عالم الإبداع: قضايا معاصرة

مدونة عامة في كل المجالات

أهم المواضيع

‏إظهار الرسائل ذات التسميات قضايا معاصرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قضايا معاصرة. إظهار كافة الرسائل

2021/10/02

أكتوبر 02, 2021

حدث معي/ أحمد خالد توفيق

قصة حدثت معي
أحمد خالد توفيق

بقلم / أحمد خالد توفيق..
 كنت أقف لدى أحد القصابين أبتاع لحمًا. كان سعر كيلوجرام اللحم وقتها أربعين جنيهًا مما يدلك على أنها ذكرى قريبة جدًا !.. وكان القصاب يتسلى بممارسة (النصاحة) معي، وهو يسخر في سره من أستاذ الجامعة الذي يمكنه أن يقنعه بأي شيء أو يدس له أردأ قطع اللحم، مقنعًا إياه أنها (قطعيات) نادرة لها ثمن خاص. هنا رأيت امرأة مسنة في الستين من العمر تقريبًا تخطو مترنحة في الشارع أمام محل القصاب، ثم سقطت أرضًا فاقدة الوعي. تعاوننا على نقلها إلى الداخل الظليل وقدم لها صبي القصاب كوب ماء. كانت امرأة بسيطة ريفية لا تكف عن البكاء الهستيري ولطم الخدين. وفي يدها لمحت رزمة ممزقة يطل منها بعض الورق الأبيض بحجم ورقة البنكنوت. لما تمكنت من الكلام أخيرًا، قالت إنها من السنطة، وهي مركز صغير من مراكز الغربية يقع على بعد ثلث ساعة من قلب طنطا. قالت إنها كانت في موقف السيارات تبغي الركوب لطنطا، عندما توقفت سيارة أمامها بها رجلان. أكبر الرجلين ناداها باسمها وقال إنه صديق ابنها وعرض عليها توصيلها لطنطا. وافقت في حماسة على سبيل (الاستخسار). في الطريق إلى طنطا دار حوار سريع. أبدى الرجل الأول إعجابه بالحلي التي تلبسها.. القرط والقلادة والسوار، وعرض عليها أن يشتري منها هذا الذهب بخمسين ألف جنيه (وهو مبلغ ممتاز بأسعار الذهب وقتها) فوافقت على الفور، وتم التبادل. أخذ منها الذهب وناولها لفافة مليئة بالبنكنوت وعدّ لها الرزم .. ثلاث .. أربع .. خمس رزم .. مبروك. ثم أنها ترجلت من السيارة في طنطا سعيدة بالصفقة الذكية التي أبرمتها، وفتحت اللفافة – بمجرد ابتعاد السيارة – لترى المال فاكتشفت أنها أوراق بيضاء غلفت بالعملة على الجانبين على طريقة السينما.. صرخت وغابت عن الوعي. كان الجزار يستمع لها في غير تعاطف وهو يمضغ لفافة التبغ، أما أنا فكنت في ذهول من كل هذا القدر من الجشع والحمق والغباء. الصفقات لا تتم بهذه السرعة والسهولة.. لا أحد يركب مع غرباء، فإذا ركب فهو لا يبيع الذهب، فإذا باع فهو لا يأخذ رزم مال مغلقة لا يعرف ما فيها. بقرة آدمية هي. قال لها الجزار في فتور إن عليها أن تذهب لقسم الشرطة لتبلغ عن النصب الذي تعرضت له، فعرضتُ في حماسة وأريحية أن آخذها هناك بسيارتي. مال علي وهمس من تحت شاربه الغليظ: -ـ«لا تتورط يا دكتور .. سوف تتهمك بأنك من سرق ذهبها بمجرد أن تنزل أمام قسم الشرطة!» قلت له في عدم فهم: -ـ«كيف ؟… إنها ضحية !» -ـ«اسمع الكلام !» ثم مد يده طالبًا ثلاثة جنيهات مني .. كان هذا هو أجر سيارة الأجرة وقتها، ثم لوح بالسكين لسيارة أجرة مارة ففتح الباب وألقى بالعجوز إلقاء داخل السيارة، ودفع للسائق ثلاثة الجنيهات، وأمره أن يأخذها إلى قسم ثان طنطا و«خلي بالك منها يا هندزة .. دي زي والدتك». ابتعدت سيارة الأجرة هنا أطلت العجوز من النافذة وصاحت بصوت رفيع وهي تشير نحوي: -ـ«هو ده اللي ……….» لكن السيارة كانت قد ابتعدت .. قال الجزار وهو يزن اللحم الرديء لي لأنصرف: -ـ«لا يمكن تصديق قصتها .. لا يوجد أحد بهذه البلاهة. يبدو أنها قامت باختلاق الأمر كله .. هناك احتمال كبير جدًا أنها كاذبة، وتريد توريط أفندي مثلك في مشكلة ليدفع لها.. الاحتمال الثاني أن قصتها حقيقية وأنها فعلاً بهذا الغباء والطمع.. من الوارد جدًا أن تتمسك بك وتصرخ أمام قسم الشرطة لتورطك في فضيحة ودفع مبلغ يعوض خسارتها .. صدقني يا دكتور .. نحن قمنا بالشيء الصحيح». تذكرت وجهها الغبي الجشع وهي تنظر من النافذة كدابّة .. هو ده اللي….. ؟ ماذا كانت تنوي قوله؟ كتلة ضيق الأفق التي لا يمكن التنبؤ برد فعلها. تذكرت رواية يوميات نائب في الأرياف عندما وقف وكيل النيابة الشاب مع توفيق الحكيم يراقبان عرضًا قانونيًا أمام فلاحة مسنة.. أوقفوا أمامها صفًا من الرجال لتختار من قتل زوجها منهم. تجاوزت الصف كله ثم هوت بقبضتها على صدر وكيل النيابة الشاب صارخة: «غريمي!». قال توفيق الحكيم إنه منذ ذلك الحين فقد الثقة في قيمة العروض القانونية مع كل هذا الغباء، ومع التراكوما والرمد البثري اللذين قضيا على بصر هؤلاء القوم. شكرت القصاب وأنا أحمل قطعة اللحم الرديئة، وقلت لنفسي إنه رجل أريب حذر يملك قدرًا هائلاً من النصاحة. تخلص من العجوز ولم يدفع حتى ثمن سيارة الأجرة بل تقاضاه مني، ثم تخلص من ألعن قطعة لحم لديه. قالت منال زوجتي عندما فتحت كيس اللحم: -«كيف ينجح القصاب في خداع رجل مثقف مثلك في كل مرة؟» قلت وأنا أغسل وجهي: -ـ«الثقافة شيء والذكاء شيء والنصاحة شيء آخر .. ما أعرفه هو أنه أنقذني من مشاكل محتملة لا حصر لها، لهذا أنحني له احترامًا وتوقيرًا. لقد استحق أن يخدعني». #أحمد_خالد_توفيق
أحمد خالد توفيق

2021/07/01

يوليو 01, 2021

نصيحة للمغترين بتنظيم داعش بقلم الشيخ عبد المنعم الشحات

 نصيحة للمغترين بتنظيم داعش

***********************



كتبه : م. عبد المنعم الشحات

           ****************


(داعش ظاهرهم التكفير و باطنهم البعثية - داعش جهل الخوارج واختراق الاستخبارات - ماذا فعلت داعش؟)


نقدم في هذا المقال


1- ملخصًا لأهم الاعتراضات على تنظيم "داعش" ثم نستعرض بعض جهود العلماء المعاصرين في بيان خطورة هذا التنظيم ونستعرض الجهود التالية

2- إجابة الدكتور سعد بن ناصر الشثرى عضو هيئة كبار العلماء سابقا على سؤال بشأن داعش فى برنامج الجواب الكافي على قناة المجد الفضائية والذي يمكن أن تعنون له (داعش ظاهرهم التكفير وباطنهم البعثية) حيث كانت هذه القضية هي محور إجابته

3- الحملة التي نظمتها عدد من القنوات الفضائية بعنوان (داعش جهل الخوارج واختراق الاستخبارات)

و التي شارك فيها عدد من العلماء والدعاة منهم الدكتور سعد بن ناصر الشثرى والذي كان تركيزه على ذات القضية التي ركز عليها في برنامج قناة المجد ومنهم الشيخ سعد البريك والشيخ عدنان العرعور والشيخ عمر الزيد وغيرهم ومنهم الباحث أنور مالك والذي غطى جانب الاستعمال المخابراتي لتنظيم داعش وهو ما عبر عنه بصورة أوفى في مقال له بعنوان ("داعش" والاختراق الاستخباراتي!)

4- كما نتعرض لمجموعة من التغريدات التي كتبها الشيخ محمد السعيدى أستاذ أصول الفقه في جامعة أم القرى بعنوان (ماذا فعلت داعش؟..)


أولا:خلاصة اعتراضاتنا على تنظيم داعش


ماذا نحتاج لكي نكوِّن رأيًا سديدًا في شأن داعش؟


يجيبنا شيخ الاسلام ابن تيمية على ذلك في مستهل إجابته عن حكم التتار قائلا:


"وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْمَعْرِفَةُ بِحَالِهِمْ. وَالثَّانِي مَعْرِفَةُ حُكْمِ اللَّهِ فِي مَثَلِهِمْ. فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَكُلُّ مَنْ بَاشَرَ الْقَوْمَ يَعْلَمُ حَالَهُمْ وَمَنْ لَمْ يُبَاشِرْهُمْ يَعْلَمُ ذَلِكَ بِمَا بَلَغَهُ مِنْ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَأَخْبَارِ الصَّادِقِينَ. وَنَحْنُ نَذْكُرُ جُلَّ أُمُورِهِمْ بَعْدَ أَنْ نُبَيِّنَ الْأَصْلَ الْآخَرَ الَّذِي يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ "


و منه نعلم أن معرفة حال أي شخص أو كيان محل الدراسة يكون بأحد هذه الطرق


- مباشرة التعامل مع هؤلاء القوم

- أخبار الصادقين

- ما تواتر من الأخبار

-

و بالنسبة لتنظيم داعش فقد علمنا شؤونه من هذه المصادر


- فبعضها جاء عن طريق إخبار مَن عايشهم

- وبعضها عن طريق بعض مَن كان معهم ثم تاب

- وبعضها عن طريق كثير من الرموز الإسلامية الذين كانت لهم مساجلات خاصة وأن بعض هؤلاء الرموز ممن كان له دور في وضع بذور انحرافاتهم كأبي محمد المقدسي ومحمد بن سرور بن نايف زين العابدين ومساجلتهم مع داعش مبثوثة أيضًا على مواقعهم

- وكثير منها ثابت عليهم بما يبثونه هم بأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي ومنه المقطع الذين بثه التنظيم المسمى بأنصار بيت المقدس والذي بايع داعش مؤخرًا وفيه الحكم على جميع أفراد الجيش المصري بالردة والتباهي بقتل عدد من جنوده الأبرياء


ومن خلال هذه المصادر تبين أن هذا التنظيم لديه العديد من الأخطاء العظيمة منها:


- أن قادته الميدانيين من القادة البعثيين السابقيين وإذا كان باب التوبة مفتوحًا أمام كل أحد ولكن فرق جوهري بين أن تقبل توبة التائب ظاهرًا و تكل أمره إلى الله و بين أن تسلم لهم القيادة لا سيما إذا كانت فعالهم استمرارًا لنفس ما كانوا عليه في السابق كما سنبين إن شاء الله

- أنهم من أشد الناس غلوًا في التكفير ولا يقدح في هذا أنهم يتبرأون من تكفير المسلمين فلو أنك سألت أي خارجي هل تكفر المسلمين؟ لأجاب بالقطع لا ولكن الصحيح أن تسأله هل يحكم بالإسلام لمن نطق بالشهادتين أم لا؟ ومتى يحكم على المسلم بالردة بعد إسلامه؟ وهل يثبت الكفر على معين بمجرد فعله الكفر؟ أم لا بد من ثبوت شروط وانتفاء موانع؟ وبهذا يتبين السلفي من الخارجي

- كما أنه لا يقدح في ذلك أنهم لا يكفرون بالكبيرة فعامة الخوارج المعاصرين لا يكفرون بالكبيرة ولكنهم في النهاية يكفرون المسلمين من باب تكفير الحكام أولا ثم تكفير جميع من لا يكفرهم توسعًا منهم بالباطل في تطبيق قاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر وهنا يدور السؤال: هل إثم من يكفر المسلم العاصي المرتكب للكبيرة أعظم عند الله أم من يكفر رفقائه في الجهاد لأنهم لم يبايعوه أو لأنهم ما يوافقوه على بدعته من تكفير حكام المسلمين؟

- ومن هنا نعلم أن نقطة الغلو الرئيسية التي ينطلق منها هؤلاء هي تكفير الحكام وهم في ذلك ينطلقون من القواعد القطبية التي ترى أن الحكام كفار لمجرد أنهم حكام بناء على ما قرره سيد قطب من أن حال الدعوة في العصر الحديث كحال دعوة النبى صلى الله عليه وسلم في بدايتها حيث ينقسم الناس إلى مؤمن بها ومعرض عنها وهم العامة وأعداء لها وهم الملأ أي الحاكم وحاشيته والذي يترجم في هذا الزمان إلى الجيش والشرطة والحكومة ويختلف أنصار هذا الفكر اختلافا كبيرا في الحد الذي يعتبر به الشخص داخلا في الملأ وداخلا في العامة

- ومما يؤكد أن هؤلاء يكفرون الحكام بمجرد كونهم حكامًا أنهم لا يلتفتون إلى أن بعض الدول تطبق الشريعة بالفعل في النظام القضائي على الاقل وأن بعض الدول مثل مصر واليمن والكويت تنص دساتيرها على مرجعية الشريعة بل لا فرق عندهم بين الجميع

- و من أخطائهم الشنيعة والتي يتوصلون بها إلى تكفير كل من خالفهم في النقطة السابقة توسعهم المذموم في تطبيق قاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر فيلزمون جميع المسلمين بفهم الفاسد في قضية الحكام ومَن أبى حكموا بكفره وهم يمتحنون من يقع تحت أيديهم في شأن حاكم بلده وكانوا يفعلون هذا مع المصريين بشأن الدكتور مرسي مع أنه ينتمى إلى حركة إسلامية فمع غيره من باب أولى

- كما أنهم يتوسعون في التكفير بباب موالاة الكفار فيجعلون كثيرا من صور الموالاة المحرمة أنها من باب الردة بل ربما أدخلوا صورًا من المعاملة الجائزة على أنها من الموالاة الشركية وبالطبع يطبقون هذا على التعاون على البر والتقوى مع الحكومات المعاصرة (والتي يعتقدون كفرها)

- ومن أخطائهم تكفير بعض الطوائف بالعموم لأسباب لم يثبت أن كل أفراد الطائفة يفعلها أو يقر بها كتكفير الشيعة بالعموم استنادا إلى الأقوال الكفرية التي صرح بها بعضهم وتكفير الصحوات بالعموم استنادا إلى تبعية بعضهم للأمريكان

- ومن أشنع أخطائهم التكفير باللوازم بل ربما كفروا بلوازم متوهمة كحكمهم بكفر من أسره الامريكان ثم أطلقوا سراحه بدعوى أن إطلاق سراحه لم يكن ليتم إلا بعد أن أصبح عميلا لهم

- وكل هذه الأخطاء ازدادت حدتها بعدما أعلنوا تحولهم من تنظيم إلى دولة حيث أصبح من السهل عليهم اعتبار كل رافض لبيعتهم أنه من جملة الموالين للكفار أو من جملة الذين يتمنون هزيمة (الإسلام) متمثلا في تنظيمهم الذي ظنوه دولة بالإضافة إلى ما في ذلك من تشويه معنى الحكم الإسلامي والخلافة الإسلامية وتثبيت التهمة التي يرددها الكثيرون أن الإسلاميين لا يعرفون معنى الدولة ولا كيفية الحفاظ عليها

- ومن تبعات تسرعهم في إعلان دولة بلا مقومات حقيقية أنهم لا يكادون يجدون من معنى الدولة بابًا يثبتون به قيام دولتهم إلا الإسراف في تطبيق الحدود مع أن الحالة التي هم عليها قد يمنع فيها من إقامة الحد منعًا من فتنة الناس لقول النبى صلى الله عليه وسلم "لا تقطع الأيدي في الغزو"


• أين يكمن الخلاف مع معجبى داعش


بعد هذا العرض الذى استعرضناه يبقى السؤال لماذا يوجد من يدافع عن تنظيم داعش وبأى حجة يدافعون؟


والجواب أن المدافعين عن داعش أقسام


1- منهم من يوافق داعش في تكفير الحكام والمحكومين أو في التوسع في التكفير بدعوى موالاة الكافرين أو على الأقل في عدم اعتباره لقضية العذر بالجهل مما يترتب عليه تكفير كثير من المسلمين الذين يشيع فيهم الجهل ببعض مقتضيات التوحيد والخلاف مع هؤلاء في واقع الأمر أعمق من أن يكون خلافا حول داعش بل الخلاف في هذه القضايا يحتاج إلى مراجعة ومناصحة وبيان لأن هذه الاعتقادات من البدع المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة

2- ومن هؤلاء المعجبين بداعش من لا يحسن هذه القضايا ولم يسمع بها من قبل فيجب عليه قبل التهوين من شأنها أو غض الطرف عنها أن يعرف موقعها في عقيدة أهل السنة والجماعة و أن يعرف أثر الانحراف فيها في الصد عن سبيل الله ومسئولية هذه الانحرافات عن الفتن التي ثارت والدماء التي أريقت

3- ومن هؤلاء من تمسك بداعش على أنها هي الأمل والمنقذ لا سيما في هذه الفترة التي يشيع فيها الشعور بالإحباط وينتشر فيها دعاء العجلة وهذا أحد السمات الرئيسية في الفكر الداعشي والمعجبين به وقد كان أبو مصعب الزرقاوي مؤسس نواة هذا التنظيم يجمع بين غلوه في التكفير من تكفير الشيعة والصحوات بالعموم ومن تكفيره للحكومات في الدول الإسلامية وبين الإعجاب الشديد بالجهيمان الذي ادَّعى المهدية والذي أحدث في الحرم ما أحدث ورغم انجلاء فتنته فقد ظل الزرقاوي على إعجابه به وإشادته به

وهؤلاء المفتونون يلجأون إلى حيلة عجيبة وهي التشكيك في كل ما ينسب إلى داعش من جرائم رغم أنهم هم من يبثها على مواقعهم المعتمدة والتي يبث عليها خطبة أبي بكر البغدادى وصور انتصارات داعش التي يعول عليها هؤلاء في التعلق بهم فيقبل من ذات المصدر ما يروق له و يرفض ما لا يروق له

على أن أخطاء داعش ثابتة بكل الوسائل التي أشار إليها شيخ الإسلام ابن تيمية في كيفية معرفة أحوال التتار أو غيرهم ومن آخرها ما بثه هؤلاء على سبيل الفخر المقطع الذي نشره التنظيم المسمى بأنصار بيت المقدس والذي صار تابعًا لداعش يكفر فيه جميع جنود الجيش المصري ويفخرون فيه بقتلهم

4- ومن هؤلاء من يعرف هذه الطوام ولكنه يريد أن يمنع الدعاة من الرد عليها رغبة منه في أن تذوق الحكومات التي تضيق على الدعاة السلميين وقد رددت عليهم في مقالة أصول الفكر القطبي وأكرر الجواب هنا لأهميته وأن هذا الأمر باطل ومنكر من وجوه منها:

- أن الدعاة إلى الله يتحملون في الدنيا والآخرة تبعة الدماء التي تراق بغير حق إن لم ينكروا

- أن صورة الإسلام والدعوة إلى الله خاصة تشوه بمثل هذه الأفعال

- أن الترك المؤقت لدعاة العنف وَهْمٌ كبير وإلا فمتى توحشوا ازداد غلوهم وزادت خطورتهم وهاهم "داعش" يخرجون عن طوع أبي محمد المقدسى ثم يعملون القتل فيمن ما زال على طريقته مثل جبهة النصرة وهم ينتمون إلى التيار السروري الذي عهد عنه السكوت عن التيار القطبى ومحاولة الدفاع عنه و ضمه إلى أهل السنة


و بعد هذا الاستعراض نستعرض بعض جهود العلماء في الرد على هذا التنظيم


• (داعش ظاهرهم التكفير وباطنهم البعثية)


تعرض الدكتور سعد بن ناصر الشثرى عضو هيئة كبار العلماء سابقا لسؤال بشأن داعش في برنامج الجواب الكافي على قناة المجد الفضائية فأجاب إجابة مفصلة كان ملخصها (داعش ظاهرهم التكفير وباطنهم البعثية) وهذه أهم النقاط التي جاءت في إجابته:


- ممن حاول استعمال الأسماء الطيبة الجذابة حزب البعث العربي الذين دخلوا على الأمة باسم العروبة وهذا الحزب أسسه ميشيل عفلق وصلاح البيطار عام 1367هـ حتى حكموا سوريا عام 1383 ولا زال الناس يقاسون الآثار السيئة للحكم البعثي

- في العراق قاد حزب البعث عام 1378هـ ثورة بقيادة عارف قتلوا الملك فيصل ودعوا بعبد الكريم قاسم زعيم العراق ثم انقلبوا عليه عام 83 بثورة حدث فيها قتال عنيف

- وفي 86 قام حزب البعث في التحالف مع ضباط غير بعثيين وقاموا بانقلاب وبعد سنتين طردوا جميع حلفائهم من الضباط الغير بعثيين وقتل كثيرا منهم

- والحزب معروف عنه هذه القسوة البالغة والاغتيالات الداخلية مثل حردان التكريتى وفؤاد الركابى وغانم عبد الجليل وغيرهم وفى عام 1399 هـ 99 قاموا بانقلاب آخر بعضه على البعض وأعدم فيه ثلث مجلس قيادة الثورة

- أعمل الحزب في الأكراد أبشع أنواع القتل والتشريد وحكم الناس بنظام بوليسي مباحث وشرطة واستخبارات

وكان حربًا على الإسلام وقاموا بقتل علماء الشريعة

- هوحزب همجي قومي لدى قادته جنون العظمة ويحترفون الخداع والكذب والتلون

- تنظيم الدولة الإسلامية هو بعينه البعث

- التنظير الشرعى لتنظيم داعش لا يعدو أن يكون تبريرات جدلية للمارسات الهجمية

- وبناء على ذلك فهذا التنظيم ليسوا من الخوارج بل هم من الزنادقة

- قد تقول إنه انضم إلى لوائهم المجاهدون من بلدان شتى يريدون الجهاد و لكن هؤلاء مخدوعون


والحكم على الجيش إنما هو بإهدافه وقياداته


- قد يمكن القادة بعض هؤلاء الذين جاءوا للجهاد من فعل بعض الأفعال كإقامة الحدود لتبرير طرائقهم السابقة فى التنكيل والبطش

- المعارك بينهم وبين الأسد على قلتها لا تخرج عن الخلافات البعثية-البعثية المعتادة وإلا فقد كان بشار يتجنب تماما قصفهم بل يقصف من يقاتلهم

- وأما هدمهم للأضرحة فهذا فعل الأتباع ولما جاء الأمر عند ضريح سليمان باشا جد العثمانيين سهلوا للقوات التركية أن تدخل لحمايته وهم الآن يحمونه بأنفسهم

- وأما استدلالهم بأقوال محمد بن عبد الوهاب فنوع من خداع الشباب السعودي ليناصرهم وهم يظهرون أقوال بعض علماء المالكية للمغاربة وبعض أقوال قادة الإخوان للإخوان

- أبو بكر البغدادى مجرد صورة من أجل تحسين سمعة حزب بالبعث وأما سائر القادة مثل الأنباري وحجى بكر وأبو مسلم التركماني وأبوعبد الرحمن البلاوي وأبو مهند السوداوى والحبورى فبعثيون معروفون

- لو كان البغدادى صادقا فليخرج و يتبرأ من حزب البعث


(انتهى ما أردنا إيراده من كلام الشيخ وفي كلامه عبارات أشد بكثير مما ذكرناه ولكننا اكتفينا بما نقلناه خوفا من أن يسئ البعض فهم تلك العبرات فيكفر داعش بالعموم كما كفروا هم غيرهم بالعموم)


• داعش جهل الخوارج واختراق الاستخبارات


نظمت عدد من القنوات الفضائية حملة بعنوان (داعش جهل الخوارج واختراق الاستخبارات)


وشارك فيها عدد من العلماء والدعاة منهم الدكتور سعد بن ناصر الشثري والذي كان تركيزه على ذات القضية التي ركز عليها في برنامج قناة المجد ومنهم الشيخ سعد البريك والشيخ عدنان العرعور والشيخ عمر الزيد وغيرهم ومنهم الباحث أنور مالك والذي غطى جانب الاستعمال المخابراتي لتنظيم داعش وهو ما عبر عنه بصورة أوفى في مقال له بعنوان


"داعش" والاختراق الاستخباراتي!"


قدم الكاتب في هذا المقال معلومات كثيرة مستندة إلى ما وصفه بأنه معلومات مسربة عن تقارير مخابراتية تنسب إلى حزب الله والمخابرات العراقية تسهيل مرور تنظيم داعش إلى سوريا لتشويه الجهاد و تجميل صورة الأسد بل ادَّعى أن السلطات الشيعية العراقية أفرجت عن كثير من أعضاء التنظيم مع دفعهم للذهاب إلى سوريا ثم ختم مقاله بقوله


"ويبقى القول أخيرًا وليس آخرًا:


ليس شرطا أن تكون عميلا كي تخدم خصومك، لكن يكفي أن تتواجد في الزمن الخطأ والمكان الغلط سواء كان الأمر لغباء في التخطيط أو لغياب أفق استراتيجي للصراع القائم في العالم الإسلامي، وهذا ما يجري مع "داعش" والأيام القادمة ستكشف الكثير من الخفايا والتطورات.. وللحديث بقية."


تنبيه: مع أن المعلومات المذكورة فى هذا المقال محتملة ومع هذا أوردنا استئناسًا لوجود الكثير من الشواهد المؤيدة له ولقبول عدد من العلماء والمتابعين له كتحليل على الأقل إن لم يكن معلومة مؤكدة وممن فعل هذا د.محمد السعيدى أستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى والذي وضع هذا المقال على حسابه على توتير فجاءه سؤال بعد كل ما فعلته داعش تقولون إنها مخترقة فكتب عددًا من التغريدات بعنوان (ماذا فعلت داعش؟) و بها نختم هذا المقال


• ماذا فعلت داعش؟..تغريدات مهمة للدكتور محمد السعيدي


1-حين نشرتُ مقالة أنور مالك عن اختراق داعش تواردت الأسئلة: بعد كل ما فعلته داعش تقولون إنها مخترقة فأزمعت كتابة تغريدات عن (ماذا فعلت داعش؟)

2-إبان الاحتلال الأمريكي للعراق وبعده بقليل كان اسم داعش القاعدة في الرافدين ثم إمارة العراق الإسلامية ومما فعلته في العراق ما يلي:

3-بعث عداوة السنة في قلوب عوام الشيعة وهو هدف إيراني لتكوين الاصطفاف الشيعي وتقويته وإشعارهم بالخوف وإلجائهم لقبول الاستظلال بإيران

4-نجحت إيران في تحقيق هدفها بطريق تفجيرات غير مبررة يقوم بها عناصر التنظيم في تجمعات الشيعة وربما قامت إيران ببعضها ونسبتها لهم وتبنوها

5-نجحت المخابرات الإيرانية بإعلامها وصنيع القاعدة إيقاظ روح العداء الرافضي ضد السنة وتكونت كتائب الموت الرافضية والتي لا تزال تعمل حتى اليوم

6-كتائب الصفوية كانت تقتل السنة وإمارة العراق كانت تقاتل المقاومة السنية أيضا بحجة عمالتهم أوكفرهم والمقاومة السنية تنهزم أمام شراستهم

7-استطاع الأعداء الثلاثة إمارة العراق والصفويون والجيش الأمريكي كل فيما يخصه إخماد جميع فصائل المقاومة السنية العراقية

8-قليلاً ما يقع التحام قتالي بين عناصر الإمارة وكتائب الصفويين أو الأمريكان ، ومعظم نشاط الإمارة تفجيرات ينفذها أبناؤنا لا تحسم المعركة

9-بعد تصفية المقاومة وتسليم الأرض للصفويين ذابت إمارة العراق وسجن المخلصون من أتباعها وكانوا آلات تتحرك أما المحركون فلا يعرف من أمرهم شيء

10-بعد نجاح الثورة السورية ظهرت داعش بمراحلها المعروفة وأعظم إنجازاتها تعطيل الثورة وإنقاذ النظام وإيجاد الشقاق بين الثوار والاعتداء عليهم

11-من إنجازات داعش إيجاد الحجة للنظام العالمي للصمت عن جرائم الأسد أمام الرأي العام الغربي ثم تحويل الأولوية من إسقاط الأسد إلى إسقاط الثورة

12-من إنجازات داعش تفريق اعتصام أهل الإنبار الذي دام عاما وكاد يودي بالمالكي ودخلت داعش وفرقته ثم ذابت وبدأ المالكي يضرب السنة محتجًا بداعش

13-من إنجازات داعش إيقاف ثورة العشائر بإعلان الخلافة وتهديد كل من يخرج على الخليفة المزعوم فتوقفت العشائر خوف الاقتتال وتم إنقاذ الحكومة

14-من إنجازات داعش إنقاذ النظام الصفوي العراقي من العشائر وترك بغداد والانصراف نحو الأكراد أعداء النظام الإيراني .

15-من إنجازات داعش المساهمة في تأمين وصول مقاتلي عصائب أهل الباطل والميليشيات الصفوية إلى أعماق سوريا لدعم النظام وحزب اللات

16-من إنجازات داعش محاولة إحداث الفوضى في الشمال الكردي الذي يعد حتى وقت قريب ملاذا آمنا للفارين من أهل السنة من نير الحكم الصفوي

17-أحيانا تقاتل داعش الجيش العراقي ذا الغالبية الشيعية العربية لكون إيران لا تريد جيشًا عراقيًا حتى ولو كان شيعيًا وداعش أداة جيدة لإضعافه

18-من إنجازات داعش إشغال العالم باليزيديين وكوباني عن مجازر الأسد وحصار الغوطة وتقدم حزب اللات،، ضوضاء عند الأبواب ليقفز المجرم من النافذة

19-يحرص الدواعش على أخذ الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا من يد الثوار السوريين لا من يد النظام ليحولوا بين الثوار وأي دعم من جهة تركيا

20-حماس المنتمين للفكر الداعشي لحادثة الأحساء يتفق مع رغبة تنظيمهم إحداث الفوضى في المملكة العربية السعودية وجعلها عراقًا ثانية

21-من إنجازات داعش دعم المشروع الإيراني في إثارة رافضة السعودية لتحقيق الفوضى هنا ، إيران وداعش يعملان الشيء نفسه وليست أولى نقاط الالتقاء

22-إعلان البغدادي في خطابه طموحه في التمدد نحو السعودية مع أنه لم يتقدم لفك الحصار عن الغوطة منذ أكثر من سنة دليل على أولويات إيران لديه

-الطريق نحو تحرير فلسطين يمر عبر الأردن وليس عبر السعودية ، لماذا لم يعلن تمدده تجاهها ؟


ذكرني بصدام حسين الذي غزا الكويت ليحرر فلسطين


23-داعش التي تزعم نصرتها للسنة كم جزرت من عشيرة آل بو نمر السنية في العراق وكم قتلت من قبيلة الشعيطات في سوريا ويقولون لا نستهين بالدماء

24-تصفح تاريخ المواجهات بين جيش الأسد والثوار السوريين تجد نصيب داعش مواجهتين فقط وفيها مقال ،أما البقية فكلها انسحابات للنظام لتمكين داعش

25-كم مرة قصفت طائرات النظام الأسدي مواقع داعش ؟

الجواب ولا مرة، طبعا هذا لا يثير استغراب المتعاطفين مع داعش .

26-وضعت داعش لنفسها قاعدة قتال المرتد أولى من قتال الكافر الأصلي لتبرر للمتعاطفين تركها الأسد وعصابته والتفاتها للمسلمين، والحكم بالردة جاهز

27-المطلوب من داعش أمريكيًا وإيرانيًا وصهيونيًا هو المشاركة في خطتهم إحداث الفوضى في دول السنة ولذلك اقتصر تهديد البغدادي عليها

28-حتى القوات المشتركة التي تزعم أنها تضرب داعش ، لا تضربها حقا، وإنما تمنعها من الوصول إلى المناطق التي لا تريد منها أن تصل إليها فقط

29-الحق الذي في كلمة البغدادي هو سلامة مقراتهم من ضربات الطيران الأمريكي وهذا لو تأمله المتأمل بعقل لعرف أنه من أوضح الأدلة على تآمرهم معها

30-لو كانت أمريكا صادقة في قتال داعش لكانت المشاركة معها مثل المشاركة في قتال البعث وقتال بشار لكن أمريكا كاذبة في عداوتها لها .

31-كانت فكرة القاعدة هي القيام بأعمال من شأنها جر الصليبيين لجزيرة العرب وبلاد الإسلام ليتمكنوا بزعمهم من سحقهم، أي انهيار استراتيجي هذا

32-حرصت داعش على الشيء نفسه وهو إعادة الصليبيين إلى العراق والشام ، ثم يعلو صراخهم بالمناداة بقتال الصليبيين، ولا يستفيدون من التجارب الفاشلة

33-فكرة جلب الصليبيين لمناطق الصراع للقضاء عليهم ثبت فشلها فها هي أفغانستان علمانية محطمة والصومال واليمن وتريد داعش للسعودية أن تكون كذلك

34-حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بغزو الجزيرة ثم فارس ثم الروم تم كما وصف وبالترتيب الذي أخبر به فتنزيل الحديث على مؤامرة داعش لعب بالعقول

35-غزا أبو بكر رضي الله عنه أنحاء الجزيرة وقمع الردة ووطد دولة الإسلام ثم اتجه للعراق وأتم الله على يد عمر فتح بلاد فارس ثم بلاد الروم

36-استكمل فتح آسيا الصغرى في عهد السلاجقة الأتراك في القرن الرابع الهجري ثم فتحت القسطنطينية وشرق أوربا على يد العثمانيين

37-أهل البدع أشد الناس حرصًا على تنزيل أحاديث الفتن على الواقع ليثبتوا شرعية وجودهم ولا نعلم فرقة فعلت ذلك إلا انتهى الأمر على خلاف قولها

-يدعي أنصار داعش أن الإعلام العالمي عدو لهم ويشوه صورتهم والحقيقة عكس ذلك فالإعلام العالمي هو الذي ضخمهم وهو المستفيد من ذلك-

38-هذه مواقع التواصل الكبرى التي لا تبتعد عن المخابرات الأمريكية ( جوجل وتويتر وفيس بوك ويوتيوب) لا تحاول حجب الإعلام الداعشي .

