عالم الإبداع: اللغة العربية

مدونة عامة في كل المجالات

أهم المواضيع

‏إظهار الرسائل ذات التسميات اللغة العربية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات اللغة العربية. إظهار كافة الرسائل

2021/09/25

سبتمبر 25, 2021

مراقبةالعبد ربه في نفسه وجميع أموره و أحواله

 خطبة مكتوبة بعنوان:

#مراقبة_العبد_ربه_في_نفسه_وجميع_أموره_وأحواله “

 



الخطبة الأولى: ــــــــــــــــــــ

الحمد لله جابرِ قلوب المُنكسرة قلوبهم مِن أجْلِه، وغافرِ ذنوب المستغفرين بفضله، وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ولا شيء كمثله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أرسلَه بالهدى ودين الحق ليُظهِرَه على الدين كلِّه، وخيَّرَه بين أنْ يكون ملِكًا نبيًّا أو عبدًا رسولاً، فاختار مقام العبودية مع الرسالة، تنويهًا بشرَف هذا المَقام وفضلِه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، والمستمسكين مِن بعدِهِم بحبلِه.

أمَّا بعد أيُّها الناس:

فإنَّ مِن أعظم وأنفع ما يَعظ بِه الواعظون، ويُوصِي بِه الموصُون، ويَنصح بِه الناصحون، ويُرشِد إليه المتكلِّمون: “مراقبةَ العبد ربَّه ــ جلَّ وعلا ــ في نفسه، وفي جميع أموره وأحواله، ومع جميع خلقه، وفي السِّر والعلَن، والحضَر والسفر”.

فراقبوا الله ــ جلَّ وعزَّ ــ في جميع أحوالكم، وسائر أوقاتكم، وفي كل ما تفعلون وتَذرون، فإنَّه سبحانه مطَّلِع على قلوبكم، ومطَّلِع على أقوالكم، ومطَّلِع على أفعالكم، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولا يَخرج عن علمه شيء في سائر الأزمان، ولا يَغيب عنه مثقالُ ذرة مِن طاعة أو عصيان، وقد قال سبحانه مُرهِّبًّا لنا: { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا }، أي: مراقبًا لنا ولكل شيء، وعالمًا بِنا وبكل شيء، وقائمًا علينا وعلى كل شيء، وقادرًا علينا وعلى كل شيء، فالخلق خلقُه، والأمر أمْرُه، وإليه يُرجع الأمر كلُّه، له ما بين أيدينا، وما خلفنا، وما بين ذلك، وما كان ربُّك نسيًّا.

وسُئِل إسماعيل بن نُجيد ــ رحمه الله ــ: (( مَا الَّذِي لَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْهُ؟ قَالَ: مُلَازَمَةُ الْعُبُودِيَّةِ عَلَى السُّنَّةِ، وَدَوَام الْمُرَاقَبَةِ )).

واعلموا أنَّ مراقبة الله العزيز القادر تتأكد علينا في أحوال ثلاثة:

الحال الأوَّل: أنْ نُراقِبَه سبحانه حين فِعل الطاعات والعبادات القولية والفعليه.

فنُراقِبَه في قصْد قلوبنا مِن فِعلها، وهل مرادنا وجْهَه سبحانه ورضاه عنَّا أو حصول الذِّكر والمدح والسُّمعة والشُّهرة، هل المُحرِّك لنا إليها هو الهَوى والنَّفس أو هو الله تعالى خاصة، لأنَّ هذه المراقبة تُصلِح قلوبنا، وقد قال أبو حفصٍ لأبي عثمانَ النيسابوري ــ رحمهما الله ــ: (( إِذَا جَلَسْتَ لِلنَّاسِ فَكُنْ وَاعِظًا لِقَلْبِكَ وَنَفْسِكَ، وَلَا يَغُرَّنَّكَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَيْكَ، فَإِنَّهُمْ يُرَاقِبُونَ ظَاهِرَكَ، وَاللَّهُ يُرَاقِبُ بَاطِنَكَ )).

