن الظلم ظلم الزوجة فكم من الأزواج من يعتدي على زوجته المسكينة الضعيفة ، فربما ضربها وسبها وشتمها ومنعها من حقوقها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وهكذا العكس كم من الزوجات من تظلم الزوج فتمنعه من حقوقه ، وتعتدي عليه ، وتفرط في بيته ، وتفرط في أولاده ، وتفرط في حقه ،


▪️ومن الظلم عباد الله التعدي على الأيتام وعلى الفقراء وعلى المساكين قال الله *﴿إِنَّ الَّذينَ يَأكُلونَ أَموالَ اليَتامى ظُلمًا إِنَّما يَأكُلونَ في بُطونِهِم نارًا وَسَيَصلَونَ سَعيرًا﴾* [4:10] - النساء


▪️ومن الظلم التعدي على الناس في أملاكهم ، وفي أراضيهم ، وفي بيوتهم ، وفي عقاراتهم ، 

قال صلى الله عليه وسلم ( من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أراضيه طوقه من سبع أراضين يوم القيامة ) ،


▪️ومن الظلم *التعدي على العلماء الربانيين* ، والدعاة المصلحين ، الذين يبلغون دين الله ، والذين يؤدون أمانة الله ، فكم من الناس من يقع في أعراضهم ، ويسبهم ويشتمهم ويلعنهم ، ويشوه صورتهم ، ويرفع ضدهم القضايا الكاذبة ، والإتهامات والإتهامات التي هم منها براء ، فتؤدي هذه الإتهامات إلى سجنهم وإلى تعذيبهم وإلى التشويه بهم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ،

▪️وسنة الله *أن من اعتدى على العلماء* ، بتشويه صورتهم ، أو الإعتداء عليهم ، فان العقوبة تلحقه في الدنيا قبل الأخرة ، لأن لحوم العلماء لأن لحوم العلماء مسمومة ، من أكلها مات ومن شمها مرض ، 


▪️ومن الظلم عباد الله ظلم الحكام لرعيتهم ظلم الحكام لرعيتهم ، قال صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته إلى أن قال فإمام راع ومسؤول عن رعيته والناس لا ينصبون الحكام ولا الوزراء ولا الرؤساء ولا الائمة إلا من أجل أن يقيموا العدل ويأخذون للضعيف حقه من القوي ، وللفقير حقه من الغني ، فاذا كان الحاكم هو الظالم فعلى الدنيا السلام ، 

وقد يقع الظلم من الرعية لحكامهم بعدم السمع والطاعة لهم التي أمرنا الله أن نسمع ونطيع كما قال عليه الصلاة والسلام ( وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ) 

وهكذا من ظلم الحاكم عدم الطاعة والتشويه والإنقلابات إلى غير ذلك ،


▪️وصور الظلم عباد الله كثيرة جدا فعلى المسلم أن يجتنب الظلم بكل أشكاله ، وبكل صوره ، وبكل أنواعه ، ونداءٌ أخير إلى ذلك المظلوم يا من ظلمت وأخذت حقوقك وسلبت أموالك إعلم إن الله عز وجل سينتقم لك ، وسيأخذ حقك من ذلك الظالم في الدنيا أو في الأخرة في الدنيا أو في الأخرة ،

فأكثر من الدعاء وأكثر من دعاء ذي النون *﴿لا إِلهَ إِلّا أَنتَ سُبحانَكَ إِنّي كُنتُ مِنَ الظّالِمينَ﴾* [21:87] - الأنبياء ،


▪️فيا عبد الله إياك إياك والظلم لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا ، فالظلم عقباه فالظلم عقباه ترجع إلى الندمِ فالظلم عقباه ترجع إلى الندمِ فأنت تنام والمظلوم لا ينام يدعو عليك وعين الله لا تنامِ 

فيا عبد الله إياك إياك والظلم فإن من ظلم فان العقوبة ستلاحقه في الدنيا والأخرة وسنة الله جارية في كل من ظلم فان الله يهلكه ويدمره في الدنيا قبل الأخرة ..


▪️اللهم اعز الاسلام والمسلمين وانصر الاسلام والمسلم ودمر اعدائك اعداء الدين 

اللهم ولي علينا الاخيار واصرف عنا الاشرار 

اللهم من ارادنا او اراد بلدنا بسوء اللهم فاشغله في نفسه واجعل تدبيره تدميرا عليه يا رب العالمين ويا ارحم الراحمين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار اقم الصلاة ..


 ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا

سبتمبر 25, 2021

هذه نعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (قصة)


قصة


 " دخل رجل على الخليفة المهدي ومعه نعل، فقال: هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهديتها لك، فقال: هاتها، فناوله إياها، فقبلها، ووضعها على عينيه، وأمر له بعشرة الآف درهم، فلما انصرف الرجل قال المهدي: والله إني لأعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ير هذه النعل، فضلًا عن أن يلبسها، ولكن لو رددته لذهب يقول للناس: أهديت إليه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها علي، فتصدقه الناس، لأن العامة تميل إلى أمثالها، ومن شأنهم نصر الضعيف على القوي وإن كان ظالما، فاشترينا لسانه بعشرة آلاف درهم، ورأينا هذا أرجح وأصلح " .

(البداية والنهاية ) 

*قال احد الفقهاء تعليقاً على هذا النقل 

*هذا الخليفة كان:

◉- فقيهاً بالواقع والمتوقع. 

◉- وبالحال والمآل. 

◉- وبالأشباه والنظائر. 

◉- وبالمنع والعطاء. 

◉- وبدفع المفسدة الكبرى بالصغرى. 

◉- وبأحوال العامة والخاصة. 

◉- وبالصدق والكذب من الأخبار والأحداث. 

◉- وبأسباب حفظ الكبار من حسد الصغار. 

◉- وبالعلم بقواعد الترجيح والتصحيح. 

◉- وبالتواضع عند ذكر النبي المختار. 

*فهذه عشرة كاملة اجتمعت من موقف واحد من مواقف التاريخ الإسلامي .

2021/07/02

يوليو 02, 2021

الجمع بين حديثي عائشة وحفصة في صيام تسع ذي الحجة

العشر من ذي الحجة


 الجمع بين حديثي عائشة وحفصة في صيام تسع ذي الحجة


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد، وعلى وآله وصحبه، أما بعد:


فما أن يدخل على الناس شهر ذو الحجة من كل عام حتى يدور نوع من الخلاف حول صيام تسع ذي الحجة الأول، فمن قائل بسُنيَّة الصوم فيها، ومن قائل: لا نعلم دليلًا للصوم في هذه الأيام، إلا ما ورد بشأن صوم يوم عرفة لغير الحجاج، والخلاف ذلك لورود حديثين ظاهرهما التعارض في ذلك الشأن.


أولهما: حديث مثبت للصوم وهو حديث أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها؛ ففي سنن أبي داود (2437)، وأحمد (22334) (26468) (27376)، والنسائي في الكبرى (2739) عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ امْرَأَتِهِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ».


وأخرج النسائي في "الكبرى" (2737)، وفي "السنن الصغرى" (2416) عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: أَرْبَعٌ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ عَاشُورَاءَ، وَالْعَشْرُ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَينِ قَبْلَ الْغَدَاةِ»، وفي الصغرى كذلك برقم (2418) عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ امْرَأَتِهِ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ الْعَشْرَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ».


وثانيهما: حديث ينفي صوم النبي صلى الله عليه وسلم لعشر ذي الحجة؛ وهو ما أخرجه مسلم في صحيحه برقم (1176) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ».


توجيه العلماء والمحققين لحديث عائشة رضي الله عنها:


(1) أنها نفت علمها ولم تنفِ علم غيرها.