39-أيها الشباب المحب لدينه عليكم اتباع نبيكم في تجنب الفتن ( فمن كانت له إبل فليذهب إلى إبله ومن كانت له غنم فليذهب إلى غنمه … ) الحديث

40-وأخيرًا فإن متابعة ردود أنصار داعش على من ينتقدها تنبيك عن معادنهم وأخلاقهم وعقولهم وستكشف لك فهمهم الضيق للإسلام ، تابع معنا.


و فى النهاية أسأل الله أن أكون قد وفقت إلى جمع نصائح لمن اغتر بداعش عسى الجميع أن يدرك هذا الخطر الداهم الذي يدور بين التكفير والبعثية وكلاهما شر مستطير نسال الله أن يقي الأمة منه.

2019/04/02

أبريل 02, 2019

✍ *وصـــايــــا للـشـــبـــاب* ☝ 🔹 قَــالَ الشَّـيخ عَبدُ الرزَّاق البَدْر - حـَفِظَهُ الله - :



✍ *وصـــايــــا للـشـــبـــاب* ☝

🔹 قَــالَ الشَّـيخ عَبدُ الرزَّاق البَدْر -  حـَفِظَهُ الله - :

أيها الشاب الموفق : هذه وصايا أنصحك بها نصيحة محبٍ مشفق ؛ إن أخذت بها كانت موجبةً لنجاتك وسببًا لفلاحك وسعادتك في دنياك وأخراك :

❶- عليك -أيها الشاب- أن تعمل على صيانة شبابك وحفظه بأن تتجنب الشرور والفساد بأنواعه مستعينا في ذلك بالله متوكلًا عليه وحده جل في علاه ، وكلَّ باب أو مدخلٍ أو طريقٍ يفضي بك إلى شر أو فساد فاجتنبه واحذره غاية الحذر .

❷- وعليك -أيها الشاب- أن تكون محافظًا تمام المحافظة غلى فرائض الإسلام وواجبات الدين ولاسيما الصلاة ، فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل ، فإن الصلاة معونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل .

❸- وعليك -أيها الشاب- أن تكون مؤديا حقوق العباد التي أوجبها الله عليك وأعظمها حق الأبوين فإنه حق عظيم واجب جسيم .

❹- وعليك -أيها الشاب- أن تكون قريبًا من أهل العلم وأكابر أهل الفضل ؛ تستمع إلى أقوالهم ، وتسترشد بفتاواهم ، وتنتفع بعلومهم ، وتستشيرهم فيما أهمَّك .

❺- وعليك -أيها الشاب- أن تكون محققًا ما أوجبه الله عليك من سمعٍ وطاعة لولي أمرك ؛ فإن في ذلك النجاة ، وأما الطرائق القائمة على الافتيات على ولاة الأمر والخروج عن الجماعة ونزع اليد من الطاعة فإنها لا تفضي بأهلها إلا إلى الشرور والهلكة.

❻- وعليك -أيها الشاب- أن تعمل في أيامك ولياليك على تحصين نفسك بذكر الله جل وعلا ، وأن تكون مواظبًا على الأذكار الموظفة في الصباح والمساء وأدبار الصلوات والدخول والخروج والركوب ونحو ذلك ، فإن ذكر الله عز وجل عصمةٌ من الشيطان وأمَنَةٌ لصاحبه من الضر والبلاء .

❼- وعليك -أيها الشاب- أن يكون لك وردٌ يومي مع كتاب الله ليطمئن قلبك ؛ فإن كتاب الله عز وجل طمأنينة للقلوب وسعادةٌ لها في الدنيا والآخرة {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد:28].

❽- وعليك -أيها الشاب- أن تكثر من دعاء الله عز وجل أن يثبِّتك على الحق والهدى وأن يعيذك من الشر والردى ، فإن الدعاء مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة.
- وعليك -أيها الشاب- أن تكون حريصًا على مرافقة الأخيار ومصاحبة الأبرار ، وأن تجتنب أهل الشر والفساد ؛ فإن في صحبة أهل الشر العطب .

❾- وعليك -أيها الشاب- أن تكون على حذر شديد من هذه الوسائل التي غزي الشباب من خلالها ولا سيما شبكة المعلومات ليسلم لك دينك ولتكون في عافية من أمرك ، والعافية لا يعدلها شيء.

❿- وعليك -أيها الشاب- أن تكون على ذكرٍ دائما أنك ستقف يومًا بين يدي الله ويسألك فيه عن هذا الشباب فيما أمضيته وأفنيته {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}[الطور:26ـ27] .
وأسأل الله عز وجل أن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين .

2019/03/15

مارس 15, 2019

مِن تُراث الماضي القريب... (مَن نحن؟ وماذا نُريد؟) كتبه/ ياسر برهامي

مِن تُراث الماضي القريب... (مَن نحن؟ وماذا نُريد؟)     كتبه/ ياسر برهامي

مِن تُراث الماضي القريب... (مَن نحن؟ وماذا نُريد؟)

كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد يَستغرب البعضُ مواقفَنا السياسية، ويذهب يمينًا وشمالًا في تحليلها، وأحيانًا كثيرة يكون تحليله حسب هواه تجاهنا دون أن يكلِّف نفسه فهم حقيقتنا ومنهجنا؛ فالبعض يظن أننا "نَعُوم مع العايمة!" -على المثل المصري-.
والبعض يتصور أننا لا بد أن نختار موقف النظام في كل القضايا؛ لأننا وقفنا مع بقاء الدولة ضد خيار الفوضى والاضطراب والصراع الصفري في سنواتٍ مَضت؛ فيُقنِع نفسَه ومَن حوله أن هذا هو طريقنا الدائم، وربما عَمي -أو على الأقل أغمض عينيه- عن مواقف كثيرة اختلفنا فيها مع النظام ومع ذلك لم نسعَ للهدم.
والبعض يصفنا بالبراجماتية السياسية ولا يحسن فهم منطلقاتنا في قضية المصالح والمفاسد؛ ولذا يستغرب موقفنا مِن قضية يعتبرها حبرًا على ورق؛ أعني قضية التعديلات الدستورية القادمة، وموقفنا الرافض للنص على مدنية الدولة في الدستور، ولعل هذا الموقف مِن أكبر الخلافات مع النظام عبر مسيرتنا الماضية.
وقد يظن أن إعمالنا لأصل مراعاة المصالح والمفاسد يتعارض مع الموقف الحالي الذي قد يترتب عليه أضرار وأذى، ومزيد مِن الإقصاء، وقد لا يترتب عليه أيضًا؛ فنحن لا يشغلنا ذلك كثيرًا؛ لأن مصلحة الحفاظ على دين الأمة وهويتها وثوابتها مصلحة لا يمكن التنازل عنها في مقابلة ما دونها مِن المصالح.
وقد راجَعتُ بيانًا سابقًا أصدرته "الدعوة السلفية" ليلة عيد الفطر 29 رمضان 1432هـ، الموافق 28-أغسطس-2011م، بعد نحو الشهرين مِن تأسيس حزب النور بعد سلسلةٍ مِن المؤتمرات في أرجاء الجمهورية من أجل الحفاظ على الهوية الإسلامية، كان آخرها المشاركة في مليونيه 29/7/2011م الشهيرة، وكان البيان بعنوان: "مَن نحن؟ وماذا نريد؟"، تضَمَّن ملخصًا لمنهجنا في كل القضايا العقدية والعملية، والسلوكية والخلقية، والسياسية، والنظرة إلى بناء الدولة والمجتمع والأمة بعد بناء الأفراد في تَصوُّرنا الإسلامي.
وحمدتُ الله حين قرأته على نعمته -سبحانه- بعدم تغير المنطلقات التي نبعت منها القرارات عبر سنواتٍ عصيبة مرَّت بها الأُمَّة عامة وبلادنا خاصة، ولمَن أراد أن يعرف منطلقاتنا في اتخاذ قراراتنا نعيد نشر هذا البيان؛ عساه أن يكون موضحًا لأبناء دعوتنا وحزبنا منهجنا وطريقنا، وثوابتنا ومتغيراتنا، وموازين المصالح والمفاسد لدينا؛ ليكون نبراسًا على طريق عملهم الدعوي والسياسي والاجتماعي والعلمي، والله المستعان.
"مَن نَحن؟ وماذا نُريد؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمع إشراقة عيد الفطر المبارك نتقدم إلى كل مسلم ومسلمة بأعز التهاني بهذا العيد الذي أتانا وقد أزاح الله عن بلادنا نظام الظلم والطغيان البائد، وأراح العبادَ مِن شر طُغْمةٍ أفسدت في الأرض وصَدَّتْ عن سبيل الله وابتغت السبيل عوجًا؛ فأزال مالكُ الملك ملكَهم ورئاستَهم، سائلين الله تعالى أن يهيئ لأمتنا أمرَ رشد؛ يُعَزُّ فيه أهلُ طاعته ويُهدَى فيه أهلُ معصيته، ويُؤمَر فيه بالمعروف ويُنهَى فيه عن المنكر، وأن يُوَلِّيَ أمورَنا خيارَنا مِن الذين قال فيهم: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج:41)، ولا يُوَلِّيَ أمورَنا شرارَنا، وأن يجعل ولايتَنا فيمَن خافه واتقاه، وآمن به واتبع شريعتَه وسنةَ نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ونسأله سبحانه أن يتقبل منا ومن كل المسلمين الصلاةَ والصيامَ والزكاةَ وسائرَ الأعمال، وأن يعفو عنا ويغفرَ لنا ويرحمَنا وينصرَنا على مَن بغى علينا.
وننتهز هذه الفرصة لنقدِّم للجميع جوابًا على السؤال الذي يقفز إلى ذهن الكثيرين ممَن سمع عنا ولم يسمع منا: مَن نحن؟ وماذا نريد؟
نحن جماعة مِن أبناء هذا الوطن -مصر الحبيبة- رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا، ندعو إلى الله -سبحانه-؛ إلى عبادته والإيمانِ به؛ تحقيقًا لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56)، متبعين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي جاء بالإسلام كدينٍ شاملٍ كاملٍ ينظِّم حياةَ الفرد والأُمَّة والدولة في الظاهر والباطن؛ في العقيدة والعبادة، والمعاملة والخلق والسلوك؛ (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام:162-163).
نريد العودة إلى الإسلام كما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبيضَ نقيًّا بلا شوائبَ، ولا بِدَع، كما فهمه وطَبَّقَه السلف الصالح مِن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومَن تبعهم بإحسان؛ الذين نحبهم ونتولاهم ونبغض مَن يبغضهم وبغير الخير يَذكُرهم.
ونريد استئناف حياة إسلامية لبلادنا ولكل المسلمين في الأرض؛ لتحقيق الإسلام والإيمان والإحسان.
ففي العقيدة والإيمان: ندعو إلى توحيد الله -سبحانه- بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته، ولا شريك له في إلهيته، ولا كُفْءَ له في أسمائه وصفاته وأفعاله؛ فهو وحده المتفرد بالخلق والرزق والتدبير (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الأنعام:17)، وهو وحده المتفرد بالملك (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:26)، وقال -تعالى-: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) (فاطر:13)، وهو وحده الذي له الأمر والحكم والتشريع (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف:54)، وقال -تعالى-: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (يوسف:40)، وقال: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) (الشورى:21)؛ فلا نرضى أبدًا بحكم يخالِف شرعَه الذي أوحاه -سبحانه- إلى محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- خاتمِ النبيين الذي لا يقبل الله مِن أحد صرفًا ولا عدلًا إلا بالإيمان به واتباعه، واتباع النور الذي أُنزل معه -القرآن العظيم-.
والحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان، ونصرة الدين ومتابعة أهله، وعدم طاعة الكفار والمنافقين مِن أصول الإيمان، وهو سبحانه وحدَه الذي يستحق العبادة بكل أنواعها؛ فلا نركع إلا لله، ولا نسجد إلا له ولا ندعو غيرَه ولا نذبح لغيره، ونحارب البدع والخرافات التي تدعو إلى الغلو في الصالحين وصرف العبادة لهم ولقبورهم، وهو سبحانه له الأسماء الحسنى، الرحمن على العرش استوى، الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد؛ ندعوه بأسمائه، ونحبه مِن كل قلوبنا، ونخافه ونرجوه ونتوكل عليه، ونتجنب البدع، ونؤمن بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر، والقضاء والقدر على ما جاء في الكتاب والسُنَّة.
وفي العبادة والعمل: نتبع سُنَّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونحارب البدع كلَّها، ونسعى إلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في الأمة كلِّها، وكذا صوم رمضان والحج، وندعو إلى تجنب الحرام في المعاملات والأعمال، فلابد أن تُضبَط الدنيا بالدين؛ فنرفض الربا -ومنه فوائد البنوك الربوية- والرشوةَ التي دمَّرت المجتمع والميسرَ -القمار والغرر-، وثمنَ الخمر والخنزير، والميتة والأصنام، وكلَّ بيع أو إجارة ثبت النهي عنها في الكتاب والسُّنة أو أعانت على معصية الله.
وفي الأخلاق والسلوك: نرى أن تَقَدُّمَ الأمة ورفعتَها في عودتها للتمسك بالأخلاق الفاضلة التي جاء بها الإسلام -وأصلها مراقبة الله والإخلاص له-؛ فنأمر ببر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران والمُعَامَلين، وغض البصر وحفظ الفرج، وصدق الحديث وأداء الأمانة والوفاء بالعقود، وتعظيم حرمات المسلمين والمعاهَدين والمستأمَنين مِن غيرهم، وننهى عن سفك الدماء وغصب الأعراض والأموال، ونسعى إلى حل المنازَعات بين الناس بشرع الله، ونحارب الخمر والمخدرات، والزنا والتجارة والعمل في كل ذلك، وما يعين عليه.
وفي السياسة وأنظمة حياة المجتمع: نسعى إلى إقامة دين الله في الأرض وسياسة الدنيا به، وإيجاد فروض الكفاية كلِّها:
- مِن نظام تعليم: يرتقي بأبناء الأمة ويُخَرِّج لنا أجيالًا تفهم دينها وتعمل به وتُكَوِّن كفاءات في جميع مجالات الحياة -مِن طب وهندسة وفيزياء وزراعة وصناعة وكلِّ الأنشطة الإنسانية- تقود الأُمَّة إلى النهوض من رقدتها، وتضعها أمام كل الأمم.
- ومِن نظامٍ إعلامي واعٍ: يقوم على الصدق والأمانة، وتوضيح الحقيقة، ومحاربةِ المبادئ المخالِفة للشرع والشهوات المغوية والشبهات المضلة.
- ومِن نظامٍ قضائي عادل: يقوم على القسط الذي شرعه الله، وجزءٌ منه نظام العقوبات الإسلامي، مِن حدود وردت في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بضوابطها الشرعية وتعزيرات لردع المفسدين، وهذه كلها لا تخيف أحدًا مِن أهل الخير والصلاح، بل بها تقوم السماوات والأرض؛ لأنها العدل، وليس ما اخترعه البشر مِن عقوبات أو قضاء بخلاف الشرع ما جرَّ على الناس إلا مزيدَ الفساد للمجتمع، ونشرَ الظلم والمنكر فيه.
- ومِن نظام اقتصادي يهدف: إلى تحقيق التكافل بين الطبقات الاجتماعية بلا غنى مُطغٍ ولا تسليطٍ لرأس المال، ولا فقرٍ مُنسٍ يقهر الطبقات الفقيرة الكادحة؛ بل يجد كلُّ واحدٍ كفايتَه، ويتقاسم الناس فيه الخير والرخاء والثروات بنظام الزكاة، ويتجنب النظام الربوي وأنظمةَ الميسر والقمار المتفرعةَ عنه، كما يحافظ على الملكية الخاصة، ويمنع مصادَرة الأموال بغير حق طالما اكتسبها صاحبُها بالحلال مهما بلغت، طالما أدَّى ما عليه؛ كلُّ هذا مع الانفتاح على العالم -وأولًا العالم العربي والإسلامي- لتحقيق الخير للأمم والشعوب في ظل الشرع.
- ومِن السياسة الخارجية وفي مجال الحرب والسلم: فلا بد مِن تقوية الجيش الذي يدافع عن الدين والبلاد والعباد، ويحافظ على الكرامة، كما نفي بالعهود والمواثيق ولا نغدر ولا نخون.
- ومِن النظام الاجتماعي: ندعم المحافظة على الأسرة، ونؤكد على حق المرأة والضعيف كما ورد في الشرع لا على حسب أهواء الغرب ومنظَّماته الهادمة لمبادئ الشريعة، كما نسعى إلى وجود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير كما أمر الله، ونؤكد حقَّ اليتيم والأرملة والمسكين.
- ونعرف لغير المسلمين من أهل الكتاب حقَّهم؛ ألا يُكرِهَهم أحدٌ في دينهم (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (الأعراف:54)، وهم جزء مِن المجتمع له حقوقه وعليه واجباته كما شرع الله لهم في أحوالهم الشخصية مِن زواج وطلاق ونحوه أن يتحاكموا إلى شرائعهم طالما لم يختلفوا؛ فإذا اختلفوا واحتكموا إلينا حكمنا بينهم بشرع الله، كما لا يُمنعون مِن ممارسة شعائرهم في بِيَعهم وكنائسهم، ولا مِن أكل ما اعتقدوا حِلَّه كخنزير أو خمر على أن لا تكون في الأسواق والأماكن العامة.
ونأمر بالعدل معهم والبر والإحسان لمن لا يحارب المسلمين في الدين، ونرى جواز البيع والشراء، والإجارة والشركات والمضارَبات، وسائر الأنشطة التي أحلها الله، ولهم دورهم في بناء المجتمع والدولة، وهم مسئولون عن ذلك مع المسلمين وإن لم يتولوا الولايات العامة التي تهدف إلى إقامة الدين؛ فلا يُتصوَّر أن يتولاها مَن لا يؤمن بهذا الدين، ونحفظ حرمةَ دمائهم وأعراضهم وأموالهم امتثالًا؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ) (رواه البخاري)، وندافع عنهم كما ندافع عن المسلمين في ذلك كله، وقد قمنا بذلك -بحمد الله- أثناء الثورة -باركها الله-.
فهذه هي السياسة الشرعية التي نريد أن توضِّح للناس نموذجًا يختلف عن كل النماذج التي رأوها أو سمعوا بها؛ لأن مرجعيتها كانت على خلاف الشريعة، ومرجعيتنا في المشاركة السياسية: الشريعةُ الإسلامية التي نريد المحافظة على هُوية الأمة بالتمسك بها وتفعيلها؛ حتى تتحول كلُّ التشريعات إلى ما يوافق الوحيَ المنزَّل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فهذه خطوط عريضة لحقيقة دعوتنا وأهدافنا، ووسيلتُنا في تحقيق ذلك: ما أمر الله مِن التعاون على البر والتقوى، وجماعتُنا ترى لزومَ ذلك والاجتماعَ عليه في كل المجالات، بما في ذلك مجال المشاركة السياسية مِن خلال الأحزاب التي تقوم على مرجعية الشريعة وتتعاون معًا لتحقيق الهدف المنشود.
أعاد الله الأعيادَ على أُمَّة الإسلام كلِّها بالنصر والتمكين، والعز والكرامة، ورَفَعَ عنها الظلمَ والعدوان.
اللهم احفظ بلادنا آمنة مطمئنة رخاءً، وسائرَ بلاد المسلمين.
تقبل الله منا ومنكم".