ونُراقِبَه في صفة فِعلها حين أدائها، وهل فِعْلُنا لها مبنيٌّ على علمٍ أمْ على جهل، أموافقٌ للسُّنَّة أمْ مُخالف، لأنّ هذه المراقبة تُصلِح طاعاتنا وعباداتنا وأعمالنا، وتجعلها مقبولة عند الله ربنا وحسَنة، إذ العبرة في شريعة الله إنَّما هي بحُسن العمل لا بكثرته، حيث قال الله سبحانه في أوَّل سورة المُلك: { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا }، والعمل لا يكون حسنًا ومقبولًا عند الرَّب تعالى وتقدَّس إلا بشرطين يجب أنْ يُحققهما العامل:

أوَّلُهُما: أنْ يكون قصده مِن عمله حين فِعله له هو وجه الله تعالى، وابتغاء مرضاته.

والثاني مِنهما: أنْ يكون ما عمله مِن عملٍ قد دَلَّ عليه دليل مِن الشريعة.

وقد ثبت عن ابن مسعود ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( الِاقْتِصَادُ فِي السُّنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي بِدْعَةٍ ))، أيْ: فِعلُ عملٍ قليلٍ عليه دليل مِن السُّنَّة النَّبوية خيرٌ وأعظم مِن فِعل عملٍ كثيرٍ ليس عليه دليل.

وما لا دليل عليه في الشرع يُسمَّى بِدعة، والبِدعة محرٌّمة بنصِّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هي مِن أغلظ وأشدِّ المحرَّمات.

الحال الثاني: أنْ نُراقِبَه سبحانه عند الهَمِّ بفعل السيئات والخطيئات.

سيِّئات القلب، مِن حُبِّه وبُغضه على خلاف شريعة الله، وغِلِّه وحِقده وحَسده وضغينته وكُرْهه، وسيِّئات اللسان، مِن غِيبةٍ ونَميمة وكذب ولعن وسَبٍّ وسُخرية واستهزاء وقولٍ في دين الله بغير علم، وسيِّئات الجوارح، سيِّئات السَّمْع والبَصر واليدين والقدمين والفَرْج، لأنَّ هذه المراقبة تنفعنا أشدَّ نفع، ويَحصل لنا بِها غُنمٌ كبير، ونَجد خيرَها وبركتَها وثمرَتها في الدنيا قبل الآخرة، حيث تمنعُنا عن مُقارفة كثير مِن الآثام والفواحش والقبائح، أو على الأقَلّ تُخفِّف مِن فِعلنا لها وتُقلِّل.

الحال الثالث: أنْ نُراقِبَه سبحانه في الخَلوة والسِّر كما نُراقبه في العلَن.

فنُراقِبَه في الخلوة حين لا يرانا أحد مِن الناس، ولا يعلم بنا أحد مِن الخلق، حين نخلو بأنفسنا، أو نبتعد عمَّن يَعرفنا، فلا نتجرَّأ على فِعل المعاصي، ومُقارفة الفواحش، وإتيان القبائح، وترْك الفرائض، وتعطيل الواجبات، وتضييع الحقوق، لأنَّ بعض الناس تَضعُف عنده مراقبة الله إذا خلا بنفسه وانفرد عن أهله أو رفاقه أو غيرهم، فتراه يجترأ على محارم الله، فيُمارس المحرمات والقبائح أو يَنظر إليها عبر الفضائيات، وفي مواقع الإنترنت، أو يتكلَّم بها عبْر الهواتف وبرامج التواصل مع مَن لا يَحِلُّ له مِن الإناث أو الذكور، وبعضهم تَضعُف عنده مراقبة الله تعالى أكثر إذا سافر وترَك مدينته وقريته وأهله وأقاربه ورِفاقه فيفعل مِن الرذائل والقبائح والفواحش ما يَشيب له الرأس، ويترُك مِن الفرائض الكثير، فقد أصبح في بلاد غُربة لا يعرفه أهلها، ولا يَدرون مَن هو، فلا يستحيي مِنهم، ولا يخشى الفضيحة بينهم، ولا يَخاف عقوبة، فقد يكون في بلد تسمح بالفجور، ولا تُجرِّم انتهاك محارم الله، وتجاوز حدوده.