قال المناوي في "فيض القدير" (5 /474): وأما خبر مسلم عن عائشة لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم صائمًا العشر قط، وخبرها ما رأيته صامه، فلا يلزم منه عدم صيامه؛ فإنه كان يقسم لتسع فلم يصمه عندها وصامه عند غيرها؛ كذا ذكره جمعٌ، وأقول: ولا يخفى ما فيه؛ إذ يبعد كل البعد أن يلازم في عدة سنين عدم صومه في نوبتها دون غيرها، فالجواب الحاسم لعرق الشبهة أن يقال: المثبت مقدم على النافي على القاعدة المقررة عندهم، وزعم بعض أهل الكمال أن الرواية في خبر عائشة (يُرَ) بمثناة تحتية وبنائه للمجهول، ثم إن هذا الحديث عورض بخبر البخاري وغيره: ما العمل في أيام أفضل منها... انتهى.


(2) أنها نفت صيامه صلى الله عليه وسلم على وجه الوجوب:


قال الأثرم: فأما حديث عائشة الأول، فإنه ليس فيه بيان مذهب، وذلك أنها لما حكت أنها لم تره صائم العشر، فقد يكون ذلك على أنها لم تره هي، ورآه غيرها، وذلك أنه إنما كان يكون عندها في الأيام يومًا، وقد يكون ذلك على أن يكون لم يصم العشر على أنه ليس بواجب، ومن صامه فله فضل، فليس في هذا بيان؛ [ناسخ الحديث ومنسوخه ص (180)].


وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ الَّذِي ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مَا لَفْظُهُ: وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى فَضْلِ صِيَامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِانْدِرَاجِ الصَّوْمِ فِي الْعَمَلِ، قَالَ: وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا الْعَشْرَ قَطُّ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ كَانَ يَتْرُكُ الْعَمَلَ، وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ.


(3) أنها نفت صيامه لعذرٍ عارض:


قال النووي: فَيُتَأَوَّلُ قَوْلُهَا لَمْ يَصُمِ الْعَشْرَ أَنَّهُ لَمْ يَصُمْهُ لِعَارِضِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَرَهُ صَائِمًا فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُ من ذَلِكَ عَدَمُ صِيَامِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ حَدِيثُ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ امْرَأَتِهِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ الِاثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ؛ انتهى؛ [شرح مسلم للنووي (8 /72)].


(4) المثبت مقدم على النافي:


قال البيهقي بعد تخريج الحديثين: "والمثبتُ أَولى من النَّافي"؛ [السنن الكبرى للبيهقي (4/ 285) ].


قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (4 / 1413): إِذَا تَعَارَضَ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ فَالْإِثْبَاتُ أَوْلَى ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَفِيهِ أَنَّ الْإِثْبَاتَ أَوْلَى عَلَى فَرْضِ الْإِثْبَاتِ، وَأَمَّا عَلَى احْتِمَالِهِ فَلَا مَعَ بُعْدِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ، وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَيَّامِ أَوْقَاتُ نَوْبَتِهَا وَقَوْلُهَا قَطُّ يَنْفِي الْقَوْلَ بِحَمْلِ الرُّؤْيَةِ عَلَى الرُّؤْيَةِ الْعِلْمِيَّةِ، وَأَيْضًا عَدَمُ صِيَامِهِ لَا يُنَافِي كَوْنَهَا سُنَّةً لِأَنَّهَا كَمَا تَثْبُتُ بِالْفِعْلِ تَثْبُتُ بِالْقَوْلِ، وَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَغَّبَ فِي صِيَامِهَا بِمَا ذَكَرَ مِنَ الثَّوَابِ، وَلَعَلَّهُ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي اخْتِيَارَ الْفِطْرِ عَلَى الصَّوْمِ، وَلِذَا مَا كَادَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، مَعَ أَنَّهُ قَالَ: أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الْآتِي بَعْضُ مَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّهُ رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ تِسْعَ الْحِجَّةِ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَصُومُهَا أَحْيَانًا؛ انتهى.


 


(5) نفي عائشة رضي الله عنها لصيام التسع كلها لا لبعضها:


قال السندي في حاشيته على ابن ماجه (1 /527): قَوْلُهُ: (صَامَ الْعَشْرَ قَطُّ) لَا يُنَافِي صَوْمَ بَعْضِهَا.


قال الشيخ أبو الحسن المباركفوري في "مرعاة المفاتيح "(7 /52): وقيل: المراد نفي جميع العشر وفيها يوم العيد، وهذا لا ينافي صوم بعضها، وقيل: يحتمل أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل في بعض الأحيان، وهو يحب أن يعمله خشية أن يظن وجوبه.


وقال الحافظ ابن رجب في "لطائف المعارف" (ص 262): إذا اختلفت عائشة وحفصة في النفي والإثبات، أخذ بقول المثبت؛ لأن معه علمًا خفي على النافي، وأجاب أحمد مرة أخرى بأن عائشة أرادت أنه لم يصم العشر كاملًا، يعني وحفصة أرادت أنه كان يصوم غالبه، فينبغي أن يصام بعضه ويفطر بعضه، وهذا الجمع يصح في رواية من روى ما رأيته صائمًا العشر؛ انتهى.


(6) تأويل حديث عائشة رضي الله عنها على لفظ: لم يُرَ أو "ما رُئيَ "، ويكون معناه: ما رآه غيري صائمًا؛ جاء في "العرف الشذي" للكشميري (2 /180): وقيل: إن في رواية عائشة تصحيفًا، والأصل ما رُئيَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي ما رآه صائمًا غيري؛ أي: غير عائشة، والله أعلم.


قلت: وهو تأويل بعيد لا تسانده الرواية.


(7) صام النبي فاطلعت حفصة وحفظته، وخفي عن عائشة، أو نسيته:


جاء في "مجلة البحوث الإسلامية" (55 /110) في الجمع بين الحديثين: كان يصوم العشر في بعض الأحيان، فاطلعت حفصة على ذلك وحفظته، ولم تطلع عليه عائشة، أو اطلعت عليه ونسيته.


(8) صام بعضها في بعض السنوات، وصامها كلها في بعض السنوات، وتركها في بعض السنين لعارض.


قال في المجموع شرح المهذب ( 6/ 388): كَانَ يَصُومُ بَعْضَهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَكُلَّهُ فِي بَعْضِهَا وَيَتْرُكُهُ فِي بَعْضِهَا لِعَارِضِ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الأحاديث؛ انتهى، وقال الحافظ في "فتح الباري" (2 /460): وَاسْتُدِلَّ بِهِ([1]) عَلَى فَضْلِ صِيَامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِانْدِرَاجِ الصَّوْمِ فِي الْعَمَلِ، وَاسْتَشْكَلَ بِتَحْرِيمِ الصَّوْمِ يَوْمَ الْعِيدِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا الْعَشْرَ قَطُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ كَانَ يَتْرُكُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ؛ كَمَا رَوَاهُ الصَّحِيحَانِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا؛ انتهى، وقال ابن الملك الكرماني في "شرح المصابيح" (2 /539):


وقالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيتُ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم صائمًا في العشر"؛ أي: من أول ذي الحجة.


"قط": وهذا لا ينفي كونه سنة؛ لأنه جاز أنه عليه الصلاة والسلام صامها قبل تزوُّجِهِ بعائشة رضي الله عنها، أو لم يصمْ في نوبتها، فإذا تعارضَ النفيُ والإثباتُ، فالإثباتُ أولى.


قال أبو العباس القرطبي: وترك النبي صلى الله عليه وسلم صومه إنما كان والله أعلم لما قالته عائشة رضي الله عنها في صلاة الضحى: أنه صلى الله عليه وسلم كان يدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشيةَ أن يعمل به الناس، فيُفرض عليهم، ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم لم يوافق عشرًا خاليًا عن مانع يمنعه من الصيام فيه، والله تعالى أعلم؛ [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (10 /27)].


(9) تأويل حديث حفصة رضي الله عنها المثبت للصوم: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة » بأن المراد به اليوم التاسع فقط.


ويجاب عنه بأن الحديث عند النسائي بلفظ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ الْعَشْرَ»؛ سنن النسائي (2418).