2018/11/30

نوفمبر 30, 2018

مفاهيم عسكرية غيَّرتها حرب أكتوبر 1973م كتبه/ علاء بكر

               مفاهيم عسكرية غيَّرتها حرب أكتوبر 1973م
                            كتبه/ علاء بكر  
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فتعد حرب العاشر مِن رمضان 1373 هجريًّا -السادس مِن أكتوبر 1973 ميلاديًّا-، أكبر حرب تقليدية بيْن جيشين نظامين بعد الحرب العالمية الثانية، ورغم أنها حرب تقليدية، لكنها غيَّرت الكثير مِن المفاهيم العسكرية في الكليات والمعاهد العسكرية في العالم؛ لما قام به الجيش المصري مِن تكتيكاتٍ وأساليب جديدةٍ في الحرب غيَّرت مِن المفاهيم العسكرية المتعارف عليها مِن قبْل، والتي استخدمتها القيادات العسكرية المصرية لأول مرة بهذه الكيفية مِن خلال الدراسات الجادة على الجبهة للتعامل مع العدو الإسرائيلي المتفوق عسكريًّا، ويحميه أكبر مانع مائي على طول خط المواجهة، ويتمتع بخط دفاعي طويل مِن التحصينات القوية والذي عرف باسم: (خط بارليف).
ونحاول في هذه العجالة أن نشير إلى بعضٍ مِن هذه الإضافات المصرية للمفاهيم العسكرية، والتي صارت تدرَّس للعسكريين في الكليات والمعاهد العسكرية في كل أنحاء العالم:

1- عنصر المفاجأة: 

لا شك أن عنصر المفاجأة مِن العناصر الهامة في الحروب؛ إذ أن مباغتة العدو تعطي الفرصة للتقدم عليه مع بداية الحرب، والمحافظة على هذا التقدم يرفع مِن الروح المعنوية للمقاتلين، كما أن مباغتة العدو تقلل مِن الخسائر في الأفراد والمعدات، وفقد عنصر المفاجأة في الحرب يعطي الفرصة للعدو لصدِّ أي هجوم بالاستعداد له، بل وربما توجيه ضربة وقائية وإجهاضية للعدو، ولا يخفي أن العدو الإسرائيلي يعلم ذلك، ويملك مِن أجهزة الإنذار المبكر، ومِن وسائل الاستطلاع وأساليب التجسس، ومِن مصادر المعلومات المأخوذة مِن الأقمار الصناعية ومِن أجهزة المخابرات الحربية ما يجعله في مأمنٍ مِن أن يُباغت بمفاجأة إستراتيجية أو تعبوية أو تكتيكية ليس هو مستعدًا لها، ومع ذلك حقق المصريون العديد مِن عناصر المفاجأة غير المتوقعة في حرب أكتوبر.
أ- مفاجأة اختيار توقيت الحرب:
تقرر كل المراجع وقوانين الحروب، خاصة في وجود مانعٍ مائي وتحصيناتٍ دفاعيةٍ قوية، أن يكون أنسب أوقات الهجوم على العدو مع نهاية الليل وبداية النهار، أو مع آخر النهار وبداية الليل؛ ولهذا كانت معظم العمليات العسكرية المصرية خلال حرب الاستنزاف ليلًا، وفي يوم 6 أكتوبر جاء الهجوم المصري في منتصف النهار، في الساعة الثانية ظهرًا، وهو ما لم يتوقعه العدو بأي حالٍ مِن الأحوال.
ب- المفاجأة بالهجوم على طول خط المواجهة:
حيث بدأ المصريون الحرب بالهجوم على طول خط المواجهة الذي يمتد لحوالي 160 كم، وبكثافةٍ كبيرةٍ؛ إذ عبرت خمس فرق مشاة أقيمتْ لها عشر كباري على طول الجبهتين: الشمالية حيث الجيش الثاني الميداني، والجنوبية حيث الجيش الثالث الميداني.
ومِن الساعات الأولى للحرب اقتحم عشرات الألوف مِن المشاة المقاتلين القناة والساتر الترابي، وأحاطوا بتحصينات "خط بارليف" بتفوقٍ كبيرٍ في العدد على طول خط المواجهة بالكامل، ثم عبرت المدرعات والأسلحة الثقيلة والمزيد مِن قوات المشاة طوال الليل، والمعتاد في الحروب أن يكون الهجوم الرئيسي مركَّزًا على مواقع أو مناطق معينة لأهميتها أو لقوتها للبدء بها؛ لا على كل المواقع في وقتٍ واحدٍ، ومِن هنا لم يستطع العدو الإسرائيلي تحديد اتجاه الهجوم المصري الرئيسي، وبالتالي التحرك لصده؛ مما شتت القيادة الإسرائيلية مع بدء الحرب، خاصة مع تدمير مراكز القيادة ووسائل الاتصال الإسرائيلية أثناء الضربة الجوية الأولى، كما أربك التنسيق في اختيار وقت بدء المعركة مع الجبهة السورية القيادة الإسرائيلية حيث اضطرت إلى القتال على جبهتين متباعدتين في وقتٍ واحدٍ.
ج - المفاجأة بفتح الثغرات في الساتر الترابي بسرعة:
أقام الإسرائيليون ساترًا ترابيًّا مرتفعًا، بأكثر مِن 20 مترًا، وبميل يصعب جدًّا تسلقه، بأكثر مِن 80 درجة، وبضخامة غير عادية، تعدت 10 أمتار؛ مما يصعب معه بالتالي اقتحامه واختراقه، وبالتالي يعيق ويعطِّل أي عبور محتمل، إلى جانب إخفاء هذا الساتر للتحركات الإسرائيلية خلفه، وإزالة هذا الساتر بالطرق التقليدية غاية في الصعوبة كضربه بالطيران أو المدفعية، أو بإقامة كباري مائلة عليه كامتدادٍ لكباري أخرى عائمة بعرض القناة، أو بإقامة مرتفع متدرج للصعود عليه خلال القتال مع ردم جزءٍ مِن حافة القناة الشرقية ونحو ذلك، مما يستغرق وقتًا طويلًا في تنفيذه، ويؤخر بدء عبور المدرعات والدبابات والمعدات الثقيلة التي يحتاجها المشاة بشدةٍ في مواجهة مدرعات العدو، والاحتفاظ بما استولوا عليه مِن أرضٍ في المعركة.
ففاجأ المصريون العدو في أول ساعات المعركة بفتح ثغرات في الساتر الترابي بسرعةٍ غير متوقعةٍ باستخدام مضخات المياه ذات الضغط العالي التي تضخ المياه مِن قناة السويس مباشرة لإزالة رمال وأتربة الساتر وفتح الثغرات اللازمة فيه، فتم فتح عشرات الثغرات (أكثر مِن 60 ثغرة)، عرض الثغرة الواحدة نحو 6 أمتار، وإزالة نحو 3 ملايين متر مكعب مِن الرمال والأتربة والكتل الخراسانية المقامة عليها، وهي الطريقة التي ابتكرها المصريون مستفيدين مِن أعمالٍ مماثلةٍ تمتْ في الستينيات أثناء بناء السد العالي في أسوان؛ مما ساهم في سرعة إقامة الكباري والجسور، وعبور المعدات والمدرعات بكمياتٍ وأعدادٍ كبيرةٍ في أزمنةٍ قياسيةٍ فاجأت العدو وبهرته.
د- المفاجأة باستخدام الجنود لصواريخ وأسلحة مضادة للدبابات يحملها الأفراد ويستعملونها بكفاءة في التعامل مع مدرعات العدو؛ مما قلل كثيرًا مِن تفوق الجانب الإسرائيلي في المدرعات في الساعات الأولى للهجوم، حتى تمكنت المدرعات والدبابات المصرية مِن عبور القناة والمشاركة في القتال، فكانت المفاجأة في السلاح الجديد، وكفاءة المقاتل المصري في استخدامه، والروح المعنوية العالية لدى المقاتل المصري في مواجهة الدبابات والمدرعات الإسرائيلية.

2- تثبيت القوات المقاومة وتخطيها: 

مِن المفاهيم العسكرية التي أكدت حرب أكتوبر على صلاحيتها للتطبيق كأحد الأساليب المستخدمة ضد قوات العدو المدافعة أنه في حال توقف الهجوم أمام مواقع دفاعية أو قوات ثابتة، فإن القوات البرية لا توقف تقدمها في عملياتها البرية، بل تستمر في الهجوم والتقدم، تاركة خلفها بعضًا مِن قواتها لتثبيت هذه المواقع حتى تسقط، وهو ما فعلته القوات المصرية في حرب أكتوبر، حيث واجهت قوات المشاة المصرية بعد عبور القناة عددًا كبيرًا مِن التحصينات والمواقع الدفاعية القوية على طول خط بارليف، وهي مواقع لها جزء ظاهر فيه المدفعية والأسلحة البارزة فوق الأرض على السطح، وجزء تحت الأرض مجهز لمعيشة الجنود وللدفاع عن الموقع مِن داخله حال حصاره ولو لأيامٍ طويلة، فيمكنهم الاحتماء به والاتصال بالقيادات والقتال دفاعًا عن أنفسهم حتى تصلهم الإمدادات لفك الحصار عنهم وتحريرهم.
وقد قامت القوات المصرية المهاجمة بمحاصرة المواقع التي لم يتم إسقاطها لقوة مقاومتها، تاركة قوات حولها لتثبيتها والتعامل معها حتى تسقط، واندفعت بفضل كثرة عدد المقاتلين -خمس فرق مشاة- متقدمة إلى عمق سيناء، وقد أسفر هذا التقدم خلف هذه التحصينات عن عزل هذه المواقع عن القوات الاحتياطية خلفها، وبالتالي منع وصول أي مساعدة أو إمدادات لها، مما أثر نفسيًّا على القوات المدافعة داخلها وأحبطها، وبالتالي استسلمت أو سهل اقتحامها خلال ساعات، لم تتوقف فيها القوات المهاجمة عن مواصلة هجومها للإمام في عمق سيناء.

3- تحييد القوات الجوية المعادية:

فمِن المفاهيم العسكرية السائدة الاعتماد على السيادة الجوية والسيطرة الجوية في الميدان بما يعني السيطرة على المجال الجوي في المعركة، وحرمان القوات الجوية المعادية مِن أي نشاطٍ جوي سواء كان ذلك في ميدان المعركة كله أو في جزءٍ منه، سواء طوال القتال أو لوقتٍ محدودٍ، فيتم في ظل تلك السيطرة الجوية الكلية أو الجزئية تنفيذ القوات الجوية للأعمال المطلوبة منها بحريةٍ ودقةٍ دون ممانعة، وهذا ما قامتْ به إسرائيل في حرب 1967م حينما دمرت مع بداية الحرب المطارات المصرية وحرمت الطيران المصري مِن المشاركة في المعركة؛ مما أعطى للطيران الإسرائيلي السيادة والسيطرة على سماء سيناء طوال الحرب، وتسبب في هزيمةٍ ساحقةٍ للقوات البرية المصرية على أرض المعركة.
وفي حرب 1973م قامت القوات المصرية بتحييد القوات الجوية الإسرائيلية رغم كفاءتها العالية وأعدادها الكبيرة فلم تتمكن القوات الجوية الإسرائيلية مِن السيطرة الجوية على ميدان القتال، بل لم تتمكن مِن الاستمرار في المشاركة فيه، وعجزت عن تقديم العون الجوي للقوات البرية الإسرائيلية حيث تمكن حائط الصواريخ الذي بناه المصريون على الضفة الغربية على طول خط المواجهة مِن منع القوات الجوية الإسرائيلية مِن توفير غطاء جوي للقوات البرية في الهجمات المضادة ضد القوات المصرية التي عبرت القناة واقتحمت خط بارليف؛ إذ مع كثرة الخسائر الإسرائيلية في الطائرات مع بداية القتال نتيجة لتصدي حائط الصواريخ للطائرات الإسرائيلية بكفاءةٍ عاليةٍ صدرت الأوامر مِن القيادة الجوية الإسرائيلية لطياريها بعدم الاقتراب مِن قناة السويس لمسافة نحو 15 كم، فظلت القوات البرية الإسرائيلية تتعامل مع القوات المصرية المقتحمة للقناة والمخترقة لخط بارليف دون أي مساندةٍ جويةٍ، إذ تم تحييدها تمامًا.

4- إقامة ستارة مِن المشاة مضادة للدبابات: 

مِن المفاهيم العسكرية السائدة قبْل حرب أكتوبر 73 أنه في حروب الصحراء والأرض المفتوحة لا يمكن لقوات المشاة الاحتفاظ والتمسك بالأرض منفردة وبدون حماية مِن قوات مدرعة تصحبها لفترة تزيد عن 3 -4 ساعات؛ لذا فإن عند إسقاط قوات مظلات أو إنزال قوات برية محمولة جوًّا بعيدًا عن القوة الرئيسية للجيش فلابد أن تلحق بها القوة الرئيسية "خاصة المدرعات" في مدة لا تزيد عن 4 ساعات، ولكن في حرب أكتوبر 73 تمكنتْ عناصر قوات المشاة المصرية المترجلة وحدها وبدون دعمٍ مِن أي مدرعات مِن صدِّ وتدمير الاحتياطات المدرعة الإسرائيلية والاحتفاظ بالأرض التي تقف عليها لمدة 12 ساعة، وهي الفترة التي تم فيها إتمام بناء الكباري ثم عبور الدبابات والمدرعات المطلوبة كاملة عليها للمشاركة في القتال.
وقد تم تخطيط القيادة العسكرية المصرية لهذا الأمر عن طريق تزويد الموجات الأولى التي عبرت مِن المشاة بأسلحةٍ مضادةٍ للدبابات بحساباتٍ دقيقةٍ، حيث تم دعم كل كتيبة مشاة مترجلة بعددٍ مِن قاذفات (آر. بي. جي) ومعها الذخيرة الكافية، وكذلك تزويدهم بصواريخ مضادة للدبابات (المالوتيكا) الروسية؛ بالإضافة إلى اصطحاب ألغام مضادة للدبابات، مكونة -لأول مرة في التاريخ العسكري الحديث- ما عرف باسم: (الستارة المصرية المضادة للدبابات)، والتي بها تمكنت القوات المصرية مِن صدِّ وتدمير الاحتياطات المدرعة الإسرائيلية والاحتفاظ بما اكتسبته مِن أرضٍ لمدة 12ساعة بدون وجود قوات مدرعة معها.