ولئنْ خلا صاحب هذا الحال عن الناس أو ذهب عن بلده وأهله ومَن يعرفونه فأين يذهب مِن  ربِّه ــ عزَّ وجلَّ ــ القائل في تنزيله ووحيه مُحذِّرًا: { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }، معكم بعلمه وقدرته في جميع أماكن وجودكم مِن الأرض، فهو سبحانه يرانا ونحن في البَرِّ، ويرانا ونحن في الجوِّ، ويرانا ونحن في البحر، يرانا ونحن في بيوتنا وبلداننا مع أهلينا وقرابتنا وأصدقائنا، ويرانا ونحن في غير بلداننا مع الغرباء والأباعد، ويرانا ونحن في الأسواق، وفي الطُّرقات، وفي الفنادق، وفي المراكب، وفي الملاعب، وفي البحار، وفي المسابح، وفي الملاهي.

أين نفر، وكيف نتخفَّى، وبمَن نَلوذ ونحتمِي، لا مفرَّ مِن الله إلا إليه، فهو معنا بعلمه وإحاطته، ومعنا بسمعه وبصره، ومعنا بقدْرته علينا أينما كنَّا، وحيث تواجدنا، وعلى أيِّ حالة صِرنا، ومع أيِّ الناس شئنا.

 وهذا من أعظم وأشد وأغلظ الوعيد الصارف للعبد عن اقتراف الآثام، والتقصير في العبادات، وإضاعة الحقوق، والتفريط في الواجبات لِمَن كان له قلب ليِّن مُنيب حيٌّ سلِيم.

أين يذهب مَن هذه حاله مِن قول ربِّه سبحانه مُتوعِّدًا ومهدداً: { إِنَّ رَبَّكَ لَبِل الْمِرْصَادِ }، أي: يَرصُد أعمال العباد في الدنيا فلا يفوته مِنها شيء وإن دَقَّ، ولا يَعزُب عنه ما فعلوه في شبابهم ولا ما فعلوه في كُهولتهم، ولا ما فعلوه في شيخوختهم، وهو بالمرصاد لِمَن يُبارزه بالعصيان، والتفريط فيما أوجَب، حيث يُمهله قليلاً، ثم يأخذه أخْذَ عزيز مُقتدِر، أخْذًا أليمًا، أخذًا وبيلًا، حينها يقول مُتحسِّرًا مُتألِّمًا: { يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ }{ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي }{ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي }.

أيُّها الناس:

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( الكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِما بَعْدَ الْموْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَه هَواهَا، وتمَنَّى عَلَى اللَّهِ )).

وفي هذا الحديث الشريف بيانٌ لحال صِنفين من الناس:

أوَّلُهما: قوي المراقبة لله تعالى.

وهو الكيِّس اللَّبيب الحازم العاقل الذي ينظر في عواقب ما يَفعل ويترُك، ويقول ويسمع، فهو يُجاهد نفسه، بل يقهرها، ويستعملها فيما يعلم أنَّه ينفعها في دنياها، وبعد موتها في قبرها وآخِرتِها، حتى ولو كانت كارهة لذلك، فالنفس أمَّارة بالسوء إلا ما رَحِم ربِّي، فتحتاج إلى مجاهدةٍ شديدة، وقهرٍ لها وقسْر، وصبر على ذلك ومُصابرة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ ))، وقال رجلُ لعبد الله بن عَمروٍ ــ رضي الله عنه ــ: (( مَا تَقُولُ فِي الْجِهَادِ وَالْغَزْوِ؟ فقَالَ له: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَجَاهِدْهَا، وَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَاغْزُهَا )).