وقال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري: ويمكن أن يكون مراد عائشة رضي الله عنها من نفي صومه صلى الله عليه وسلم في العشر، نفيه في جميع العشر، لا في بعض يوم منه، ويكون مراد حفصة من التسع اليوم التاسع خاصة، وكذلك يكون مراد بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من العشر اليوم المعهود الذي يهتم بصيامه في العشر، وهو اليوم التاسع يوم عرفة، والله أعلم؛ [منة المنعم في شرح صحيح مسلم (2 /211)].


(10) حمل حديث عائشة على صوم تسع وإفطار العاشر، وهو يوم النحر، ويصدق على عدم الصوم في العشر مطلقًا، وهذا مقصود عائشة ليتوافق مع الرواية الأولى؛ ["فتح المنعم بشرح صحيح مسلم" للدكتور موسى شاهين (5 /78)].


والله تعالى وحده من وراء القصد

2021/07/01

يوليو 01, 2021

بعض المقاصد الشرعية في الفرحات العيدية

 بعض المقاصد الشرعية في الفرحات العيدية 
بعض المقاصد الشرعية في الفرحات العيدية

      ️للشيخ الفاضل 
أبي محمد عبد  السلفي الريمي 
   حفظه الله تعالى

الحمد لله وأشهد آن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد آن محمدا عبده ورسوله وصفِيُه من خلقه وخليله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ثم أما بعد 

فيا معاشر المسلمين نحمد الله جل وعلا اولاً على هذِه النعم المتجددة المتتالية المتكاثرة النازلةً الحاصلة فينا قلوبا وأجسادا وموطنا أمنا وأمانا سكينة واوقارً وإطمئنانا فنحمده جل وعلا على هذه النعم وأمثالها ونسأله جل وعلا آن يوزعنا شكرها على الوجه الذي يرضيه عنا .

ثم أقول ثانيا لقد جاءت هذه الجموع إلى هذا المسجد المبارك تاركةً مصلى عيدها الذي فيه تتجلى سنة نبيها محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما أتت إلا إعملاً لرخصتها الشرعية ليعلم آن ديننا دين سُهولة ويسر لا مشقة فيه ولا أغلال ولا أثار والمشقة تجلب التيسير ومن تيسر أمره لمشقة نازلة فله أجر العمل إن كان قبل المشقة فله أجر الإتباع والإمتثال عند آن يأخذ بالعزيمة وله أجر إمتثاله إذا أخذ بالرخصة فنبينا ﷺ يقول إن الله يحبُ أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه 

ولذلك أيها المسلمون في هذا المقام العيدي المبارك نتساءل قائلين لماذا شرع العيد وما هي المقاصد الشرعية والدينية التي من أجلها شرعت هذه الفرحة بهذه المعاني التعبدية? الجواب عن هذا التساؤل في مقامنا هذا آن نبينا صلى الله عليه وعلى اله وسلم قد بين ذلك في سنته المطهرة وذلك عند أن قدم المدينة النبوية وجد القوم وهم يلعبون ولهم أيام فيها يلهون ويفرحون ويمرحون فقال ما هذا الذي أنتم تفعلون فقالوا إنهما يومان من أيام الجاهلية نلعب فيهما أي هذان عيدان لأهل الجاهلية فيهما يلعبون وفيهما يفرحون وفيهما لمسرتهم يظهرون فحينها قال نبينا صلى الله عليه وعلى اله وسلم لقد أبدلكم الله بخير منهما لقد أبدلكم الله بيومين خير من هذين اليومين هما عيد الفطر والأضحى أخرجه ابو داوود عن أنس إبن مالك رضي الله عنه 

فدل هذا الحديث على آن من مقاصد شرعية هذه الأعياد الإسلامية وهما الفطر والأضحى آن فيهما مخالفة لأهل الجاهلية وآن هذه بدائل إسلامية شرعية وآن الأمة المحمدية تتميز بخصائصها وتتميز بصفاتها وتتميز بما هي عليه عقيدة ومنهاجا لا تتشبه بأعدائها ولا ترضى آن تحيي شعائر إعدائها فإيام الجاهليين كانت أيامهم فيها ما فيها من طقوسهم وعاداتهم وا مألُفتهِم ومخترعات عقولهم وسخافات موروثاتهم فجاء الدين والإسلام بتأصيل الأصول وتقعيد القواعد التي ليس بها وصول إلا إلى الله عن طريق النبي محمد صلى الله عليه وعلى أله وسلم فما من أمة إلا ولها أعيادها في أعيادها تظهر زينتها وتحيي شعائرها وتفتخر بإمجادها وأمة الإسلام لها عيداها فيهما تظهر شعائرها فيهما تظهر قوتها فيهما تظهر شوكتها فيهما تظهر عزتها فيهما تظهر أواصرها ومتانة بنيانها فيهما يظهر شموخها ورِفعة هذه الأمة إنها أمة عزة وإعتزاز بدين الله عز وجل لا تقتدي بغيرها ولا تتشبه بغيرها من الجاهليين ولا من المشركين ولا من الكافرين ولذلك أخبر نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن أمة الإسلام قد اُبدلت بعيدين ويومين هما خير من أعياد الجاهليين وخير من أعياد المشركين ومن أعياد اليهود والنصارى عيدنا عيد الأضحى عيدنا عيد الفطر هذان العيدان فيهما تظهر المخالفة الواضحة للمشركين وما كانوا عليه للجاهليين وما يدعون إليه فلقد كانت لهم أعيادهم وأسواقهم ومنتدياتهم الثقافية والشعرية والجماهيرية وها هو عيدنا أمة الإسلام عيد خير وبركة وإن عام عيد فرحات شرعية ومسرات دينية 

فمن مقاصد هذا العيد آن يظهر  المسلمون بعزتهم وقوة شوكتهم وبعدتهم وأعدادهم فلقد كان نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم يترك مسجده ويخرج ليصلي في مصلى العيد فيذهب إلى مصلى عيده من طريقه ويعود من طريق آخرى لإرغام المشركين ولإرغام المنافقين لترى أمة الشرك وأمة الجهالة والحماقة لترى آن أمة الإسلام لها أعدادها الغفيرة ولها جماهيرها الكثيرة التي تعلن وحدانية رب العالمين التي ما خرجت إلا لأنها إعتزت بكلمة لا إله إلا الله وبكلمة إتباع لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولذلك سنة لكل مسلم إن خرج إلى مصلى عيده من طريق وأن يعود إلى بيته من طريق آخرى لتشهد السكان والمساكن والعمار والخلائق أجمع آن هذه الجماهير توجهت إلى مصلى عيدها وأتت من مصلى عيدها ماذا أرادت? أرادت آن تعظم شعائر ربها وشعائر دينها وآن تظهر بعزتها وقوتها وشكيمتها وشوكتها وما هي عليه 

ولذلك معاشر المسلمين من مقاصد مشروعية العيد آن تتكاتف الأكتاف وآن تشتد السواعد وآن يقف المسلم بجانب أخيه المسلم ساقاً إلى ساق وجنباً إلى جنب كتفاً إلى كتف لحماً إلى لحم عظماً إلى عظم في مقام العبودية لله ع

ز وجل لنعلم آن من المقاصد هو توحيد الأمة وتقوية الأواسر والروابط الدينية وآن تنصهر في هذه المقامات قوالب الطائفية وقوالب الحزبية وقوالب العنصرية الجاهلية ولذلك كلنا من أدم وأدم من تراب فإن كان لنا فخرُّ فاصلنا الذي به نفتخر هو الماء والطين الكل أبوهم أدم وأمهم حواء وما إختلاف الا وجه والالسن والألوان والأشكال والأجسام والأحجام إلادليل على آيات الله الباهرة وعلى مخلوقاته الظاهرة 
﴿ وَمِن آياتِهِ خَلقُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَاختِلافُ أَلسِنَتِكُم وَأَلوانِكُم َ ﴾ [30:22] - الروم  

فهي آيات ليست ميزان إلا للمعتبرين المتعظين الذين ينظرون في سواد الوجوه وبياضها قدرة الله فيما خلق وفيما صنع لا ينظرون نظرة تعالً لأبيض على أسود ولا لأحمر على أبيض ولا لنظرة ترفع بِأس الخلقة فالخلقة وأحدة والأجساد وأحدة وبإختلافها إلا دليل على قدرة القدير العلي الكبير جل وعلا وإلا أصل التفاخر هو بالتقوى

إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقاكُم إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ ﴾ [49:13] - الحجرات 
﴿ يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقناكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثى وَجَعَلناكُم شُعوبًا وَقَبائِلَ   ﴾ [49:13] - الحجرات
 لماذا? لِتَعارَفوا لا لتفاخروا ولا لتنافروا كما كان الجاهليون يتفاخرون ويتناحرون ويتشاجرون طلبا للمفاخرة وبحثا عن المناصرة 

فمن مقاصد العيد معاشر المسلمين آن نعلم أننا إخوة إخوة عقيدة ودين لا تفرقنا عنصريات ولا طائفيات ولا حزبيات وإنما يجمعنا كتاب الله وتجمعنا سنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سيرآ على درب السابقين الذين أتى إليهم هذا الدين وكانوا على جاهلية جهلاء فوحد الله قلوبهم وجمع كلمتهم وأعزهم لا بعروبتهم ولا بِأجناسهم وشعوبهم ولكن بدينهم واتباعهم لرسولهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم ﴿ وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا  ﴾ [3:103] - آل عمران

صرتم إخوانا بنعمة الله إخوة على ضفاف الشريعة الإسلامية وعلى أعتاب السنة المحمدية إتباعا وانِتهاجا واقتداء أمة الإسلام 

من مقاصد مشروعية العيد آن يتزين المسلمون وآن يظهروا بكامل زينتهم إعلانا إلى آن ديننا دين نظافة ودين طهارة فلا أوساخ لا قلبية ولا جسدية فلي ذلك من تطهر قلبه وتطهرت ثيابه فهذا نقي الثوب والقلب ومن طهر الثياب وقلبه متسخ فلا ينفعه حسن ثيابه مع ردائة قلبه فالمقاصد الشرعية من إظهار الفرحة وتحنو في زينتنا العيدية آن نعلم أننا كما تزينت ظواهرنا ينبغي آن تتزين بواطننا فزينة الباطن مقدمة على زينة الظاهر ودين الإسلام إنه دين ظاهر وباطن. دين مناظر ومخابر فالرجال مخابر في الأصل لا مناظر ولكن إذا أجتمع المنظر مع حسن المخبر فهذا العبد يكون قد وصل إلى الدرجات الرفيعة فالمقصود من لبسنا ومشروع تزيننا في يوم عيدنا آن نظهر بهذا الجمال الذي يدعو إلى جمال الباطن جمال الظاهر داع الى جمال البواطن 

ولذلك معاشر المسلمين أيضا من المقاصد الشرعية آن تظهر الأمة المحمد والأمة الإسلامية أنها ظاهرة في هذا الدين ﴿ هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ ﴾ [9:33] - التوبة

وكفى بالله شهيدا لأمة الإسلام آن دينها ظاهر وآن سنة نبيها ظاهرة وقاهرة وأن ألمت بإفرادها غربة زمان او مكان فإنهم بالعقيدة الصحيحة والإنتهاج والإقتداء السليم لنبيهم صلى الله عليه وعلى اله وسلم 

ظاهرون ولن تقوم الساعة أمة الإسلام لن تقوم الساعة إلا على شرار الخلق وما دامت الدنيا باقية فلا يزال الحق باق وناطق وإن تحالف الأعداء وأن تجمع أعداء المسلمين لضرب المسلمين وإهانة المسلمين فلا تزال في المسلمين بقية باقية يقول صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي اُمر الله وهم على ذلك رواه البخاري ومسلم وغيرهما 

نعم أمة الإسلام ولذلك هذه المظاهر المباركة وهذه الجموع الغفيرة إنها تعلن تعظيمها لشعيرة من شعائر هذا الدين ﴿ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرلَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ ﴾ [22:32] - الحج

أيضا علمنا بعض المقاصد الشرعية من مشروعية العيد ومن مشروعية الفرحة العيدية لنعلم أننا منهيون من آن نملأ ظرف العيد ووقته بمعاص أو مخالفات شرعية فالأغاني والموسيقى والطرب والزمر وغيرها من الألات اللهو إنها محرمة عموماً وفي آيام الفرحة العيدية خصوصاً أنت تفرح بفضل الله ورحمة الله فافرح لتعظم شعائر الله ام أنت تأتي تبارز رب العالمين بالمعاصي الله دعانا إلى هذه الفرحة وشرعها لنا فكيف نُقابل دعوة الله بمعصيته جل وعلا أيحق لعاقل آن تراه طرباً مع أصوات الأغاني الموسيقى في أيام عيده إن هذا لا يرتضى منه في غير العيد فكيف يشاقق ربه ويشاقق نبيه بأن يظهر في يوم عيده بمظهر العاصي الاشر البطل المتكبر المتعالي على شرع و

دينه فإن هذا صنف لا يتأتى منه هذا الفعل إلا وقد أتبع هواه وا أغواه شيطانه فتبع شيطانه ولم يتبع رسوله وخالقه ومولاه فيما شرعه له لنعلم معاشر المسلمين ان فرحات الشرعية ينبغي آن يستشعر فيها عظيم المنة الإلهية وما أنعكس الأمر وسخرا الفرحة العيدية للمعاصي فإن هذا إمرئُ فيه جاهلية ماذا كانت عليه أعياد الجاهل كانت تقوم على مخالفات شرعية منها الشركيات ومنها البدعيات ومنها الخرافيات ومنها المعاصي والمنكرات فهل يتأتى لعبد مسلم يؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يأتي في يوم العيد آن يبارز رب العالمين بتلك المعصية هذا لا يتأتى لعاقل ابدا فكيف لجميع المسلمين أو لبعضهن 

نعم أمة الإسلام المقاصد الشرعية من الفرحات العيدية ينبغي آن نعلمها وآن نتعلم وآن نتذاكرها في مسجدنا وفي بيوتنا وفي ملتقياتنا وآن يكون حديثنا في أيام التشريق هو عن المقاصد الشرعية تأمرا وتفكرا وتدبرا وتعلما وتعليما فقد يبدو لك من المقاصد الشرعية ما لم أذكره لك الأن

 فقد يتأتى لك آن تتأمل في المقاصد الشرعية من هذه الفرحة العيدية ما يقوي إيمانك ويقوي صلتك بالله عز وجل وبدينك وبنبيك محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومما اُختم به مقامي من ذكر بعض الخصائص والمقاصد لمشروعية العيد خصوصا عيد الأضحى آن نتذكر آبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام وقد ضحى  بولده إسماعيل عليه السلام إمتثالا لأمر الله ثم صدى الله إسماعيل بذبح عظيم لما حصل إمتثال من إبراهيم ومن ولده إسماعيل كان الفداء من رب العالمين آن يإبراهيم قد صدق الرؤي
أنت يإبراهيم عملت برؤي وأنت يإسماعيل إمتثالة لأمر أبيك والكل ﴿ فَلَمّا أَسلَما وَتَلَّهُ لِلجَبينِ(103)وَنادَيناهُ أَن يا إِبراهيمُ ﴾ [37:104] - الصافات

فلما أسلما أسلم الولد وأسلم أبوه أسلما أمرهما لله عز وجل  في آن يتقرب إبراهيم بذبح إسماعيل إمتثال لأمر الله عز وجل فلما تحقق الإمتثال إذا بالله عز وجل يخاطب نبيه إبراهيم انه قد صدق الرؤيا وجزاؤه هو جزاء المحسنين وأنه قد فدى الولد إسماعيل بذلك الذبح العظيم فالحنيفية الإبراهيمية نتذكرها في مثل هذا المقام وفي مثل هذا العيد آن نتذكر آبانا إبراهيم وإمتثاله أمر الله وان نتذكر آبانا إسماعيل وإمتثاله امر الله هكذا الأنبياء وهم القدوة والأسوة لاتباعهم ﴿ لَقَد كانَ لَكُم في رَسولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ  ﴾ [33:21] - الأحزاب