5- إفشال مفهوم الدفاع المتحرك: 

طبقت إسرائيل مفهوم الدفاع المتحرك للدفاع عن خط بارليف، بتواجد قوات مدرعة احتياطية قوية خلف مواقع خط بارليف بعدة كيلوات مِن الأمتار، يمكن توجيهها عند الحاجة لاحتواء وتدمير أي قواتٍ مصريةٍ في حالة عبورها للقناة واستيلائها على بعض المواقع مِن خط بارليف، فجاء الهجوم المصري على طول خط المواجهة بالكامل، واختراق كل الدفاعات الإسرائيلية في وقتٍ واحدٍ ليحول بيْن هذه القوات الاحتياطية ونجدة المواقع الإسرائيلية إذ تشتتت الاحتياطات الإسرائيلية على طول خط المواجهة بالكامل، وصارت ضعيفة ومبعثرة؛ وبالتالي فقدت قدرتها على الدعم والتعزيز المطلوب لمواقعها المحاصرة على القناة، وفقدت بذلك جزءًا كبيرًا مِن دورها الدفاعي.

6- الحصار البحري للعدو عن بُعد:

كان المتوقع مِن القيادة العسكرية المصرية إن أرادت أثناء الحرب فرض حصار بحري على ميناء (إيلات) الإسرائيلي على خليج العقبة، وهو المنفذ الوحيدة لإسرائيل على البحر الأحمر، أن يتم ذلك عن طريق غلق قواتها البحرية لمضايق (تيران وصنافير) على مدخل خليج العقبة، وهذا الإغلاق يمكن للقوات الجوية الإسرائيلية ذات الكفاءة العالية والتفوق النوعي والعددي التصدي له ومنعه بالقوة؛ لذا كانت المفاجأة الكبرى بإعلان مصر مع بدء الحرب عن تواجد قواتها البحرية في مضيق باب المندب عند مدخل البحر الأحمر جنوبًا طيلة أيام القتال؛ لمنع السفن مِن الوصول لإسرائيل بأي إمداداتٍ، وهو ما لم تستطع القوات الجوية الإسرائيلية مِن التصدي له والتعامل معه، لبعده الكبير عن وصول الطيران الإسرائيلي إليه، فكانت المفاجأة مِن أكبر مفاجآت الحرب، إذ تم حصار وإغلاق ميناء إيلات، ومعه أيضًا مدينة شرم الشيخ على البحر بهذا الحصار عن بُعد.
وبالفعل تصدت البحرية المصرية للعديد مِن السفن التي حاولتْ دخول البحر الأحمر عن طريق باب المندب للوصول إلى ميناء إيلات، ولم ترفع البحرية المصرية هذا الحصار إلا في نهاية شهر نوفمبر 1973م بعد نهاية الحرب والمفاوضات التي تمتْ بعدها.

7- إعادة النظر في تقييم التوازن العسكري للدول: 

كان الاتجاه الشائع في حساب التوازن العسكري للدول مقارنة أعداد الدبابات والطائرات، والمدفعية والمدمرات والغواصات، ونحو ذلك مِن الأسلحة التي تملكها الدول، فأضافتْ حرب أكتوبر لذلك ضرورة النظر إلى (نوعية المقاتل) الذي يستخدم هذه الأسلحة، فقبل حرب أكتوبر كانت التقارير العسكرية حول التوازن العسكري في المنطقة تشير إلى التفوق الكامل في السلاح لصالح إسرائيل على مصر وسوريا وكل الدول العربية المحيطة بإسرائيل، وهو ما جعل كل الخبراء العسكريين في العالم يجمعون على صعوبة -أو استحالة- تحقيق مصر أو الدول العربية الأخرى أي انتصار على إسرائيل لو غامرت بالدخول في حرب معها، فجاء عامل جديد ليرغم هؤلاء الخبراء على إعادة النظر في تقييم التوازن العسكري على التسليح فقط؛ ذلك هو (نوعية المقاتل المصري) الذي خاض المعركة، حيث أظهر الجندي المصري قدراتٍ غير عادية على استيعاب الأسلحة الإلكترونية الجديدة عليه في وقتٍ قصيرٍ، وبدرجةٍ عاليةٍ مِن الكفاءة في استخدامها، والقدرة على تطوير أساليب القتال بها، إلى جانب الروح المعنوية المرتفعة طوال أيام القتال، والتي شهد لها الأعداء أنفسهم، فكان لابد مِن إضافة بند مراعاة: (النوعية القتالية للمقاتِل) عند حساب أي توازن عسكري للدول، إلى جانب درجة التسليح في الأسلحة المختلفة.
https://t.me/Salafvoice

2018/11/10

نوفمبر 10, 2018

هل حقًّا يزعجهم التستر خلف النقاب أم يزعجهم النقاب نفسه؟! م..عبد المنعم الشحات



               هل حقًّا يزعجهم التستر خلف النقاب أم 
                         يزعجهم النقاب نفسه؟!

مهندس .عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ 

أولًا: تمهيد:


بيْن الحين والآخر يخرج علينا مَن ينادي بمنع النقاب، ويسوق مسوغاتٍ مِن نوعية أنه ليس مِن الدين أو أنه مستورد مِن الخليج، أو أنه يعبِّر عن رؤيةٍ متشددةٍ، أو أنه يُشعِر غير المنتقِبة بالحرج وكأنها هي المقصِّرة! إلى آخر هذه القائمة الطويلة مِن الحجج.

وكما تلاحظ، فإن هذه الحجج أو معظمها يمكن أن يُقال على الحجاب ذاته، وبالتالي فقد يستعمل بعضهم ذات المنطق العجيب في ذم الحجاب ذاته، بل بلغت الجرأة على العدوان على الشريعة الإسلامية في بلد الأزهر أن يدعو كاتب صحفي إلى مليونية لمنع الحجاب، وهي مليونية ولدت مبتورة لم يخرج فيها حتى الداعي إليها!

وربما يكون هذا الكاتب -أو غيره- ممَن يتعجلون المواجهة مع الحجاب قد تجاوزوا كل الخطوط الحمراء؛ لأن الأزهر بكل هيئاته يدرس الإجماع على أن كل ما عدا وجه المرأة وكفيها واجب الستر بلا نزاع، وبالتالي فمحاولة الاقتراب منه هي تحدٍّ سافرٍ للأزهر ولعامة الشعب الذي لا يقبل أن يحظر أو يمنع ما أوجبه الله، بل إن مَن ابتلاها الله بالتقصير في هذه الطاعة لا يمكن لها أن تفرح أو تدعو أو تطلب أن يمنع غيرها مِن الالتزام بشرع الله -عز وجل-.

وأما النقاب فما زال يشعر المهاجمون له أن أمامهم فسحة في مهاجمته بناءً على أن الشائع بيْن علماء الأزهر أنهم يقولون: "النقاب فضيلة لا فريضة".

وربما وجدوا أن بعض العلماء الآن يقولون بالإباحة أو حتى الكراهية، وهي أقوال تُفهم على غير وجهها؛ وإلا فالمذاهب الأربعة -وغيرهم- منهم مَن يقول: إن ستر الوجه والكفين واجب. ومنهم مَن يقول: بل هو مستحب. وكثير مِن القائلين بالاستحباب يرون الوجوب حالة خشية الفتنة.

وهذا الستر يكون بإدناء الجلباب ولو بالإسدال على الوجه أو بالنقاب -وهو المشدود على الوجه-، ونحن في عرفنا الدارج نسمي الجميع نقابًا، ولكن إن نقلنا عن الأئمة؛ فيجب أن نعرف اصطلاحهم جيدًا، فمَن نصَّ على كراهة النقاب مِن المالكية هم أنفسهم مَن يقول بأن ستر الوجه أصله الإباحة، ثم يرفعون درجته بحسب الأحوال حتى يرفعونه إلى درجة الوجوب كما جاء في "مختصر خليل" كراهة النقاب للمرأة في الصلاة، وعلَّق عليه العلامة "الدردير" بأنه مكروه فيها وفي خارجها، وجاء أيضًا فيه في باب الحج: "حرم بالإحرام على المرأة: لبس قفاز، وستر وجه؛ إلا لسترٍ بلا غرز وربط".

وقال الدردير في الشرح الكبير في ثنايا شرح هذا الكلام: "(إلَّا لِسَتْرٍ): عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ فَلَا يَحْرُمُ، بَلْ يَجِبُ إنْ ظَنَّتْ الْفِتْنَةَ بِهَا".

وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: "حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى أَرَادَتْ السَّتْرَ عَنْ أَعْيُنِ الرِّجَالِ جَازَ لَهَا ذَلِكَ مُطْلَقًا عَلِمَتْ، أَوْ ظَنَّتْ الْفِتْنَةَ بِهَا أَمْ لَا، نَعَمْ إذَا عَلِمَتْ، أَوْ ظَنَّتْ الْفِتْنَةَ بِهَا كَانَ سَتْرُهَا وَاجِبًا".

وقال العلامة الدردير في الشرح الكبير أيضًا في معرض بيان عورة المرأة: "وعورة الحرة مع رجل أجنبي منها أي ليس بمحرم لها، جميع البدن غير الوجه والكفين، وأما هما فليسا بعورة، وإن وجب عليها سترهما لخوف فتنة".

فأوجب عليها ستر الوجه والكفين في حالة خوف الفتنة، ولكن بغض النظر عن هذا كله؛ فإن هذه الأقوال لا تعطي لأحدٍ حق المناداة بإصدار تشريع لمنع النقاب؛ لأن "التبرج" المجمع على تحريمه يحظى بحمايةٍ قانونيةٍ وإعلامية كبيرة تحت شعار الحرية الشخصية، ولا يملك العلماء والدعاة إزاءه إلا النصيحة؛ هذا مِن الناحية النظرية، وإلا فمِن الناحية العملية فهناك تقصير واضح جدًّا -على الأقل- في إنكار منكرات التبرج، ونصيحة مَن تقع فيها -على الأقل- بطريقةٍ تتناسب معها كمًّا وكيفًا؛ لا سيما وأن بلاد المسلمين قد عرفت في السنوات الأخيرة نمطًا مِن الأزياء يندى لها جبين كل غيور!

وبالتالي: إذا كانت الحرية الشخصية سوف تجعل الجميع يقف في التصدي للأمور المحرمة عند حد النصيحة نظريًّا، والصمت شبه التام عمليًّا؛ فلا يتصور أن يتحرك البعض لإصدار قانون لمنع "النقاب" بدعوى أنه ليس فريضة، حتى لو نزلوا به عنوة عن رتبة الفضيلة!

وكذلك فإن الرافضين للنقاب الساعين لإصدار قانونٍ يمنعه يحيدون عن هذا إلى ادعاءات أنهم إنما يسعون لمنعه؛ لأن له اضرارًا تحتم التدخل التشريعي لحماية المجتمع مِن هذه الأضرار، وبالتالي يجوز حينئذٍ أن تقيد تلك الحرية الشخصية مِن أجل حماية المجتمع ككل.

وفي الواقع: أنا لا أدري كيف يمكن أن يواجِه نائب برلماني الشعبَ الذي مِن المفترض أنه يمثِّله حينما يتلاعب بأدوات نيابته عنه بهذه الصورة؟! أعني هؤلاء النواب الذين يصرِّحون برفضهم للنقاب مِن حيث كونه نقابًا، مما يعني أنهم بصدد إبداء رأي أو موقف في قضية لا تتعلق بالتشريعات والقوانين، وغاية ما يسمح فيها هو المناقشات الفكرية مهما بلغت درجة رفضهم للنقاب، ثم إذا بهم يتحايلون ويقدِّمون مشروع قانون لمنع النقاب، وكأن مشكلتهم ليست مع النقاب ولا مع المنتقبات، وإنما مع المتسترين والمتسترات خلف النقاب مِن أصحاب الجرائم الجنائية أو الإرهابية.

ومع هذا، فنحن مضطرون أن نتجارى معهم في هذا الباب ونناقشهم ونحاورهم؛ لنبيِّن لهم ثم لباقي زملائهم النواب الذين سيطلب منهم التصويت على هذه المقترحات إذا تقدم أصحابها بها فعليًّا، وهو خطاب لكل عاقل حريص على مصلحة البلاد واستقرارها، وعلى تجفيف منابع الإرهاب فيها؛ لأن دعاة التكفير والتفجير إنما يجندون الشباب ويجعلونهم نارًا تحرق أوطانهم استثمارًا لحالة الغضب والضيق التي تنتج عن مثل هذه التصرفات، فإذا ما دعاهم أصحاب الدعوات الإصلاحية بأن يتواصوا بالحق ويتواصوا معه بالصبر، كما أمر الله -تعالى-؛ ردَّ عليهم نفرٌ كثيرٌ مِن هؤلاء الشباب: إلى متى الصبر؟ وماذا فعلتم بصبركم؟!

بل ربما قالوا: بل أنتم جزء مِن هذه المفاسد؛ إذ تكتفون في إنكارها بالنصيحة والبيان، ويبقى الحليم حيرانًا بيْن هؤلاء وأولئك، وإلى الله المشتكى، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ثانيًا: مناقشة الأضرار التي يدَّعى وجودها في النقاب:


بيَّنا في التمهيد: أن مسألة إصدار قانون يمنع النقاب لا يمكن تسويغها بأن جمهور الفقهاء يقولون بعدم وجوبه، بل ولا حتى على فرض وجود مَن يقول بأنه مباح أو حتى مكروه، وذلك بناءً على أن التبرج المجمع على تحريمه يُعامَل قانونًا على أنه داخل في حدود حرية الاختيار الشخصي، ولا يملك الدعاة حتى في المؤسسات الدينية الرسمية إلا تقديم النصيحة بشأنه، وبالتالي فحتى لو نزلوا بحكم ستر الوجه والكفين عن رتبة الاستحباب، وهي أقل ما وصف به حكمهما في المذاهب المعتبرة؛ فإن هذا لن يكون مسوغًا لإصدار قانون بمنعه، فلم يبقَ مِن ذريعة قانونية إلا ادعاء أن له اضرارًا، أو أنه متعارض مع حقوقٍ أخرى.

ويمكن تلخيص ما ادعوه في النقطتين الآتيتين:


- النقاب يخفي شخصية مَن يرتديه، ومِن حق المجتمع أن يعرف شخصية الأفراد الذين يسيرون في الطريق أو يتواجدون في الأماكن العامة.

- تَخفي بعض المجرمين في زي النقاب في جرائم الإرهاب والسرقة والخطف، وتخفي بعض الرجال فيه لتسهيل لقائه مع فتاة أو سيدة يكون على علاقة محرمة بها.

1- الجواب على شبهة: أن النقاب يخفي شخصية مَن يرتديه، ومِن حق المجتمع أن يعرف شخصية الأفراد الذين يسيرون في الطريق أو يتواجدون في الأماكن العامة:

أقل ما يقال على هذه الشبهة أنها تنشئ حقًّا متوهمًا، وهو حق معرفة أفراد المجتمع لمعلوماتٍ تفصيليةٍ عمَن يتواجدون في الأماكن العامة، ثم يتم استعمال هذا الحق المتوهم في العدوان على الحق الثابت للمنتقبة، ولا يخفى على أي مدققٍ في هذه الشبهة أنها تخفي وراءها روحًا عدائية تجاه النقاب؛ للموقف السلبي الذي يتخذه مَن يردد تلك الشبهة تجاه النقاب.

ويتضح هذا بالأمور الآتية:

- تلزم قوانين المرور (وليس فقط تبيح) سائقي الدراجات النارية بلبس خوذة -حماية لهم مِن الحوادث-، ومع هذا لم نرَ مَن يشتكي مِن أنه لا يعلم أعيان سائقي هذه الدراجات، مع العلم بأن استعمال الدراجات النارية في الجرائم سواء الجنائي منها أو الإرهابي أكثر بكثيرٍ، ولكن هذا لم يدفع أحدًا إلى منع حق المواطن العادي في ركوب هذه الدراجة، بل وألزمه القانون حال ركوبها أن يخفي وجهه بتلك الخوذة.

- مجرد رؤية وجوه مَن حولك لا تجعلك تعرف أعيانهم، ولا تتضمن وجوههم أكثر مما تعرفه عندما تدخل منتقبة إلى جامعةٍ أو تصعد إلى قطار أو مترو، فتعرف فقط أن هاهنا إنسانًا أو انسانة.

وأما التأكد مِن جنس مَن حولك؛ فأيضًا لا يمنحه لك مجرد رؤية وجوه مَن حولك إذا تصورنا أن الغرض مِن القانون هو تتبع مَن يتخفى خلف النقاب، وليس تتبع المنتقبات، فما زال أمام الرجل الذي يريد لأي غرضٍ جنائي أو غيره أن يبدو في صورة الأنثى اللجوء إلى الملابس والإكسسوارات والمكياج، فهل سيكون مصير هذه الاشياء المنع هي الأخرى هروبًا مِن احتمالية تخفي أحدٍ بواسطتها.