والثاني مِنهما: ضعيف المراقبة لله بل عاجزها.

ومِن ضَعْفِ مراقبته وشدَّة عجزِه أنَّ كلَّما هوته نفسه وأرادت فِعله مِن شهوة أو معصية أجاب طلبها ولبّاه وبادر إليه، وهذا هو العاجز الأحمق الجاهل الذي لا يفكِّر في عواقب ما يَفعل ويترُك ويقول ويسمع، بل يُتابع نفسه على ما تهواه وتشتهيه، وهي لا تهوى إلا ما تظن أنَّ فيه لذَّتَها وشهوتَها في العاجل، وإنْ عاد ذلك بضرٍر لها فيما بعد الموت، وقد يعود ذلك عليها بِالضَّرر في الدنيا قبل الآخِرة، فيحصل له العار والفضيحة وسُقُوط المنزلة والهوان والخِزي، ويُحرَم بسبب ذلك مِن العلم النافع، والبركة في الرِّزق، وغير ذلك مِن الخيرات.

وفقني الله وإيَّاكم لاتباع رضوانه، وغمرَني وإيَّاكم بعفوه وغُفرانه، ورزقني وإيَّاكم خيرات بِرَّه وإحسانه، وأدخلنا في زُمرة أحبابه المخصوصين بِمَنِّه وأمانه، إنَّه سميع مجيب.

الخطبة الثانية: ــــــــــــــــــــ

الحمد لله ربَّ العالمين حمدًا كثيرًا طيِّبًا مُباركًا فيه، كما يُحِب ربُّنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهِه وعِزِّ جلاله، وصلَّى الله على سيِّدنا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعد، فيا أيًّها الناس:

إنَّ مِن صور المراقبة العظيمة الطيِّبة: ما حصل مِن نبي الله يوسف ــ عليه السلام ــ حين راودته امرأة عزيز مِصر عن نفسه حين خلَت بِه وغلَّقت الأبواب، حيث قال الله سبحانه عن ذلك: { وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ }.

ومِن صور المراقبة العظيمة الطيِّبة أيضًا: ما جاء في قصة الثلاثة الذين أصابهم المطر، فأووا إلى غارٍ فانحدَرَت صخرةٌ فانطبقت عليهم، وأغلقت باب الغار، فقالوا: انظروا ما عملتم مِن الأعمال الصالحة فاسألوا الله تعالى بِها فإنَّه يُنجِّيكم، فذَكر كل واحد مِنهم سابقة خيرٍ سَبقت له مع ربَّه، فانحدَرَت عنهم الصخرة فخرجوا يمشون، وقصتهم مشهورة في “صحيح البخاري” وغيره، وكان مِن قول أحدِهم ومراقبته لربِّه: (( اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي ابْنَةُ عَمٍّ، مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَأَنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ، إِلَّا أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ، فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا، فَأَمْكَنَتْنِي مِنْ نَفْسِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، فَقَالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ المِائَةَ دِينَارٍ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا، فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا )).

ومِن صور المراقبة العظيمة الطيِّبة أيضًا: ما صحَّ عن نافع مولى ابن عمر ــ رحمه الله ــ: (( أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ــ رضي الله عنهما ــ لَقِيَ رَاعِيًا بِطَرِيقِ مَكَّةَ، قَالَ لَهُ: بِعْنِي شَاةً؟ قَالَ: لَيْسَتْ لِي. قَالَ لَهُ: فَتَقُولُ لِأَهْلِكَ أَكَلَهَا الذِّئْبُ؟ قَالَ: فَأَيْنَ اللَّهُ، قَالَ: اسْمَعْ، وَافِنِي هَاهُنَا إِذَا رَجَعْتَ مِنْ مَكَّةَ، وَمُرْ مَوْلَاكَ يُوَافِينِي هَاهُنَا، فَلَمَّا رَجَعَ لَقِيَ رَبَّ الْغَنَمِ وَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمَ، وَاشْتَرَى مِنْهُ الْغُلَامَ، فَأَعْتَقَهُ وَوَهْبَ لَهُ الْغَنَمَ )).