إذا أمة الإسلام نراجع تاريخنا وسيرة نبي في أيام عيديه خصوصآ ونتأمل لماذا لم يشرع إلا هذان العيدان 
لما لم يجعل ليوم الهجرة عيداً 
ولما لم يجعل لغزوة بدر الكبرى عيداً 
ولماذا لم تجعل أعياد من قبل اصحابه لقادسيه واليرموك 
ولماذا لم يجعل التابعون اعيادا لحطين وعين جالوت وغيرهن من المعارك الإسلامية الفاصلة التي ظهرت فيها عز الإسلام وأمجاد المسلمين لأنهم علموا آن العيد عبادة وآنه لا يشرع عيده إلا بدليل شرعي وما لم يقم على دليل فليس من ديننا فليس من ديننا هذان عيدان ليس لهما ثالث سوى يوم الجمعة وإلا فلا عيد لأمة الإسلام تتقرب به إلى الله إلا الفطر والأضحى ومن أتى بغيرهما فبغير نبيه قد أقتدى ولم يعمل بما في كتاب المولى جل وعلا

إذا أيها المسلمون عودوا من مسجدكم ومن صلاة عيدكم وأنتم تحملون الفرحات والمسرات وأنتم عائدون إلى أهاليكم متسامحون حلماء حكماء تعفون تصفحون من كان مختصما مع قريب فليسامح في هذا اليوم وليصافح ومن كان مختصما مع زوجه فليفتح صفحة جديدة ومن كان مختصما مع جار فليحسن إلى جاره ومن كان له علاقات سيئة بالأخرين فهو مدعو في يوم عيده خصوصا ان يجعل قلبه قلبا سعيدا بيوم العيد لا كئيبا بما فيه من الأصال ومن الغل والحقد والكراهية

 إذا من السعيد في يوم العيد هو الذي سعد بطاعة الله هو الذي سعد بصفاء قلبه ونقاء فؤاده فمن كان عاص لله فلسع عنده ومن كان قلبه مليئا بالأمراض من حسد وحقد وغل وكراهية للدين والمتدينين فهذا ليس سعيدا في يوم عيده وآن أظهر الشهادة فقد أظهرها أعداؤنا من اليهود والنصارى في أعيادهم ولاكنا اعيادتهم كاذبه

 إنها سعادات كاذبة أخطأوا طريق السعادة بافعالهم تلك ولا سعادة إلا باتباع كتاب الله والإقتداء بنبينا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم 

أمة الإسلام هنيئا لمن وفقه الله إلى آن
 يأتي لاداء هذه العبادة وأظهارها للفرحة وتعظيم هذه الشعيرة خلافا للنائمين خلافا للكسالى والمتساهلين خلافا لمن قدموا لذائذ النوم على تعظيم الشعيرة وإظهار الفرحة اي عيد لدى النائمين عن صلاةالفجر وصلاة العيد اي سعادة في قلوب هؤلاء اي سعادة في البيوت المليئة بالمعاصي والمخالفات الشرعية اي سعادة لأمة وهي ذليلة مهينة بمعاصيها لا بطاعتها فالطاعة عز والمعاصي ذل 

أمة الإسلام هذا عيد اضحى مبارك والرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا اهل الإسلام أيام أكل وشرب وذكر لله هذه يوم عرفة ويوم النحر الذي نحن فيه اليوم ويوم النحر وايام التشريق وهي ثلاث أيام بعد يومنا هذا يوم

العيد كلها تعتبر أيام عيد ولكن غرة جبينها هو يوم نحرنا يومنا هذا يوم أضاحي هذه الأيام الخمسة إنها أعيادنا يا أهل الإسلام أعيادنا يا أهل الإسلام فماذا ينبغي ان يفعل فيها ما سمعتم أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل اي وسعوا على أنفسكم وعلى اولادكم وذويكم باللحوم والشحوم وأنواع الأطعمة والأشربة المباحة من غير إشراف ومن غير تبذير ﴿ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ ﴾ [7:31] - الأعراف

وأيضا عند ان تأكلوا وتشربوا لا تغفلوا عن ذكر الله أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل

أسأل الله بمنه وكرمه وجوده وإحسانه وفضله وامتنانه آن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه وآن يجنبنا ما يسخطه ويأبى ونسأله كما جمعنا في هذا المسجد المبارك يجمعنا تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله 

اللهم انا نسألك الا تفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور وسعي مشكور وتجارة رابحة لا تبور
اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين 
اللهم أشفي مرضانا ومرضى المسلمين 
اللهم أجمع كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين
اللهم عليك باعدائك واعدائنا اعداء الدين 
اللهم اكفنا شرهم 
اللهم اكفنا شرهم بما شئت وكيف شئت يا عزيز يا حكيم ونسألك اللهم تؤمن بلادنا وسائر بلدان المسلمين وان تحقن دمائنا ودماء المسلمين وان تبلغنا بيتك الحرام حجاجا ومعتمرين وان تبلغنا المسجد الاقصى فاتحين وزائرين يا رب العالمين ويا أحكم الحاكمين ولا حول ولا قوة إلا بك فأنت المستعان

❄ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا❄
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••

2019/04/14

أبريل 14, 2019

تحويل القبلة (دروس و عبر)


تحـويل القبـلة
دروس وعبر

إن لحادثة تحويل القبلة أبعادًا كثيرة؛ منها: السياسي، ومنها العسكري، ومنها الديني البحت، ومنها التاريخي؛ فبعدها السياسي أنها جعلت الجزيرة العربية محور الأحداث، وبُعدها التاريخي أنها ربطت هذا العالم بالإرث النبوي لإبراهيم عليه السلام، وبُعدها العسكري أنها مهدت لفتح مكة، وإنهاء الوضع الوثني في المسجد الحرام؛ حيث أصبح مركز التوحيد بعد أن كان مركزًا لعبادة الأصنام، وبُعده الديني أنها ربطت القلب بالحنيفية، وميزت الأمة الإسلامية عن غيرها، والعبادة في الإسلام عن العبادة في بقية الأديان.



دروس وعبر من تحويل القبلة:

1- محنة وابتلاء:

وكان لله عز وجل في جعل القبلة إلى بيت المقدس، ثم تحويلها إلى الكعبة حكم عظيمة ومحنة للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين.



فأما المسلمون، فقالوا: سمعنا وأطعنا، وقالوا: آمنا به كل من عند ربنا، وهم الذين هدى الله ولم تكن كبيرة عليهم، وأما المشركون، فقالوا: كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا، وما رجع إليها إلا أنه الحق، وأما اليهود فقالوا: خالف قبلة الأنبياء قبله، ولو كان نبيًّا، لكان يصلي إلى قبلة الأنبياء، وأما المنافقون، فقالوا: ما يدري محمد أين يتوجه إن كانت الأولى حقًّا، فقد تركها، وإن كانت الثانية هي الحق، فقد كان على الباطل، وكثُرت أقاويل السفهاء من الناس، وكانت كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ﴾ [البقرة: 143]، وكانت محنة من الله، امتحن بها عباده؛ ليرى من يتبع الرسول منهم ممن ينقلب على عقبيه.



ولقد ابتلي المسلمون الأوائل بهذا الحدث أيَّما ابتلاء، فثبتوا - رضي الله عنهم - ما ضرتهم حرب اليهود الإعلامية، ليضرب الصحابة - رضوان الله عليهم - القدوة والأسوة في مواجهة الابتلاء، ولقد علمونا - رضي الله عنهم - الصبر على ألوان ومجالات الابتلاء، بدايةً بابتلاء السجن والحصار والتعذيب في رمضاء مكة، وحتى الصبر على الترسانة الإعلامية اليهودية.