وأخيرًا: فإن محكمة القضاء الإداري "وأيدتها المحكمة الإدارية العليا، ثم دائرة توحيد المبادئ في المحكمة الإدارية العليا" قد قرروا جميعًا: أن حق التثبُّت مِن شخصية المواطن لا يكون إلا في الحالات التي حددها القانون، وأن هذه الحالات لا تبيح إصدار قرارٍ يمنع مِن النقاب، وانما يجب توفير موظفة تقوم بهذا الأمر أو حتى موظف، وبشرط أن يكون هذا تحت رقابة القضاء، ولكن لا يتعدى على حرية المنتقبة مِن أجل ذلك، وذلك في الطعن رقم: 3219 لسنة 48 القضائية عليه.

ومما جاء فيه: "فإنه يجوز متى اقتضت الضرورة والصالح العام التحقق مِن شخصية المرأة، نزولًا على مقتضيات الأمن العام أو لتلقي العلم والخدمات المختلفة، أو لأدائهما، أو لغیر ذلك مِن الاعتبارات التي تتطلبها الحیاة الیومیة المعاصِرة، والتي تستوجب التحقق مِن شخصية المرأة متى طُلب منھا ذلك مِن الجھات المختصة، وذلك لإحدى بنات جنسھا أو لمختصٍ معینٍ مِن الرجال، وبالقدر اللازم لتحقیق ما تقدم تحت رقابة القضاء".

ومما جاء في هذا الحكم أيضًا: "قام الحكم على أن إسدال المرأة النقاب أو الخمار على وجھھا إن لم یكن واجبًا شرعيًّا في رأي، فإنه في رأي آخر ليس بمحظورٍ شرعًا، ولا يجرمه القانون كما لا ینكره العرف، ویظل النقاب طلیقًا في غمار الحریة الشخصية، ومحررًا في كنف الحریة العقدیَّة، ومِن ثَمَّ لا یجوز حظره بصفةٍ مطلقةٍ أو منعه بصورةٍ كلیةٍ على المرأة، ولو في جھةٍ معینةٍ أو مكانٍ محددٍ؛ مما یحق لھا ارتیاده لما یمثِّله ھذا الحظر المطلق أو المنع الكلي مِن مساسٍ بالحریة الشخصية في ارتداء الملابس، ومِن تقیید للحریة العقدیَّة ولو إقبالًا على مذھبٍ ذي عزیمة أو إعراضًا عن آخر ذي رخصة، دون تنافرٍ مع قانون أو اصطدام بعرفٍ، بل تعریفًا وافیًا لصاحبته، ومظھرًا مغریًا بالحشمة، ورمزًا داعیًا للخلق القویم، عامة فلا جناح على امرأة أخذت نفسھا بمذھب شدد بالنقاب ولم ترتكن إلى آخر خفف بالحجاب".

وما أجدر كل مَن يدعو إلى منع النقاب مِن تدبر تلك العبارة، على الأقل مِن كلام المحكمة.

لقد ظل الداعون الى خلع النقاب يخاطبون المرأة المنتقبة أنهم مشفقون عليها، يريدون اطلاعها على ما حجبه عنها المتطرفون -بزعمهم- مِن أن جمهور أهل العلم يرون استحباب ستر الوجه والكفين دون الوجوب، ولكن هذا لم يزد المنتقبات إلا إصرارًا؛ لما يشاهدنه بأنفسهن مِن مآلات الأمور، وأن النقاب ليس وحده المستهدف، وأن كثيرًا ممَن يستهدف النقاب إذا سنحت الفرصة استهدف الحجاب ذاته، ثم إنهن يعلمن أن كثيرًا ممَن يقول بالاستحباب كأصلٍ يقول بالوجوب في الفتنة.

ثم يبقى دائمًا التساؤل عند المنتقبات: لماذا تُجيش جهود هؤلاء المشفقين عليها لنزع نقابها؟! ولماذا لا يصرفون جزءًا مِن شفقتهم إلى الكاسيات العاريات؟! فينصحونهن ويدعونهن إلى التوبة؛ شفقة حقيقية عليهن، فإن أعظم شفقة أن يشفق الإنسان على نفسه، وعلى أهل بيته، وعلى جيرانه، وجميع الناس مِن أن يفعلوا ما يغضب الله، وما يستجلب عليهم عقابه.

فلما لم يجدِ خطاب الشفقة نفعًا: إذ بهؤلاء المشفقين يكشرون عن أنيابهم، ويسلقون المنتقبات بألسنةٍ حدادٍ حتى وقع مَن هو في منزلة الوالد والأستاذ والمعلِّم لبعض المنتقبات في سخريةٍ غير لائقة منهن، وإن كان قد اعتذر عنها لاحقًا. نسأل الله أن يقيل عثراتنا جميعًا.

ثم لما لم يجدِ هذا؛ جاء الاحتماء في مشاريع القوانين التي تدعو إلى إرغام المنتقبة على خلعه بالطرد مِن الوظيفة، وبالمنع مِن دخول الجامعة، وإذا تحملت هذا كله فبتطبيق غرامة! هذه هي الشفقة! وهذه هي حقوق المرأة! وهذا هو التحضر! وهذا... !

وكل هذا لإرغام المنتقبة على أن تترك اختيارها، ولكن يُغلف بغلاف أن هذا ليس إلا لحق المجتمع في معرفة مَن يتواجد فيه، وبذريعة وجود مَن يتستر خلف النقاب، وهي الذرائع التي بيَّنا تهافتها.

ألا فليقف كل واحد مع نفسه وقفة صدق، ويراجع حقيقة دوافعه في كل تصرفٍ؛ لا سيما ما يتعلق منها بشؤون الشريعة الإسلامية؛ لا سيما إذا كان أمرًا عامًّا.

2- الجواب عن شبهة تَخفِّي بعض المجرمين في النقاب:

ما زال الافتراض قائمًا مع مقدمي هذه الاقتراحات أن الغرض ليس إجبار المنتقبات فعليًّا على مسلك خلاف ما اخترنه، ولكن المقصود حماية المجتمع ممَن "يتسترون خلف النقاب"، ونحن لا ننكر أن المجرمين يتخفون في صورٍ كثيرةٍ، فربما تخفى بعضهم في بعض الجرائم في زي شرطي، وربما تخفى في زي رجل دين، وربما تخفى الرجل في زي امرأة شديدة التبرج ليلفت إليه الانتباه بينما زميله يسرق، وربما تخفى في زي امرأة عجوز تطلب المساعدة، وربما... وربما... وربما تخفي في النقاب!

إذن الصورة ليستْ أنك أمام مجرمين متى منعتَ النقاب سوف يعجزون عن إتمام إجرامهم أو حتى يقل معدل تمكنهم منها؛ لأن صور التخفي كثيرة جدًّا، كلها أكثر حبكًا للدور مِن النقاب، بل بعضها يعطي المجرم سلطة أوسع كالتخفي في زي رجل شرطة -مثلًا-.

ففرق بيْن إثبات أنه حدثتْ حالات تخفى فيها المجرم في النقاب، وبيْن الزعم أننا إذا منعنا مَن تريد أن تنتقب فعلًا (حتى يمحى مِن المجتمع النقاب، وبالتالي يمنع تستر المجرمين فيه) أن هذا سوف يوقف الجريمة أو حتى يقللها!

والآن كاميرات المراقبة تملأ كل المحلات، وتُراجَع عند حوادث سرقة أو الاختطاف، فيمكن أن يبحث أي أحدٍ على اليوتيوب ليرى كم هي نسبة الجرائم التي سجلتها الكاميرات، وتخفَّى فيها المجرم في النقاب بالنسبة إلى الجرائم التي قامتْ على عنصر المغافلة أو الإيحاء أو التنكر في هيئاتٍ أخرى غير النقاب.

هذا في الحوادث الجنائية، وأما الحوادث الإرهابية، فاستعمال النقاب فيها لا يكاد يوجد؛ لأن مَن يريد أن يفجِّر نفسه يريد أن يبدو شخصًا لا تميزه أي علامة حتى يصل إلى هدفه، ومَن يريد أن يشتبك يرتدي في الغالب ملابس عسكرية أو رياضية.

ويبقى السؤال قائمًا وملحًا: هل المطلوب منع المنتقبات مِن النقاب أم منع المتسترين في النقاب؟!

3- منع النقاب مِن أجل حراسة الفضيلة:

رسم أحد رسامي الكاريكاتير رسمًا لرجلٍ متخفٍّ في زي منتقبة مع امرأةٍ، وهما في حيرة مِن أمرهما: كيف سيلتقيان دون أن يشعر زوجها بعد حظر النقاب؟!

وهذه يعني أن أحد مسوغات منع النقاب هو منع هذين المنحرفين مِن استغلال النقاب؛ سترًا لانحرافهما. حسنا، ولكن هل مَن يدعون إلى هذا القانون بالفعل يريدون تفعيل دور الدولة في حراسة الفضيلة؟!

حسنًا، إذا منعنا النقاب وفوتنا على هذا الفاسد فرصة التخفي فيه كما يروِّج لذلك المروجون؛ ألا يمكنه طالما قد رضي لنفسه أن يرتدى زي النساء أن يتنكر في زي متبرجة؟!

ثم هذا الرجل الذي تعلق بامرأةٍ متزوجةٍ كل هذا التعلق حتى رضي لنفسه أن يتأنث ليتمكن مِن لقائها؛ ترى ما الذي أوقعه في هذه الحالة مِن التعلق؟! وهل يمكن أن يصدر تشريع طالما أن المطلوب حراسة الفضيلة يمنع أو -على الأقل- يضيِّق فرص هذا التعلق، ونكون قد عالجنا المسألة مِن جذرها أم أن هذا سيصطدم بالحرية الشخصية وسيُدعى حينها أن محاولة تضييق الخناق على المنحرفين هي رمي للجميع بالانحراف، وربما ادعي أنه لا توجد هذه الانحرافات إلا في خيالات المتطرفين، وهكذا... ؟!

كم كنا نتمنى لو حدث توافق مجتمعي حقيقي على عمل حملات إعلامية مكثفة لحماية الفضيلة، ولن أبالغ في خيالي فأتصور أن هناك مَن يريد إرادة حقيقية أن تسن قوانين غرضها حراسة الفضيلة؛ لا سيما أن صاحب هذا الرسم الكاريكاتيري تدور معظم رسوماته حول أمورٍ خادشة للحياء العام، ومنها هذا الكاريكاتير نفسه. نسأل الله لنا وله الهداية.

4- انتقائية التطبيق:

إذا لم تكن مقتنعًا أن هذه التحركات لإصدار تشريع يمنع النقاب هي تحركات غرضها العدوان على حرية المنتقبات في ارتدائه، وليس منعه حتى لا يتستر فيه متستر؛ فاسمع لهذا الحوار حيث راسل أحد مواطني دولة خليجية نائبًا ممَن ينشطون في هذا الموضوع متسائلًا عن مصير السائحين الخليجيين إذا صدر هذا القانون، وعندهم عادات تحتم على نسائهم ارتداء النقاب؟ فكان الجواب: إن مشروع القانون سينص على أنه خاص بالمصريات!

يعني النقاب المصري عيبه عندهم أنه قادم مِن الخليج، وبالتالي ينادون بمنعه، وأما النقاب الخليجي فيرحب به مِن أجل دخل السياحة (ماذا يسمَّى هذا؟!).

ثم ألم تدَّعوا أن الغرض منع تستر الإرهابيين في النقاب؟!

فما الذي يضمن لكم بعد ان تقمعوا المنتقبات المصريات في بلادهن ثم ترحبوا بالأخوات الخليجيات والأوروبيات و... وكل شعب فيه مَن انزلق إلى دائرة الإرهاب كما نعلم، وداعش لها سوق رائج في بعض حديثي الإسلام في أوروبا، فما الذي يضمن لكم ألا تستعمل دائرة الإذن هذه وإن كانت ضيقة في التستر على أعمال إرهابية؟!

ثم ماذا عن الآلية؟

هل ستُسأل المنتقبة عن جنسيتها؛ فإذا كانت مصرية ركبت "البوكسَ"، وإلا قيل لها: مرحبًا بك في مصر؟!

وطالما أن الأمر وصل إلى هذه الحالة مِن الهزل؛ فدعنا نتساءل: ماذا لو ضبطت مصرية تسير بالنقاب مع ضيفة غير مصرية: هل سيغلب جانب الحظر أم جانب الإباحة؟!

كل هذه الأسئلة تجعلك تشعر بما شعر به أحد الإعلاميين في حواره مع إحدى النائبات المتبنيات للقانون فسألها عن الآليات متسائلًا: هل المطلوب هو مجرد إصدار القانون دون وجود حتى آلية لتطبيقه؟!

أتصور أن هذه هي الحالة؛ هناك مَن يريد أن يقول للمنتقبات: (الدولة) لا تريدكن، وأنها بالتالي أصدرت قانونًا يتعقبكن! وهناك مَن يأخذ الرسالة ويطورها ويعيد إرسالها: (الدولة لا تريد النقاب؛ لأنه مِن الإسلام، وهي لا تريد الإسلام!).

فالأولون: يريدون أن يفرضوا على المصريين -رغمًا عنهم!- ثقافة وافدة، وأعرافًا دخيلة، ويريدون الاحتماء بالدولة حتى وإن كان بعضهم قد وقف يلقي المولوتوف على مؤسساتها يومًا ما! أو على الأقل لا يهمه استقرار الدولة وتركيزها في التنمية بدلًا مِن استنزاف ميزانية جديدة لشرطة مكافحة "النقاب"!

والآخرون يصوِّر لهم الشيطان: أن الحل الأمثل أن يهدموا الدولة ثم يعيدون بناءها على أسسٍ سليمةٍ -بزعمهم!-، بينما يحركهم في الواقع طلب الثأر وشهوة الانتقام!

ويبقى الأمل دائمًا معقودًا أن يحفظ الله مصر، وأن يهيئ لأهلها مِن أمرهم رشدًا، وأن يهديهم جميعًا إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