جعلني الله وإيَّاكم مِمَّن إذا ذُكِّر ادَّكَر، وإذا وعِظ اعتبر، وإذا أُعطِي شَكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنَب استغفر، رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وآتنا في الدنيا حسنة، وفي الاخرة حسنة، واجعلنا مِمَّن يكون يوم القيامة مُنعَّمًا مسرورًا، إنَّك سميع الدعاء، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

❄ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا❄

2021/07/06

يوليو 06, 2021

فدَّعِ الصِّبا فلقدْ عداكَ زمانُه الشاعر صالح بن عبد القدوس

            فدَّعِ الصِّبا فلقدْ عداكَ زمانُه






هي إحدى القصائد الخالدة للشاعر (صالح بن عبدالقدوس )  من شعراء الدولة العباسية 


فدَّعِ الصِّبا فلقدْ عداكَ زمانُهُ 

                       وازهَدْ فعُمرُكَ مرَّ منهُ الأطيَـبُ

 

ذهبَ الشبابُ فما له منْ عودةٍ 

                       وأتَى المشيبُ فأينَ منهُ المَهربُ


دَعْ عنكَ ما قد كانَ في زمنِ الصِّبا 

                         واذكُر ذنوبَكَ وابِكها يـا مُذنـبُ


واذكرْ مناقشةَ الحسابِ فإنه

                        لابَـدَّ يُحصي ما جنيتَ ويَكتُبُ


لم ينسَـهُ الملَكـانِ حيـنَ نسيتَـهُ 

                           بـل أثبتـاهُ وأنـتَ لاهٍ تلعـبُ


والرُّوحُ فيكَ وديعـةٌ أودعتَهـا

                         ستَردُّها بالرغمِ منكَ وتُسلَـبُ


وغرورُ دنيـاكَ التي تسعى لها 

                            دارٌ حقيقتُهـا متـاعٌ يذهـبُ


والليلُ فاعلـمْ والنهـارُ كلاهمـا

                          أنفاسُنـا فيهـا تُعـدُّ وتُحسـبُ


وجميعُ مـا خلَّفتَـهُ وجمعتَـهُ 

                         حقاً يَقيناً بعـدَ موتِـكَ يُنهـبُ


تَبَّـاً لـدارٍ لا يـدومُ نعيمُهـا

                          ومَشيدُها عمّا قليـلٍ يَـخـربُ


فاسمعْ هُديـتَ نصيحةً أولاكَها

                              بَـرٌّ نَصـوحٌ للأنـامِ مُجـرِّبُ


صَحِبَ الزَّمانَ وأهلَه مُستبصراً

                           ورأى الأمورَ بما تؤوبُ وتَعقُبُ


لا تأمَنِ الدَّهـرَ  فإنـهُ 

                          مـا زالَ قِدْمـاً للرِّجـالِ يُـؤدِّبُ


وعواقِبُ الأيامِ في غَصَّاتِهـا

                         مَضَضٌ يُـذَلُّ لهُ الأعزُّ الأنْجَـبْ


فعليكَ تقوى اللهِ فالزمْهـا تفـزْ

                          إنّّ التَّقـيَّ هـوَ البَهـيُّ الأهيَـبُ


واعملْ بطاعتِهِ تنلْ منـهُ الرِّضـا

                          إن المطيـعَ لـهُ لديـهِ مُقـرَّبُ


واقنعْ ففي بعضِ القناعةِ راحةٌ

                          واليأسُ ممّا فاتَ فهوَ المَطْلـبُ


فإذا طَمِعتَ كُسيتَ ثوبَ مذلَّةٍ

                         فلقدْ كُسيَ ثوبَ المَذلَّةِ أشعبُ


وابـدأْ عَـدوَّكَ بالتحيّـةِ ولتَكُـنْ

                          منـهُ زمانَـكَ خائفـاً تتـرقَّـبُ


واحـذرهُ إن لاقيتَـهُ مُتَبَسِّمـاً

                         فالليثُ يبدو نابُـهُ إذْ يغْـضَـبُ


إنَّ العدوُّ وإنْ تقادَمَ عهـدُهُ

                         فالحقدُ باقٍ في الصُّدورِ مُغَّيبُ


وإذا الصَّديـقٌ لقيتَـهُ مُتملِّقـاً 

                         فهـوَ العـدوُّ وحـقُّـهُ يُتجـنَّـبُ


لا خيرَ في ودِّ امـريءٍ مُتملِّـقٍ