2- تحويل القبلة دلالة على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم:

اخبر الله تعالى بما سيقوله اليهود عند تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة؛ من إثارة الشكوك والتساؤلات قبل وقوع الأمر، ولهذا دلالته، فهو يدل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؛ إذ هو أمر غيبي، فأخبر به قبل وقوعه، ثم وقع، فدل ذلك على أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول يخبره الوحي بما سبق، وهو يدل أيضًا على علاج المشكلات قبل وقوعها؛ حتى يستعد المسلمون ويهيؤوا أنفسهم لهذه المشاكل للتغلب عليها والرد عليها، ودفعها، فإن مفاجأة المكروه على النفس أشق وأشد، والجواب العتيد لشغب الخصم الألد.



3- ضرورة تميز المسلمين عن غيرهم.



4- لم يكن بد من تمييز المكان الذي يتجه إليه المسلم بالصلاة والعبادة وتخصيصه؛ كي يتميز هو ويتخصص بتصوره ومنهجه واتجاهه، فهذا التميز تلبية للشعور بالامتياز والتفرد؛ كما أنه بدوره ينشئ شعورًا بالامتياز والتفرد.



5- ومن هنا كذلك كان النهي عن التشبه بمن دون المسلمين في خصائصهم، التي هي تعبير ظاهر عن مشاعر باطنة كالنهي عن طريقتهم في الشعور والسلوك سواء، ولم يكن هذا تعصبًا ولا تمسكًا بمجرد شكليات، وإنما كان نظرة أعمق إلى ما وراء الشكليات، كان نظرة إلى البواعث الكامنة وراء الأشكال الظاهرة، وهذه البواعث هي التي تفرق قومًا عن قوم، وعقلية عن عقلية، وتصورًا عن تصور، وضميرًا عن ضمير، وخلقًا عن خلق، واتجاهًا في الحياة كلها عن اتجاه.



كما روى "خالفوا المجوس"، وهو نهي عن التشبه في مظهر أو لباس، نهي عن التشبه في حركة، أو سلوك، ونهي عن التشبه في قول أو أدب، ثم هو نهي التلقي عن غير الله منهجه الذي جاءت هذه الأمة لتحقيقه في الأرض.



الأمة المسلمة اليوم في حاجة إلى التميز بشخصية خاصة لا تتلبس بشخصيات الجاهلية السائدة، والتميز بتصور خاص للوجود والحياة لا يتلبس بتصورات الجاهلية السائدة، والتميز بأهداف واهتمامات تتفق مع تلك الشخصية وهذا التصور، والتميز براية خاصة تحمل اسم الله وحده، فتعرف بأنها الأمة الوسط التي أخرجها الله للناس؛ لتحمل أمانة العقيدة وتراثها.



إن على الحركة الإسلامية أن تؤكد هذا التميز وهذه المفاصلة، وتربي شباب الدعوة على هذا الوضوح، وهذا الاستقلال عن الآخرين.



لقد تمت المفاصلة بين المسلمين واليهود، وأصبح للمسلمين قبلتهم الخاصة بهم نحو المسجد الحرام، إن الأمم التي تُريد أن تنهض، لا بدَّ أن يكون التمايز مكوِّنًا أساسيًّا من مكونات مشروعها الحضاري النهضوي.



6- الأمة الوسط:

يقول ابن كثير يقول الله تعالى: إنما حولناكم إلى قبلة إبراهيم عليه السلام، واخترناها لكم؛ لنجعلكم خيار الأمم؛ لتكونوا يوم القيامة شهداءَ الأمم؛ لأن الجميع معترفون لكم بالفضل، فهي أمة وسط في التصور والاعتقاد، وفي التفكير والشعور في التنظيم والتنسيق، والارتباطات والعلاقات، وفي المكان في سرة الأرض وأوسط بقاعها.



أمة وسط في التصور والاعتقاد، لا تغلو في التجرد الروحي ولا في الارتكاس المادي، إنما تتبع الفطرة الممثلة في روح متلبس بجسد، أو جسد تتلبس به روح، وتعطي لهذا الكيان المزدوج الطاقات حقه المتكامل من كل زاد، وتعمل لترقية الحياة ورفعها في الوقت الذي تعمل فيه على حفظ الحياة وامتدادها، وتطلق كل نشاط في عالم الأشواق وعالم النوازع، بلا تفريط ولا إفراط، في قصد وتناسق واعتدال.



أمة وسط في التفكير والشعور، لا تجمد على ما علمت وتغلق منافذ التجربة والمعرفة، ولا تتبع كذلك كل ناعق، وتقلد تقليد القردة المضحك، إنما تستمسك بما لديها من تصورات ومناهج وأصول، ثم تنظر في كل نتاج للفكر والتجريب، وشعارها الدائم: الحقيقة ضالة المؤمن أنَّى وجدها أخذها في تثبُّت ويقين.



أمة وسط في التنظيم والتنسيق، لا تدع الحياة كلها للمشاعر، والضمائر، ولا تدعها كذلك للتشريع والتأديب، إنما ترفع ضمائر البشر بالتوجيه والتهذيب، وتكفل نظام المجتمع بالتشريع والتأديب، وتزاوج بين هذه وتلك، فلا تكل الناس إلى سوط السلطان، ولا تكلهم كذلك إلى وحي الوجدان، ولكن مزاج من هذا وذاك.



أمة وسط في الارتباطات والعلاقات لا تلغي شخصية الفرد ومقوماته، ولا تلاشي شخصيته في شخصية الجماعة أو الدولة، ولا تطلقه كذلك فردًا أثرًا جشعًا، لا همَّ له إلا ذاته، إنما تطلق من الدوافع والطاقات ما يؤدي إلى الحركة والنماء، وتطلق من النوازع والخصائص ما يحقق شخصية الفرد وكيانه، ثم تضع من الكوابح ما يقف دون الغلو، ومن المنشطات ما يثير رغبة الفرد في خدمة الجماعة، وتقرر من التكاليف والواجبات ما يجعل الفرد خادمًا للجماعة، والجماعة كافلة للفرد في كافلة للفرد في تناسق واتساق.



أمة وسط في المكان في سرة الأرض، وفي أوسط بقاعها، وما تزال هذه الأمة التي غمر أرضها الإسلام إلى هذه اللحظة هي الأمة التي تتوسط أقطار الأرض بين شرق وغرب، وجنوب وشمال، وما تزال بموقعها هذا تشهد الناس جميعا، وتشهد على الناس جميعًا، وتعطي ما عندها لأهل الأرض قاطبة، وعن طريقها تعبر ثمار الطبيعة وثمار الروح والفكر من هنا إلى هناك، وتتحكم في هذه الحركة ماديها ومعنويها على السواء.



أمة وسط في الزمان تنهي عهد طفولة البشرية من قبلها، وتحرس عهد الرشد العقلي من بعدها، وتقف في الوسط تنفض عن البشرية ما علق بها من أوهام وخرافات من عهد طفولتها، وتصدها عن الفتنة بالعقل والهوى، وتزاوج بين تراثها الروحي من عهود الرسالات، ورصيدها العقلي المستمر في النماء، وتسير بها على الصراط السوي بين هذا وذاك.



وما أخر هذه الامة إلا اتخاذها مناهج وصبغات بديلة عن منهج الله، ورضيت لنفسها بمقام التابع لغيرها.



وحري بالمسلمين أن يعودوا إلى وسطيتهم التي شرفهم الله بها من أول يوم.



حري بمن استوردوا التشريعات والقوانين الوضعية العفنة أن يعودوا إلى وسطية الإسلام، وحَرِي بمن كفَّروا المسلمين، وفسَّقوا المصلحين أن ينهلوا من وسطية الإسلام.



7- التربية للصف المسلم:

فقد كان العرب يعظمون البيت الحرام في جاهليتهم، ويعدونه عنوان مجدهم القومي، فأراد الإسلام استخلاص القلوب لله وتجريدها من كل نعرة وكل عصبية غير الإسلام؛ كالأرض، والتاريخ، والعنصرية، فكما أسلم المسلمون وجههم إليها، وقد كان اليهود بعد الهجرة يتخذون هذا الوضع حجة لهم، فصدر الأمر الإلهي بالاتجاه إلى المسجد الحرام، ولكن ربط قلوب المسلمين بحقيقة أخرى هي حقيقة الإسلام، حقيقة أن هذا البيت بناه إبراهيم عليه السلام وإسماعيل.