2018/08/11

أغسطس 11, 2018

خلاصة بعض أفكار الشيخ يوسف القرضاوي - عفا الله عنا وعنه



(فكر الإخوان 1.في الكفار 2.في المبتدعة 3.في السنة 4.في المرآة 5.في الملاهي 6. الفتاوى الشاذة .... القرضاوي نموذج)
خلاصة بعض أفكار الشيخ يوسف القرضاوي - عفا الله عنا وعنه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن مما ابتليت به الأمة في هذه الأزمان ظهور أقوام
لبسوا رداء العلم مسخوا الشريعة باسم التجديد،
ويسروا أسباب الفساد باسم فقه التيسير،
وفتحوا أبواب الرذيلة باسم الاجتهاد،
وهونوا من السنن باسم فقه الأولويات،
ووالوا الكفار باسم تحسين صورة الإسلام ،
وعلى رأس هؤلاء مفتي الفضائيات (يوسف القرضاوي)
حيث عمل على نشر هذا الفكر عبر الفضائيات
وشبكة الإنترنت والمؤتمرات والدروس والكتب والمحاضرات وغيرها،
وهذه الأوراق فيها خلاصة لبعض فكر هذا الرجل الذي يروج له،
أظهرتها نصحا للأمة وبراءة للذمة وتحذيرا من هذا الرجل وأضرابه،
ولم أطل بالرد عليه هنا لأن ما ذكرته هنا يستنكره عوام المسلمين فضلا عن الخواص،
ومن أراد تفصيل هذه المقولات والرد عليها فهي في كتاب
(الرد على القرضاوي) ، قاله كاتبه/ناصر بن حمد الفهد في أول شهر شوال عام 1420.
أولا : موقفه من الكفار :
لقد ميع القرضاوي وأمات عقيدة الولاء والبراء من الكفار ، وإليك بعض أقواله :
1-قال عن النصارى فكل القضايا بيننا مشتركة فنحن أبناء وطن واحد،
مصيرنا واحد، أمتنا واحدة، أنا أقول عنهم إخواننا المسيحيين،
البعض ينكر علي هذا كيف أقول إخواننا المسيحيين؟
(إنما المؤمنون أخوة) نعم نحن مؤمنون وهم مؤمنون بوجه آخر).
2-و قال في نفس البرنامج عن الأقباط إنهم قدموا الآف (الشهداء) لا ختلاف المذاهب .
3-وقال (إن مودة المسلم لغير المسلم لا حرج فيها).
4-وقال إن العداوة بيننا وبين اليهود من أجل الأرض فقط
لا من أجل الدين وقرر أن قوله تعالى:
(لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا)
أن هذا بالنسبة للوضع الذي كان أيام الرسول (صلى الله عليه وسلم)
وليس الآن، مع العلم بأنه يستدل بآخر الآية على قرب النصارى الآن من المسلمين!!،
ويقول (إذا عز المسلمون عز إخوانهم المسيحيون من غير شك وإذا ذل المسلمون ذل المسيحيون).
5-وقرر في مواضع أن الإسلام_ بزعمه_ يحترم أديانهم المحرفة ،
وقرر أنهم كالمسلمين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم ،
وأن الأرضيات مشتركة بين المسلمين وبين النصارى ،
وأن الإسلام ركز على نقاط الاشتراك بيننا وبينهم لا على نقاط الاختلاف ،
وأنه لا بد من أن يقف المسلمون والنصارى جميعا في صف واحد
على هذه الأرضيات المشتركة بينهم ضد الإلحاد والظلم والاستبداد ،
ويذكر أن الجهاد إنما هو للدفاع عن كل الأديان لا عن الإسلام فقط ،
وجوز تهنيئتهم بأعيادهم، وتوليهم للمناصب والوزارات.
6-كما قرر أن الجزية إنما تؤخذ من أهل الذمة مقابل تركهم الدفاع عن الوطن
وأما الآن فتسقط عنهم لأن التجنيد إجباري يستوي فيه المسلم والكافر.
ثانيا : موقفه مع المبتدعة :
تجد القرضاوي إذا تكلم ضد بدعة فإنه يتكلم ضد خصم لا وجود له ،
فهو يتكلم على المعتزلة والخوارج الأوائل ، ولكنه في المقابل يثني على وارثيهم اليوم ،
أما الرافضة الذين ورثوا عقيدة المعتزلة وأضافوا إليها من الموبقات والعظائم
مايكفي عشر معشاره لإلحاقهم بأبي جهل
فتجده مدافعا عنهم ومؤاخيا لهم بل ويعتبر إثارة الخلاف معهم خيانة للأمة،
ويعتبر لعنهم للصحابة وتحريفهم القرآن وقولهم بعصمة الأئمة
وحجهم للمشاهد وغيرها (خلافات على هامش العقيدة)!! ،
وكذلك يقول في وارثي الخوارج اليوم وهم الإباضية،
وأما الأشاعرة والماتريدية فهم من أهل السنة عنده ولا مجال للنقاش في ذلك .
ثالثا : موقفه من السنة :
يسير القرضاوي مع تيار العقلانيين في عرض السنة على عقولهم الكاسدة وأفهامهم الفاسدة ،
ومن ثم رد بعضها وتأول البعض الآخر مما لا يتفق مع هواه ،
وإليك أمثلة من أقواله في السنة :
1-ثبت في مسلم مرفوعا (إن أبي وأباك في النار) وأجمع العلماء على ذلك .
قال القرضاوي: قلت : ما ذنب عبد الله بن عبد المطلب حتى يكون في النار
وهو من أهل الفترة والصحيح أنهم ناجون؟!!!
( قول القرضاوي هذا خلاف قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال إن ابي وأباك في النار)
2-وثبت في الصحيحين مرفوعا (يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح) .
قال القرضاوي : من المعلوم المتيقن الذي اتفق عليه العقل والنقل أن الموت ليس كبشا ولا ثورا ولا حيوانا من الحيوانات . وهذا القول باطل ونلتزم بما ثبت بالشرع بدون تأويل ولا تمثيل ولا تحريف
3-وثبت في الصحيح مرفوعا (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).
قال القرضاوي: هذا مقيد بزمان الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان الحكم فيه للرجال استبدادياً، أما الآن فلا.
ومع ان حكم الشرع صالح لكل زمان ومكان وكيف يرد هذا القول بأنه فقط في الزمن القديم
4- وثبت في الصحيح (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أسلب للب الرجل الحازم من إحداكن).
قال القرضاوي : إن ذلك كان من الرسول على وجه المزاح .
5-وثبت في الصحيح (لا يقتل مسلم بكافر) .
قال القرضاوي-بعد أن قرر أن المسلم يقتل بالكافر خلافا للحديث- : إن هذا الرأي هو الذي لا يليق بزماننا غيره.. ونحن بترجيح هذا الرأي نبطل الأعذار ونعلي راية الشريعة الغراء.
وله غير ذلك كثير .
رابعا : موقفه من المرأة :
عمل القرضاوي على هتك ستر النساء المحجبات بكل ما يستطيع ،
فأعلن مرارا أن فصل النساء عن الرجال في المحاضرات بدعة ،
وأنه من التقاليد التي ليست من الإسلام،
وأنه لا بد من كسر هذا الحاجز بين النساء والرجال ،
وقال بالنص (للأسف أنا من السبعينات وأنا أذهب لأمريكا لحضور مؤتمرات إسلامية،
ولكن تلقى المحاضرات في هذه المؤتمرات للنساء في جهة وللرجال في جهة أخرى،
فالتشدد غلب المجموعات هناك وفرضوا التقاليد على المجتمع الغربي نفسه،
حيث أخذوا الأقوال المتشددة وتركوا الأقوال الراجحة،
وأصبح الرجال لهم مكان للقاء منفصل عن مكان النساء)،
وقال أيضا في نفس البرنامج
(مع أن مثل هذه المؤتمرات تعتبر فرصة لرؤية شاب فتاة فيعجب بها،
ويسأل عنها ويفتح الله قلبيهما
ويكون من وراء ذلك تكوين أسرة مسلمة)،
وقال في نفس البرنامج لما قدمه رجل في محاضرة خاصة بالنساء
(قلت للمقدم ما مكانك أنت هنا؟
المفروض أن تكون مكانك إحدى الأخوات فالموضوع يخصهنّ،
فتقوم على تقديمي وإلقاء الكلمة وتلقي الأسئلة،
بهذا ندربهن على القيادة،
لكن هناك تحكم دائم من الرجل في المرأة حتى في أمورهن )،
وقرر أنه لابد للنساء المحجبات من الظهور في التلفاز والقنوات الفضائحية ،
ولا بد للمرأة من الاشتراك في التمثيل والمسرح ،
بل قد ذكر أن له ابنتين درستا في جامعات إنجلترا
(وهو إنما يدعو للاختلاط المحتشم!!!!)
إلى أن حصلتا على الدكتوراة إحداهما في الفيزياء النووية
والثانية في الكيمياء الحيوية !!!.
خامسا : القرضاوي والملاهي :
يعتبر القرضاوي من أشهر الدعاة (الشرعيين!!!)
إلى الغناء والملاهي ويقرر هذا الأمر من عدة نواحي :
فيقرر في كثير من كتبه أن الغناء حلال ،
وأن السينماء حلال طيب
ويذكر أنه ينكر على الفنانين الذين يعتزلون الفن
ويبارك الذين يلبسون الصلبان ويظهرونها
من أجل تمثيل الحملات الصليبية مختتما إجازة هذا العمل لهم بقوله:
(فسيروا على بركة الله والله معكم ولن يتركم أعمالكم
ويذكر أنه يتابع أغاني:
(فايزة أحمد)
و (شادية)
و (أم كلثوم)
و (فيروز) وغيرهن
ويذكر عن نفسه أنه يتابع:
الأفلام
والمسلسلات
والمسرحيات ،
كفيلم (الإرهاب والكباب) لعادل إمام-وفيه استهزاء بالمتدينين-،
و (ليالي الحلمية)
و (رأفت الهجان)
وأفلام غوار
ونور الشريف
ومعالي زايد غيرها
ويفتي بجواز النظر للنساء اللاتي يظهرن في الشاشة
سادسا : شذوذاته الفقهية :
كما أنه شذ في كثير من آرائه الفقهية ضاربا عرض الحائط بالنصوص وأقوال العلماء
وإليك بعضا من شذوذاته :
يقرر أن الرجم تعزير لولي الأمر إلغاؤه إن رأى المصلحة في ذلك
وأن الردة نوعان:
ردة مغلظة وهي المصاحبة للعنف ضد المجتمع فهذا يقتل،
وردة مخففة وهي ما عدا ذلك فيترك صاحبها .
وأن للمرأة أن تتولى منصب الولاية العامة
وأن المرأة إذا كانت تشترك في البيع والشراء والمعاملات فشهادتها كشهادة الرجل
وأنه يجوز حلق اللحى
ويجوز الربا اليسير 1% او 2% بحجة أنه خدمات إدارية
بالإضافة إلى إباحته:
للغناء
والملاهي
والتلفاز
والقنوات
والمسلسلات
وإسبال الثياب
والسفور
والتصوير
والتمثيل
وبيع الخمر
والخنزير للكفار
ونقل أعضاء الخنزير للمسلم
ومصافحة النساء
والتزيي بزي الكفار
وأكل المصعوقة من اللحوم
وسفر المرأة وابتعاثها للدراسة بلامحرم وغير ذلك ،
وقد صدق فيه من قال إن القرضاوي بفتاواه ومسخه للشريعة
إنما يصيح بجميع المنتسبين إلى الإسلام قائلا لهم بلسان حاله
(اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة!!!) .
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإسلام والسنة ،
وأن يعيذنا من هذه الأقوال وأصحابها،
وأن يجعلنا من المتمسكين بهدي النبي صلى الله عليه وسلم  .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
_____________________

كتبه الشيخ : ناصر بن حمد الفهد حفظه الله ووفقه لكل خير
أغسطس 11, 2018

المنهج "الإصلاحي" سبيلنا كتبه/ ياسر برهامي



المنهج "الإصلاحي" سبيلنا

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ 

فتُواجِه شعوبنا ومجتمعاتنا مشاكل عديدة في المرحلة الحالية، وهي داخلة ضمن الابتلاء الذي خلق الله الخلق لأجله، (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (الملك:1-2)؛ فلابُدَّ مِن ضِيقٍ وسعةٍ، وشَرٍّ وخيرٍ، وشِدَّةٍ ورَخَاءٍ، ومَرَضٍ وعافيةٍ، كما لا بُدَّ مِن اختلاف البشر بيْن أبرارٍ وفجارٍ، ومؤمنين وكفار؛ ليتم البلاء.

وأهل الإيمان دائمًا شعارهم قول نبي الله شعيب -عليه السلام-: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (هود:88)، وهم يحبون الخير للناس ويحرصون على مصلحتهم، كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (عَجِبَ رَبُّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلَاسِلِ) (رواه البخاري)، وقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "كُنْتُم خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ؛ تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ!" (رواه البخاري)؛ فهم حتى مع قتالِهم لأعدائهم وأَسْرِهِم لبعضهم غَرَضُهم في ذلك الخير للعالَم، قال -تعالى-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) (آل عمران:110).

ولهذا يبحث أهل الإيمان دائمًا عما هو أَصْلَح لأنفسهم وطائفتهم ومجتمعهم وبلادهم وأُمَّتِهم، ولا تأخذهم العواطف إلى مناهج مخالفة للمنهج الإصلاحي؛ لا تَحسب العواقب ولا تُقَدِّر النتائج قبْل الأخذ بأسبابها!

ولربما دفعت أصحابها والناس المتابعين لهم مِن ورائهم لعلاج آلامهم بمزيدٍ مِن الآلام تتضاعف عليهم حتى يتمنوا الألم الأول! كالمناهج التهييجية الصدامية التي لا تَعبَأ بحُرمة الدماء المعصومة، ولا تلتفت إلى مصائر مجتمعات المسلمين ولا مصالحهم في دمائهم في دينهم ودمائهم وأعراضهم وأموالهم، مِن أجل شعارات لا حقيقة لها على أرض الواقع، وربما تَنَازَل أصحابها أنفسهم عن أعظم ثوابت دينهم مِن أجل تحقيق مصالح موهومة -أو حتى مُتَحَقِّقة، لكنها في النهاية مصالح دنيوية- هي أدنى بلا شك مِن مصلحة الدين، بل مِن مصالح دنيوية أعظم منها!

فالذي يقبل حرية الزِّنا والشذوذ ويقبل إباحتهما، ويقبل زواج المسلمة مِن الكافر، ومساواة الذكر بالأنثى في الميراث، والذي يقر حرية الفن والإبداع دون أي ضابطٍ ديني أو اجتماعي، ويزعم أنه بذلك يراعي المصلحة ويستعمل السياسة مِن أجل تقدم البلاد اقتصاديًّا أو قبولها في منظمات المجتمع الغربي؛ لَهُوَ هادِمٌ للإصلاح، مُحَقِّقٌ للفساد مِن حيث زعم العكس!

والعجب: أن تجد مَن يقبل هذه الموازنة الفاسدة بيْن المصالح والمفاسد، في حين ينكر على غيره تقديم مصلحة الدين ومصلحة استقرار البلاد والعباد والمجتمعات وحفظ الدماء والأعراض والأموال في الجملة، ويرفض التثوير والتهييج المؤدي إلى الفوضى وهو يرى ما جره ذلك مِن ويلاتٍ أمام أعين الناس.

وإن كانت عادة أكثر الشعوب هي أنهم يفضِّلون مَن يَسُبُّ ويَلعنُ في الناس والزمان -والحكام بالتأكيد على رأس القائمة- وينسون أن القاعدة الربانية: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأنعام:129)؛ فهم يُهمِلون ما عليهم ويطلبون ما لَهم، وأيضًا يطلبون ما ليس لهم! مع أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا، قَالَ: تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ) (متفق عليه).

والمعاناة التي نعاني منها لابد مِن تعاونٍ صادق وتكافلٍ اجتماعي حقيقي، لا ينتظر قرارات وقوانين، يحتاج إلى تَرَاحُمٍ ورِفْقٍ ولِينٍ بيْن الناس، وإزالةٍ لبُؤس المُبتَئِس وحُزْن الحزين ووَحْشَة المستوحش، وإن كنا نطالِب في نفس الوقت بالقرارات والقوانين التي تخفف أَلَمَ الناس، وننقل آلامهم ومتاعبهم لمَن هو مسئول عنهم أمام الله أولًا، ثم أمام شَعْبِه وأُمَّته؛ لكننا لا نعالِج ألمًا بما يزيد الألم، بل بما يخففه.

نُحافظ على ثوابت الدين ولا نهدمها، ونرجو رحمة الله ولا نيأس، ولا يصيبنا الإحباط، ونعمل ولا نَعجز، نَسير ولا نتوقف، نَنهض ولا نخلد إلى الأرض ولا نستسلم للكَبَوَات، ننتظر الفرج مِن الله ولا نيأس مِن روح الله (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) (الشرح:5-6)، (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق:7).

وإصلاحُ دَاخِلِنا مُقَدًّمٌ عندنا على إصلاح غيرنا مِن داخل قلوبنا، وأبنائنا وأُسَرنا، وطائفتنا، وجماعتنا الدعوية، التي لا شك تحتاج إلى إصلاحٍ كبيرٍ، ونَقْلٍ سديد للمنهج إلى الأجيال القادمة، وهذا أيضًا منهج إصلاحي أساسي، ولا ننسحب مِن العمل، ولا نترك الدعوة إلى الله لأجل وجود نقصٍ أو خللٍ يَحتاج إلى علاج.

لذلك نَقُول: لابد لنا أن يتأكد في حِسِّنَا أن طريقنا هو الاصلاح، وأن سبيلنا هو دعوة الأنبياء ومنهجهم في إصلاح العالَم.

نسأل الله -عز وجل- أن يوفقنا لما يُحب ويَرضى.

2018/08/07

أغسطس 07, 2018

بين الأمثال و الواقع م. عبد المنعم الشحات


                         بين الأمثال و الواقع
م. عبد المنعم الشحات
تمهيد: الأمثال

المَثَل: جملةٌ سائِرةٌ بينَ الناس، تُحفَظ وتَدور على الألسنة، ويُتَمَثَّل بِها، أو تُستَخدَم في مواقف جديدةٍ مُماثِلة للِموقف الأولَ الذى استُخدمت فيه.

وقد أكثر العرب من استعمال الأمثال وتفوقوا فيه على سائر الأمم لولعهم بالبلاغة والتي تعني عندهم الإيجاز.

وأكثرُ الأمثالِ العربيةِ لَها قصصٌ تُرْوَى في كتب الأمثال، وتُنسَب إلى بعض الشخصيات المعروفة أو المجهولة، كأن تلك الشخصيات هي التي حدثت معها القصةُ أولَ مرة، وفي ذلك السياق نطقت بتلك الأمثال لأول مرة، هذا ما يبدو في الظاهر، لكنَ بعض الباحثين يرون: أن كثيراً من قصص الأمثال هي قصصٌ شارحة، أُلّفت ووضِعَت بعد وِلادةِ المثل بزمن، لتوضيحه وشرحِه، ووضعِه في سياقٍ قصصي يكشفُ عن معناه بنوعٍ من التشويق والصياغة القصصية التي تنطوي على الإمتاع والحيويّة بدليل أن معظمها قصص رمزية.

توظيف المثال في واقعة لا تنطبق عليه

وعلى قدر أهمية الأمثال في توضيح الصورة وحل المعضلات، فإنها توظف في بعض الأحيان لتمرير تصورات خاطئة، وذلك حينما يكون هناك فروق جوهرية بين المثل وبين القضية موضوع البحث، فيهرب البعض إلى المثل ثم يغلط أو يغالط في تطبيق المثل على واقع آخر.