                           حُلـوِ اللسـانِ وقلبـهُ يتلهَّـبُ


يلقاكَ يحلفُ أنـه بـكَ واثـقٌ

                           وإذا تـوارَى عنكَ فهوَ العقرَبُ


يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً

                       ويَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ


وَصِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفوةٍ

                       فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصـوَبُ


واخترْ قرينَكَ واصطنعهُ تفاخراً

                          إنَّ القريـنَ إلى المُقارنِ يُنسبُ


واخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهـمْ

                          بتذلُّـلٍ واسمـحْ لهـمْ إن أذنبوا


ودعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباً

                        إنَّ الكذوبَ يشيـنُ حُـراً يَصحبُ


وزنِ الكلامَ إذا نطقـتَ ولا تكـنْ

                         ثرثـارةً فـي كـلِّ نـادٍ تخطُـبُ


واحفظْ لسانَكَ واحترزْ من لفظِهِ

                         فالمرءُ يَسلَـمُ باللسانِ ويُعطَبُ


والسِّرُّ فاكتمهُ ولا تنطُـقْ بـهِ 

                           إنَّ الزجاجةَ كسرُها لا يُشعَبُ


وكذاكَ سرُّ المرءِ إنْ لـمْ يُطوهِ

                        نشرتْـهُ ألسنـةٌ تزيـدُ وتكـذِبُ


لا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليسَ بزائد في الرِّزقِ 

                              بل يشقى الحريصُ ويتعبُ


ويظلُّ ملهوفـاً يـرومُ تحيّـلاً

                         والـرِّزقُ ليسَ بحيلةٍ يُستجلَبُ


كم عاجزٍ في الناسِ يأتي رزقُهُ

                         رغَـداً ويُحـرَمُ كَيِّـسٌ ويُخيَّـبُ


وارعَ الأمانةَ * والخيانةَ فاجتنبْ

                      واعدِلْ ولاتظلمْ يَطبْ لكَ مكسبُ


وإذا أصابكَ نكبةٌ فاصبـرْ لهـا 

                            مـن ذا رأيـتَ مسلَّماً لا يُنْكبُ


وإذا رُميتَ من الزمانِ بريبـةٍ 

                            أو نالكَ الأمـرُ الأشقُّ الأصعبُ


فاضرعْ لربّك إنه أدنى لمنْ 

                         يدعوهُ من حبلِ الوريدِ وأقربُ


كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ

                          إنَّ الكثيرَ من الوَرَى لا يُصحبُ


واحذرْ مُصاحبةَ اللئيم فإنّهُ 

                   يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ


واحذرْ من المظلومِ سَهماً صائباً

                          واعلـمْ بـأنَّ دعـاءَهُ لا يُحجَـبُ


وإذا رأيتَ الرِّزقَ عَزَّ ببلـدةٍ

                       وخشيتَ فيها أن يضيقَ المذهبُ


فارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ الفَضَا

                         طولاً وعَرضاً شرقُهـا والمغرِبُ


فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي

                       فالنُّصحُ أغلى ما يُباعُ ويُوهَـبُ 




2017/11/14

نوفمبر 14, 2017

اللغة العربية (معاني الباء)


معاني الباء 
ـــــــــــــــــــ


قال الأستاذ مصطفى الغلاييني رحمه الله:

الباء لها ثلاثة عشر معنى

1- الإلصاق
وهو المعنى الأصلي لها. وهذا المعنى لا يفارقها في جميع معانيها. ولهذا اقتصر عليه سيبويه.