امَّا سبب الموقِف، وعلَّة التحوُّل، فهو تجرُّد القلوب، واصْطِفاء النفوس، واجتباء الأرْواح، واستقلال التوجُّهات.



يُبيِّن الله الناسي من الذاكِر، والجاحِد من الشاكر، والمؤمِن من الكافر، والمُصلِح من المفسِد، والكاذِب مِن الصادق، والمتردِّد الخوار مِن الثابت المغوار؛ ا راد الله أن يُجرِّد القلوب مِن العوالق إلاَّ لله، وأن يُصفِّيَها من الجواذبِ إلاَّ لدِين الله.



8- صراع عداء لا جهل:

قال تعالى في معرض حديث الآيات عن القبلة ﴿ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ﴾ [البقرة: 145].



كثير من طيبي القلوب يظنون أن الذي يصد اليهود والنصارى عن الإسلام، أنهم لا يعرفونه، أو لأنه لم يقدم اليهم في صورة متقنة، وهذا ربما ينطبق على صغارهم، لكن كبارهم لا يريدون الإسلام؛ لأنهم يعرفونه، فهم يخشونه على مصالحهم وعلى سلطانهم، وهم دائمًا؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ﴾ [البقرة: 145].



إنهم لن يقتنعوا بأي دليل؛ لأن الذي ينقصهم ليس هو الدليل، إنما هو الإخلاص والتجرد من الهوى والاستعداد للتسليم بالحق إذا استبانوا طريقه.



﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 146].



وهنا ندرك أصالة العدوان اليهود للإسلام والمسلمين، فقد شنوا حربًا إعلامية ضارية في أعقاب حدث تحويل القبلة، ولقد فُتن ضعاف الإيمان كما فُتن إخوانهم في حادث الإسراء والمعراج، وإن المتأمل لآيات تحويل القبلة - وهي ترد شبهات اليهود - يتبين له مدى ضراوة الحرب الإعلامية والفكرية التي شنها اليهود.



وهكذا خاب وخسر من جرى يلهث في عصرنا خلف اليهود، وخاب وخسر من تمسح باليهود في تطبيع، أو ظن أن الحداقة تتصدق بكتاكيت!



9- سرعة الاستجابة والثقة في القيادة:

كم كان هؤلاء الصحابة - رضي الله عنه - في قمة التشريف لهذه الدعوة؛ عندما جاءهم خبر تحويل القبلة، انظر في صحيح البخاري عن البراء: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا - أو سبعة عشر شهرًا - وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وإنه صلى أول صلاة صلاها العصر، وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فمر على أهل المسجد وهم راكعون، فقال أشهد بالله، لقد صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل مكة، فداروا كما هم قبل البيت"، لقد تحولوا وهو في هيئة الركوع من قبلة بيت المقدس إلى اتجاه البيت الحرام، لقد علمونا - رضي الله عنهم - كيف نستقبل أوامر وتعاليم الإسلام.



بهذه الثقة في النهج وبهذه الثقة في القائد قادوا وسادوا وساسوا الدنيا.



يا قوم، فما بالنا نحينا أوامر الإسلام وتعاليم القرآن، وشككنا في أحكام الشريعة، وتنسمنا فساء الغرب، ونقبنا في مزابل العولمة!



إلى متى هذه الجفوة والفجوة بين المسلمين ومنهجهم؟ وإلى متى نستجيب إلى كل أشباه الحلول، ونرفض الحل الإسلامي؟ وإلى متى نستجيب إلى كل فكر إلى الفكر الإسلامي؟



فلنتحول كما تحول الصحابة في حادث تحويل القبلة، نتحول بكل قوة وثقة ورشاقة إلى منهج الإسلام بكلياته وجزئياته، كما تحول الغر الميامين وهم ركوع.



10- تحويل القبلة توحيد للأمة:

من كل اتجاه، في أنحاء الأرض جميعًا، قبلة واحدة تجمع هذه الأمة وتوحد بينها على اختلاف مواطنها، واختلاف مواقعها من هذه القبلة، واختلاف أجناسها وألسنتها وألوانها، قبلة واحدة، تتجه إليها الأمة الواحدة في مشارق الأرض ومغاربها، فتحس أنها جسم واحد، وكيان واحد، تتجه إلى هدف واحد، وتسعى لتحقيق منهج واحد، منهج ينبثق من كونها جميعًا تعبد إلهًا واحدًا، وتؤمن برسول واحد، وتتجه إلى قبلة واحدة.



وهكذا وحد الله هذه الأمة، وحدها في إلهها ورسولها ودينها وقبلتها، وحدها على اختلاف المواطن والأجناس والألوان واللغات، ولم يجعل وحدتها تقوم على قاعدة من هذه القواعد كلها؛ ولكن تقوم على عقيدتها وقبلتها، ولو تفرقت في مواطنها وأجناسها وألوانها ولغاتها.



إنها الوحدة التي تليق ببني الإنسان، فالإنسان يجتمع على عقيدة القلب، وقبلة العبادة، إذا تجمع الحيوان على المرعى والكلأ والسياج والحظيرة!


 مقالات ذات صلة
تحويل القبلة تأصيل للشخصية الإسلامية
معالم التمايز في تحويل القبلة
تحويل القبلة تميز وتجرد، تأدب واستقلال
من آثار تحويل القبلة: تجنب ثالوث العداوة وبيان وسطية هذه الأمة
لكل مجتهد نصيب
تحويل القبلة.. إظهار الأوراق وكشف الأبواق
العبرة من تحويل القبلة: التسليم والانقياد (خطبة)
تحويل القبلة دروس وعبر (خطبة)
تحويل القبلة حدث هام في تاريخ الإسلام والمسلمين
وحد القبلة (قصيدة)
من دروس تحويل القبلة: بيان مواقف السفهاء(مقالة - آفاق الشريعة)
تحويل القبلة: نظرات بين الواقع والتاريخ(مقالة - آفاق الشريعة)
تحويل القبلة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
خطبة عن تحويل القبلة(مقالة - ملفات خاصة)
تحويل القبلة وتميز الأمة وبيان خيريتها(مقالة - آفاق الشريعة)
الحكمة من تحويل القبلة(مقالة - آفاق الشريعة)
فائدة تحويل القبلة(محاضرة - موقع مثنى الزيدي)
تحويل القبلة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
قبلة وقبلة (قصة)(مقالة - حضارة الكلمة)

2018/12/01

ديسمبر 01, 2018

حديث شريف



               📚 #أحـاديث_نـبـوية 📚

((ليس الغنَى عن كثرةِ العرَضِ ، ولكنَّ الغنَى غنَى النَّفسِ)).

#الراوي : أبو هريرة | #المحدث : البخاري 
#المصدر : صحيح البخاري

📋 #شرح_الحديث 📋

▪️يَحكي أبو هُرَيرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : ليس الغِنى عن سببِ كثرة العَرَض ، وهو ما يُنتفَع به من متاعِ الدُّنيا سِوى النَّقدين ؛ أي : ليس الغِنى الحقيقيُّ المعتبَر كثرةَ المال ؛ لأنَّ كثيرًا ممَّن وُسِّع عليه في المال لا يَقنَع بما أُوتي ، فهو يجتهد في الازدياد ولا يُبالي من أين يأتيه ، فكأنَّه فقير من شدَّة حِرصه.

👈 ولكنَّ الغنى الحقيقيَّ المعتبَر الممدوحَ غنى النَّفْس بما أُوتيتْ وقَنَعُها به ورِضاها ، وعدم حِرصها على الازدياد والإلحاح في الطَّلب ؛ لأنَّها إذا استغنتْ كفَّتْ عن المطامِع ، فعزَّتْ وعظُمتْ وحصَل لها من الحُظوة والنَّزاهة والشَّرف والمدح أكثر من الغِنى الذي يناله مَن يكون فقير النَّفس بحرصه ، فإنَّه يُورِّطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال ؛ لدناءة هِمَّته وبُخله ، ويكثُر ذامُّه من النَّاس ، ويَصغُر قدرُه عندَهم ، فيكون أحقَرَ مِن كلِّ حقير ، وأذَلَّ مِن كلِّ ذليل ، وهو مع ذلك كأنَّه فقير مِن المال ؛ لكونِه لم يَستغنِ بما أُعطي فكأنَّه ليس بغني ، ولو لم يكن في ذلك إلَّا عدم رِضاه بما قضاه الله ، لكَفَاه.