ومن أشهر الأمثلة التي يتوارى وراءها البعض ليمنع نفسه أو يمنع أتباعه من إعادة تقييم مواقفه؛ المثل القائل: "أُكِلْتُ يومَ أُكِلَ الثَّورُ الأَبيَض"، وهو مثل يكثر البعض من التمثل به على لسان الدعوة السلفية وحزب النور فيما يتعلق بعزل د.مرسي. ونبدأ أولا بذكر قصة المثل ثم ببيان مدى انطباقه على هذه الحالة:

قصة مثل "أُكِلْتُ يومَ أُكِلَ الثَّورُ الأَبيَض"
كانت ثلاثة ثيران تعيش في غابة، ثورٌ أبيضٌ، وآخرُ أسود وثالثٌ أحمر، وفي الغابَة مع الثيران الثلاثَة أسَد لا يستطيع الاهتداء على واِحد منها ?نها كانت مجتَمِعة مُتَّحِدَة، فبدأ يُفكِّرُ في خَديعَتِها وتَفريقها كي تَضْعُف، ويَتَمَكَّن منها واحِداً وراءَ الآخَر، وهَكذا تَقَرَّبَ من الثَّور الأسود والثور الأحمَر، وقال لهما: إن الثور الأبيض بلونه البارِز يدل الناس علينا، ويُشَكِّلُ خطراً على أمننا، فلونه مشهور ولوني من لونِكُما، فَلَو تَرَكتُماني آكُلُه، لصفا لَنا الجو، وخلا لَنا المَكان. ويَبدو أنّهما صدَّقا كلامَه، وانطَلَت عليهِما خدعتُه، فقالا له: دونَكَ الثورُ الأبيض فكُلْه. وبَعدَ زَمَن انفَرَدَ الأسد بالثور الأحمَر، وقال له: لوني على لَونِك، فَدَعني آكل الأسْوَد، لتَصفُوَ لنا الغابَة، فقال: دونَكَ الثورَ الأسود فكُلْه. فأكَلَه ولم يَبقَ في الغابة إلاَّ الأسدُ والثورُ الأحمر. ثم إن الأسد انفرَدَ بالثورِ المتبقّي، وقال له: لابدَّ آكلُك... فقال: دَعني أنادي ثلاثاً، فقال: افعَل، فنادى: ألا إنِّي أُكلتُ يومَ أُكِلَ الثورُ الأبيَض. وردَّدَها ثلاثاً.
وقَد ظلَّت هذه الحِكمَة مثلا يضرب، فيمَن يَسْمَح للعدو أن ينفردَ بأخيه فيضعفُ نفسَه، لأنَّ في الاتِّحادِ قوَّةً، وفي التفرُّق ضعفٌ... والأَسَد كَما هو واضِح رَمزٌ لكلِّ قوةٍ مستبِدَّة مُخادِعة، تفرِّق الإخوَةَ المتَّحِدِين كَي تَسُودَ اعتِماداً على تفرقِهِم وتَمَزُّقِهم وليس على قوّتِها هي فَحَسب...

هل ينطبق هذا المثل على موقف الدعوة السلفية و حزب النور من عزل د.مرسي؟

يحلو لكثير من المتابعين لا سيما من أتباع جماعة الإخوان أو المتعاطفين معها أن يعلق على كل هجمة تتعرض لها الدعوة السلفية أو حزب النور باستحضار المثل القائل "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"، ومقصودهم أن لو كانت الدعوة السلفية وحزب النور قد انضما إلى اعتصام رابعة أو إلى ما سمي فيما بعد بتحالف دعم الشرعية؛ لما أكل الإخوان و لما تفرغ المهاجمون بعد ذلك للدعوة السلفية وحزب النور.

بل بلغ الأمر أن البعض يكرر هذا المثل مع كل هجمة على ثوابت الإسلام، كتلك التي شنها جابر عصفور، والتي تصدى لها الأزهر ذاته بالإضافة إلى الدعوة السلفية وحزب النور.
وكزيارة كريمة إلى إيران، زاعمين أن الدعوة لم تعد قادرة على رفع صوتها بالانكار كما كانت عليه في عهد د.مرسي، رغم أن هذا تصرف فردي من هذا الرجل ولسيت سياسة دولة، وأنه أحيل للتحقيق في الأزهر بسببها حتى أنه فضل تقديم استقالته، وأنه على الرغم من ذلك كله كان للدعوة السلفية موقف منه؛ جعله يصور الخصومة أنها بينه و بين الدعوة السلفية أكثر منها بينه وبين الأزهر، ولكن البعض يحرم نفسه من المراجعات بالكلية، أو يحرم نفسه من المراجعات في زمن تمكن فيه المراجعة، رافعا شعار "أضاعوني و أي فتى أضاعوا".. فإذا تعرض الآخرون لأي أذى طبيعي وربما يكون ثمرة من ثمرات أفعاله؛ تطوع أن يقول على لسانهم: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض".

ومن تأمل في المثل الأصلي سوف يجد الثور الأبيض بريئا تمام البراءة، جنى عليه مكر أعدائه و خيانة رفاقه و ذهب مظلوما عاجزا عن الدفع عن نفسه، ثم إن الثور البني كرر حماقته و باع الثور الأسود الذي ذهب هو الآخر مظلوما.
و الثور البني في كل هذا لا يدرك أنه يضعف نفسه و يقربها من حتفها، حتى إذا أدركه الافتراس أرسل هذا التحذير لمن وراءه حتى لا يكرر أحد خطأه.
ولكن هل يصدق هذا المثل على من تورط في صراع لا يحسنه، و من تفنن في صناعة الأعداء، حتى زاد العدو في عداوته و انقلب الصديق عدوا؟ فلما راجعه رفاقه صاح: "أنا عذيقها المرجب، وجذيلها المحكك" (وهو مثل لمن يقول أنا لها، أو نحن رجال هذه المرحلة و ما شابه ذلك) فليس إمامكم إلا اتباعي، فمنهم من سار خلفه وهو يعلم أنه يسوقهم إلى حتفهم، و لكن أرهبهم قوة الصوت وجلبته ورأوا شدة ثقة ذلك المتزعم فظنوا أن وراء الأكمة ما وراءها، فلم ينتبهوا إلا بعد أن أدركهم الغرق في بحر النزاعات فلجأوا إلى قوارب أخذتهم إلى العمق بدلا من الشاطئ، ولم يحسنوا نفخها و لم يحكموا وكاءها فاستحقوا أن يقال لهم "يداك أوكتا و فوك نفخ" (وهو مثل ضرب لرجل استعمل قربة لينجو بها من الغرق و لكنه لم يحكم وكاءها؛ فغرقت به، فاستغاث؛ فقيل له ذلك).

أو يقال لهم "على أهلها جنت براقش" (وهو مثل يضرب لكلبة نبحت على الأعداء ظنا منها أن قومها يريدون منها أن تدلهم عليهم، بينما قومها مختبئون من العدو لعلمهم بقوتهم، فدلت الأعداء على قومها، فقالوا: على نفسها جنت براقش، كما قالوا على أهلها جنت براقش. ويروى للمثل قصص أخرى هذه أشهرها).
ومع هذا فإن من نصحوه لم يتمتموا بمثل هذه الأمثال، بل ظلوا يدعونه إلى التعقل والتريث ومراجعة الأخطاء، فيقذفهم بالحجارة و يرميهم بالعمالة ويأبى عليهم كل عمل إلا اللحاق بزورقه الآخذ في الغرق! وبينما هو يصارع ما جنتاه يداه، اختلف الأعداء الأصليون منهم، والذين استعداهم في شأن باقي رفاقه فمنهم من رفع شعار "كلهم سواء" ومنهم من أظهر عداوة ومنهم من أضمرها ومنهم ومنهم...

كل هذا والثور الأبيض ما زال على زورقه الآخذ في الغرق و مع هذا يقول من باب الإصرار و المكابرة و المعاندة على لسان الآخرين "أكلت يوم أكل الثور الأبيض".

و مع هذا فما زالنا ننتظر أن يقفز الثور الأبيض إلى قوارب النجاة الحقيقية،
و هي هنا شاطئ الدعوة إلى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة،
و شاطئ الصبر على أذى الناس،
و شاطئ نحمل الخير لمصر،
و لعل إصرارنا على الدعوة إلى المراجعات و المصالحات و البحث عن المصالح العليا لبلادنا يجعلنا غرضا لهجمات من يريدونه صداما لا ينتهى.

و أما نحن فنظل ندعو الجميع إلى الرجوع إلى تحكيم الشرع و الى تعظيم حرمة الدماء و إلى الدعوة إلى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة، و إن شكك هؤلاء في ديننا و شكك الآخرون في حبنا لهذا الوطن، ونحن نسأل الله أن يرزقنا حبه وحب من يحبه وحب العمل الذى يقربنا لحبه، وأن يجعل بلدا آمنا مطمئنا وقلبا نابضا للأمة الاسلامية.

توظيف الآيات و الأحاديث في سب الخصوم أخطر من توظيف الأمثال

حكى عشماوي قائد التنظيم الخاص في عهد الأستاذ سيد قطب رحمه الله و الذي اتهم من قبل قادة الجماعة أنه أول من اعترف في التحقيقات و أجبرهم جميعا بناء على هذا على الاعتراف، حكى في مذكراته ذكرياته مع الإخوان بعدما اجتمع معهم في السجن هو نقل ننقله بتمامه على عهدة قائله من جهة، و لأننا نرى بعض ما يحكيه واقعا من جهة أخرى. قال علي عشماوى في مذكراته:

"يسبوننى بالقرآن والحديث:

والحقيقى التي لا أنكرها أن الأيام التي قضيتها مع هؤلاء الإخوة كانت طيبة، ولم يكونوا يوجهون إلي أي أذى، وكانوا عوناً لي في الفترة التي بدأ "الإخوان" يؤذونني فيها. وكان إيذاؤهم شديدًا، فقد كانوا يسبونني بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية. كنت أينما أسير أسمع من يوجه إلى الشتائم وكان هذا شيئًا غريباً ومازلت أستغربه حتى الآن، فكيف يمكن أن تستعمل آيات الله وأحاديث الرسول في السب؟ كنت إذا مررت أمام أحد منهم أسمعه يتلو: "فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث" وتسمع آخر يقول: "وذلك مثال المنافقين". وكان هذا أسلوباً ممجوجًا، ولا أظنه عملاً إسلاميا ولم يكن أمامي إلا احتمال المواقف، و لم أحاول أن أناقش أحداً في أمر، ولا أسعى إلى التخفيف من حدة موقفه، وكان كل ما يقال عني أنني كنت قد اعترفت عليهم. وهي دعوى باطلة ومرفوضة، ومما يثبت ذلك بالإضافة إلى اعترافهم هم أنفسهم أنه قد جاءني الأخ "عباس السيسي" ونحن في عنبر التأديب في ليمان طرة، وسألنى سؤالا مباشراً: "هل تنوى أن تؤيد الحكومة؟ دعنا مما سبق فكلنا اعترفنا، كلنا لم يخف شيئاً، وأنت معذور بالتعذيب الذي حدث. لكننا نود أن نتأكد من نقطة واحدة وهي هل تنوي الاعتراف بالحكومة وتأييدها في محاولة للخروج من السجن؟!".
وكان ردي: أنني أرفض الشروط، ولو كانت الحكومة سوف تشترط لتحل القضية أن أؤيدها، فأنتم الآن تشترطون لكي نعود إلى صفوف الجماعة ألا نؤيد الحكومة. فهؤلاء اشترطوا، وأنتم اشترطم، وهنا تساويتم معاً في وسائل الضغط، وأنا لا أقبل الضغط، وهذا الأمر متروك لي في المستقبل وسوف أفكر فيه، وأتخذ قراري. ولا أستطيع أن التزم من الآن بأننى لن أفعل.
ثم قال لي: "إننى أعدك إن وعدتنى ألا تؤيد الحكومة أن نعتبر ما حدث كأن لم يكن، وأن تعود إلى صفوفنا مرة أخرى وتأخذ مكانتك"، ولكن رفضت هذا الأسلوب لأنني أساساً كنت قد ضقت ذرعاً بالأمر كله، وأحسست بخطأ العمل الذي اشتركت فيه، وأحسست بمدى ضعف القادة الذين سلمنا أمورنا إليهم.

كان رفضي للعرض الذي أشار به الأخ عباس وكان مندوبًا عن الإخوان ويحدثني باسمهم سببًا في اشتداد عمليات الإيذاء، بل إن الأمر قد وصل إلى حد تقنين الإيذاء. وأعني بالتقنين أنه بدأت عمليات الفتوى، وقد صدرت فتوتان: أولاهما: أنني كافر وخارج على الجماعة، وأنه ينبغي التعامل معي على هذا الأساس، وترتب على ذلك أنهم اعتبروا زواجي باطلاً، وأن زوجتي لابد أن تطلق.

والفتوى الثانية: إجبار الجميع على أن يقاطعوني، وكان ذلك أحد الأسلحة التي يشهرها الإخوان دائماً في وجه من يعارضهم أو يخالفهم رأيًا"

ثم يناقش علي عشماوى ما سمعه من الإخوان من شبهات استندوا إليها في هاتين الفتوتين تجاهه، إلى أن قال:

"زوجتي تطلب الطلاق:
كان نتيجة تلك الفتوى أن فوجئت بأن زوجتي التي كنت قد تزوجتها قبل أن أدخل السجن بفترة وهى شقيقة الأخ أحمد عبدالمجيد جاءت تطلب الطلاق، ولم يؤلمني هذا الأمر، فقد كنت أتوقعه. جاءت بالمأذون معها، وجلست عند مأمور السجن، وتم الطلاق في هدوء، وإمعاناً في الإيذاء والإيلام فإنهم كانوا يقولون لي أنها لم تطلق لمجرد أنك محبوس. وقد زوجوها بالفعل من أحد الإخوان الموجودين في السجن، وعقدوا العقد وهو مسجون. وكأنهم بهذا يقولون لي إننا طلقناها لموقفك من الجماعة.
ومع هذا فإنني ظللت كما أنا لم أسب أحدًا منهم، ولم أتحدث في شأنه، ولم أطعنه من الخلف، وكنت أرى أنني سوف أقول الكلمة الأخيرة إن شاء الله".

ونحن نجد صدى لما يحكيه العشماوي في السلوك الممنهج الذي يتبعه كثير من شباب الإخوان مع من يقابلوه من رموز الدعوة السلفية، مرددين آيات يتوهمون أنها تنطبق على موقف الدعوة السلفية، من نوعية: "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا".. مع أنهم لا يدخلون في معنى الركون للذين ظلموا.

مع أنهم لا يُدخلون في معنى الذين ظلموا: ثناء الأستاذ حسن البنا على الملك، ولا تأييد الإخوان لحكومة إسماعيل صدقي (الذي كان إنجليزي الهوى)، ولا غير ذلك مما "اجتهد" الإخوان فيه في عصر المؤسس، فضلا عن ما جاء بعد ذلك من مواقف أشرنا إليها في مقالات أخرى، ولا يلتفتون إلى أن الإخوان المعاصرين في تونس فعلوا ما نصحْنا به إخوان مصر وزيادة (وهذه الزيادة تشمل تنازلات منهجية لا نقرها ولا نرضاها)، وأن اخوان اليمن لم يواجهوا الحوثيين حتى لا يتورطوا في حرب أهلية مع أن الواقع اليمني مختلف تماما، وإذا كان يمكن أن تترك السلطة في اليمن لقبيلة تمثل أقلية عرقية ومذهبية هروبا من حرب أهلية في مجتمع كل القبائل فيه مسلحة ومن المشروع في عرفها أن تقاوم، وغيرها من الأحوال التي تقتضي أن يكون قياس الأولى في مصر؛ هو القبول بالانتخابات الرئاسية المبكرة، ثم إذ لم يتم هذا فالقبول بإعلان 3-7 بدلا من رفع شعار "اللي يرشنا بالميه نرشه بالدم".

ومع هذا كله سوف يظل الكثيرون يعتبرون أن تصرف إخوان تونس صحيح، وتصرف إخوان اليمن صحيح، وتصرف اخوان مصر (المناقض لهذين التصرفين) صحيح! ومن خالف في أي حالة من الثلاثة فإنه متهور متشدد في شأن تونس واليمن وإما يكون من الذين ركنوا إلى الذين ظلموا في حالة مصر!

المشكلة أن الذي يتعمد إلقاء كلمته بعدما يتجاوزك بجسده ثم يمشي منتشيا وكأنه فتح الفتوح ومصّر الأمصار، هو في واقع الأمر شخص يمارس أقصى درجات الانغلاق والتحوصل ورفض الحوار ويحصن نفسه حتى من مجرد التفكير في المراجعة، أو في حتى حل مشكلة التناقض في مواقفه.

وهناك من يفضل أن يقول "حسبنا الله ونعم الوكيل" وهي على كل حال أكثر أدبا مع الله، و مع من تقال له، لكونها ترجع الأمر لله، وهو أعلم بذات الصدور، رغم أن قائلها يتعمد أن يلقيها بلهجة فيها معنى التهمة. وياليت من يقولها يستحضر معناها فيجعل الله حسبه ممن ظلمه و ممن أعان على ظلمه (و لو بحسب وهمه)، كما يجعل الله حسبه من نفسه بحيث يلهمها رشدها و يردها عن غيها، ولو كان هذا الغي قد دخلها من باب إرادة الخير، وكم من باغ للخير ليس يبلغه.

ولكنها في النهاية ليست إلا حيلة دفاعية ليبقى داخل عالمه الخاص و تصوراته الخاصة و حتى لا تأتي اللحظة التي يقول فيها "قل هو من عند أنفسكم".