والإلصاق
إما حقيقي، نحو "أمسكت بيدك. ومسحت رأسي بيدي"،
وإما مجازي، نحو "مررت بدارك، أو بك"، أي بمكان يقرب منها أو منك.

2- الاستعانة،
وهي الداخلة على المستعان به - أي الواسطة التي بها حصل الفعل -
نحو "كتبت بالقلم. وبريت القلم بالسكين".
ونحو "بدأت عملي باسم الله، فنجحت بتوفيقه".

3- السببية والتعليل،
وهي الداخلة على سبب الفعل وعلته التي من أجلها حصل،
نحو "مات بالجوع"، ونحو "عرفنا بفلان".
ومنه قوله تعالى {فكلا أخذنا بذنبه} ، وقوله {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم} .

4- التعدية،
وتسمى باء النقل، فهي كالهمزة في تصييرها الفعل اللازم متعديا،
فيصير بذلك الفاعل مفعولا،
كقوله تعالى {ذهب الله بنورهم} ، أي أذهبه،
وقوله {وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة} ، أي لتنيء العصبة وتثقلها.

وهذا كما تقول "ناء به الحمل، بمعنى أثقله".
ومن باء التعدية قوله تعالى {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} . أي سيره ليلا.

5- القسم،
وهي أصل أحرفه.
ويجوز ذكر فعل القسم معها؛ نحو "أقسم بالله".
ويجوز حذفه، نحو "بالله لأجتهدن".
وتدخل على الظاهر، كما رأيت، وعلى المضمر، نحو "بك لأفعلن".

6- العوض،
وتسمى باء المقابلة أيضا، وهي التي تدل على تعويض شيء من شيء في مقابلة شيء آخر،
نحو "بعتك هذا بهذا. وخذ الدار بالفرس".

7- البدل،
وهي التي تدل على اختيار أحد الشيئين على الآخر، بلا عوض ولا مقابلة،
كحديث "ما يسرني بها حمر النعم"،
وقول بعضهم "ما يسرني أني شهدت بدرا بالعقبة" أي بدلها،
وقول الشاعر [من البسيط]
فليت لي بهم قوما إذا ركبوا ... شنوا الإغارة فرسانا وركبانا

8- الظرفية
- أي معنى (في) -
كقوله تعالى {لقد نصركم الله ببدر.
وما كنت بجانب الغربي.
نجيناهم بسحر.
وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل} .

9- المصاحبة، أي معنى "مع"،
نحو "بعتك الفرس بسرجه،والدار بأثاثها"،
ومنه قوله تعالى "إهبط بسلام".

10- معنى "من" التبعيضية،
كقوله تعالى "عينا يشرب بها عباد الله"، أي منها.

11- معنى "عن"،
كقوله تعالى {فاسأل به خبيرا} ، أي عنه،
وقوله {سأل سائل بعذاب واقع} ،
وقوله {يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم} .

12- الاستعلاء، أي معنى "على"
كقوله تعالى "ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك"، إي على قنطار،
وقول الشاعر [من الطويل]
أرب يبول الثعلبان برأسه ... لقد ذل من بالت عليه الثعالب

13- التأكيد،
وهي الزائدة لفظا، أي في الإعراب،
نحو "بحسبك ما فعلت"، أي حسبك ما فعلت.
ومنه قوله تعالى {وكفى بالله شهيدا} ،
وقوله {ألم يعلم بأن الله يرى} ،
وقوله {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} ،
وقوله {أليس الله بأحكم الحاكمين؟}

منقول