#في_الحديث : 

أنَّ الغِنى الحقيقيَّ المعتبَر ليس بكثرة المال ، بل هو استغناءُ النَّفس ، وعدم الحِرص على الدُّنيا.

📚 #الموسوعة_الحديثية 📚



ديسمبر 01, 2018

مختصر لصفة العمرة ✍ للشيخ محمد العثيمين رحمه الله


مختصر لصفة العمرة     ✍ للشيخ محمد العثيمين رحمه الله

               مختصر لصفة العمرة

               ✍ للشيخ محمد العثيمين رحمه الله

📌إذا أراد أن يحرم بالعمرة فالمشروع أن يتجرد من ثيابه، ويغتسل كما يغتسل للجنابة، ويتطيب بأطيب ما يجد من دهن عود أو غيره في رأسه ولحيته، ولا يضره بقاء ذلك بعد الإحرام لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: 'كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم تطيب بأطيب ما يجد ثم أرى وبيص المسك في رأسه ولحيته بعد ذلك'.

والاغتسال عند الإحرام سنة في حق الرجال والنساء حتى النفساء والحائض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس حين نفست أن تغتسل عند إحرامها و تستثفر بثوب وتحرم(1)..

📌ثم بعد الاغتسال والتطيب يلبس ثياب الإحرام، ثم يصلي – غير الحائض و النفساء – الفريضة إن كان في وقت فريضة وإلا صلى ركعتين ينوي بهما سنة الوضوء،

📌فإذا فرغ من الصلاة أحرم وقال: لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. يرفع الرجل صوته بذلك، والمرأة تقوله بقدر ما يسمع من بجنبها.

📌وإذا كان من يريد الإحرام خائفاً من عائق يعوقه عن إتمام نسكه فإنه ينبغي أن يشترط عند الإحرام فيقول عند عقده: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أي منعني مانع عن إتمام نسكي من مرض أو تأخر أو غيرهما فإني أحل من إحرامي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة بنت الزبير حين أرادت الإحرام وهي مريضة أن تشترط وقال: 'إن لك على ربك ما استثنيت'(2)، فمتى اشترط وحصل له ما يمنعه من إتمام نسكه فإنه يحل ولا شيء عليه.

📌و أما من لا يخاف من عائق يعوقه عن إتمام نسكه فإنه لا ينبغي له أن يشترط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط، ولم يأمر بالاشتراط كل أحد، وإنما أمر به ضباعة بنت الزبير لوجود المرض بها.

📌و ينبغي للمحرم أن يكثر من التلبية خصوصاً عند تغير الأحوال والأزمان مثل أن يعلو مرتفعاً، أو ينزل منخفضاً، أو يقبل الليل أو النهار، وأن يسأل الله بعدها رضوانه والجنة، ويستعيذ برحمته من النار.

📌والتلبية مشروعة في العمرة من الإحرام إلى أن يبتدئ بالطواف، وفي الحج من الإحرام إلى أن يبتدئ برمي جمرة العقبة يوم العيد.

📌وينبغي إذا قرب من مكة أن يغتسل لدخولها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل عند دخوله،

📌فإذا دخل المسجد الحرام قدم رجله اليمنى وقال: 'بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم، ، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم'

📌ثم يتقدم إلى الحجر الأسود ليبتدئ الطواف فيستلم الحجر بيده اليمنى ويقبله، فإن لم يتيسر تقبيله قبل يده إن استلمه بها، فإن لم يتيسر استلامه بيده فإنه يستقبل الحجر ويشير إليه بيده إشارة ولا يقبلها،

📌والأفضل ألا يزاحم فيؤذي الناس ويتأذى بهم لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمر: 'يا عمر، إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله وهلل وكبر'.

📌ويقول عند استلام الحجر: بسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.

📌ثم يأخذ ذات اليمين ويجعل البيت عن يساره،

📌فإذا بلغ الركن اليماني استلمه من غير تقبيل، فإن لم يتيسر فلا يزاحم عليه ، ويقول بينه وبين الحجر الأسود: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة،

📌 وكلما مر بالحجر الأسود كبر ،

📌ويقول في بقية طوافه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة القرآن، فإنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله.

📌وفي هذا الطواف ، أعني الطواف أول ما يقدم ينبغي للرجل أن يفعل شيئين :

أحدهما: الاضطباع من ابتداء الطواف إلى انتهائه، وصفة الاضطباع أن يجعل وسط ردائه داخل إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر، فإذا فرغ من الطواف أعاد رداءه إلى حالته قبل الطواف؛ لأن الاضطباع محله الطواف فقط.

الثاني: الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، والرمل إسراع المشي مع مقاربة الخطوات، وأما الأشواط الأربعة الباقية فليس فيها رمل وإنما يمشي كعادته.

📌فإذا أتم الطواف سبعة أشواط تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً) ثم صلى ركعتين خلفه يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وفي الثانية: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) بعد الفاتحة.

📌 فإذا فرغ من صلاة الركعتين رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه إن تيسر له.

📌ثم يخرج إلى المسعى فإذا دنا من الصفا قرأ: (إِنَّ الصَّفَا و َالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّه)

📌 ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها ويرفع يديه فيحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو. وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم هنا: 'لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المل

ك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، يكرر ذلك ثلاث مرات ويدعو بين ذلك'.

📌ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً،

📌 فإذا بلغ العلم الأخضر ركض ركضاً شديداً بقدر ما يستطيع ولا يؤذي، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسعى حتى ترى ركبتاه من شدة السعي يدور به إزاره،
وفي لفظ: وأن مئزره ليدور من شدة السعي.

📌 فإذا بلغ العلم الأخضر الثاني مشى كعادته حتى يصل إلى المروة فيرقى عليها، ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا،

📌 ثم ينزل من المروة إلى الصفا فيمشي في موضع مشيه، ويسعى في موضع سعيه، فإذا وصل الصفا فعل كما فعل أول مرة، وهكذا المروة حتى يكمل سبعة أشواط،

📌ذهابه من الصفا إلى المروة شوط، ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر،

📌ويقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة.

📌فإذا أتم سعيه سبعة أشواط حلق رأسه إن كان رجلاً، وإن كانت امرأة فإنها تقصر من كل قدر أنملة.

📌ويجب أن يكون الحلق شاملاً لجميع الرأس، وكذلك التقصير يعم به جميع جهات الرأس،

📌والحلق أفضل من التقصير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة،
إلا أن يكون وقت الحج قريباً بحيث لا يتسع لنبات شعر الرأس؛ فإن الأفضل التقصير ليبقى الرأس للحلق في الحج بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في حجة الوداع أن يقصروا للعمرة؛ لأن قدومهم كان صبيحة الرابع من ذي الحجة.

📌وبهذه الأعمال تمت العمرة ،

📌 فتكون العمرة :
📌 الإحرام،
📌والطواف،
📌والسعي،
📌والحلق أو التقصير،

📌ثم بعد ذلك يحل منها إحلالاً كاملاً ويفعل كما يفعله المحلون من اللباس والطيب وإتيان النساء وغير ذلك.

-----------------
الهوامش:-
(1) رواه مسلم، كتاب الحج رقم (1218).
(2) رواه البخاري، كتاب النكاح رقم (5089) ومسلم، كتاب الحج رقم (1207) والنسائي، كتاب مناسك الحج رقم (2766).

📚 المصدر: مِن كتاب المنهج لمريد العمرة والحج للإمام ابن عثيمين رحمه الله
✍❄ا••┈┈•••🌟•••┈┈••ا