عالم الإبداع: علوم الحديث

مدونة عامة في كل المجالات

أهم المواضيع

‏إظهار الرسائل ذات التسميات علوم الحديث. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات علوم الحديث. إظهار كافة الرسائل

2021/07/02

يوليو 02, 2021

الجمع بين حديثي عائشة وحفصة في صيام تسع ذي الحجة

العشر من ذي الحجة


 الجمع بين حديثي عائشة وحفصة في صيام تسع ذي الحجة


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد، وعلى وآله وصحبه، أما بعد:


فما أن يدخل على الناس شهر ذو الحجة من كل عام حتى يدور نوع من الخلاف حول صيام تسع ذي الحجة الأول، فمن قائل بسُنيَّة الصوم فيها، ومن قائل: لا نعلم دليلًا للصوم في هذه الأيام، إلا ما ورد بشأن صوم يوم عرفة لغير الحجاج، والخلاف ذلك لورود حديثين ظاهرهما التعارض في ذلك الشأن.


أولهما: حديث مثبت للصوم وهو حديث أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها؛ ففي سنن أبي داود (2437)، وأحمد (22334) (26468) (27376)، والنسائي في الكبرى (2739) عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ امْرَأَتِهِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ».


وأخرج النسائي في "الكبرى" (2737)، وفي "السنن الصغرى" (2416) عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: أَرْبَعٌ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ عَاشُورَاءَ، وَالْعَشْرُ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَينِ قَبْلَ الْغَدَاةِ»، وفي الصغرى كذلك برقم (2418) عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ امْرَأَتِهِ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ الْعَشْرَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ».


وثانيهما: حديث ينفي صوم النبي صلى الله عليه وسلم لعشر ذي الحجة؛ وهو ما أخرجه مسلم في صحيحه برقم (1176) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ».


توجيه العلماء والمحققين لحديث عائشة رضي الله عنها:


(1) أنها نفت علمها ولم تنفِ علم غيرها.


قال المناوي في "فيض القدير" (5 /474): وأما خبر مسلم عن عائشة لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم صائمًا العشر قط، وخبرها ما رأيته صامه، فلا يلزم منه عدم صيامه؛ فإنه كان يقسم لتسع فلم يصمه عندها وصامه عند غيرها؛ كذا ذكره جمعٌ، وأقول: ولا يخفى ما فيه؛ إذ يبعد كل البعد أن يلازم في عدة سنين عدم صومه في نوبتها دون غيرها، فالجواب الحاسم لعرق الشبهة أن يقال: المثبت مقدم على النافي على القاعدة المقررة عندهم، وزعم بعض أهل الكمال أن الرواية في خبر عائشة (يُرَ) بمثناة تحتية وبنائه للمجهول، ثم إن هذا الحديث عورض بخبر البخاري وغيره: ما العمل في أيام أفضل منها... انتهى.


(2) أنها نفت صيامه صلى الله عليه وسلم على وجه الوجوب:


قال الأثرم: فأما حديث عائشة الأول، فإنه ليس فيه بيان مذهب، وذلك أنها لما حكت أنها لم تره صائم العشر، فقد يكون ذلك على أنها لم تره هي، ورآه غيرها، وذلك أنه إنما كان يكون عندها في الأيام يومًا، وقد يكون ذلك على أن يكون لم يصم العشر على أنه ليس بواجب، ومن صامه فله فضل، فليس في هذا بيان؛ [ناسخ الحديث ومنسوخه ص (180)].


وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ الَّذِي ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مَا لَفْظُهُ: وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى فَضْلِ صِيَامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِانْدِرَاجِ الصَّوْمِ فِي الْعَمَلِ، قَالَ: وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا الْعَشْرَ قَطُّ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ كَانَ يَتْرُكُ الْعَمَلَ، وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ.


(3) أنها نفت صيامه لعذرٍ عارض:


قال النووي: فَيُتَأَوَّلُ قَوْلُهَا لَمْ يَصُمِ الْعَشْرَ أَنَّهُ لَمْ يَصُمْهُ لِعَارِضِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَرَهُ صَائِمًا فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُ من ذَلِكَ عَدَمُ صِيَامِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ حَدِيثُ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ امْرَأَتِهِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ الِاثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ؛ انتهى؛ [شرح مسلم للنووي (8 /72)].


(4) المثبت مقدم على النافي:


قال البيهقي بعد تخريج الحديثين: "والمثبتُ أَولى من النَّافي"؛ [السنن الكبرى للبيهقي (4/ 285) ].


قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (4 / 1413): إِذَا تَعَارَضَ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ فَالْإِثْبَاتُ أَوْلَى ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَفِيهِ أَنَّ الْإِثْبَاتَ أَوْلَى عَلَى فَرْضِ الْإِثْبَاتِ، وَأَمَّا عَلَى احْتِمَالِهِ فَلَا مَعَ بُعْدِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ، وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَيَّامِ أَوْقَاتُ نَوْبَتِهَا وَقَوْلُهَا قَطُّ يَنْفِي الْقَوْلَ بِحَمْلِ الرُّؤْيَةِ عَلَى الرُّؤْيَةِ الْعِلْمِيَّةِ، وَأَيْضًا عَدَمُ صِيَامِهِ لَا يُنَافِي كَوْنَهَا سُنَّةً لِأَنَّهَا كَمَا تَثْبُتُ بِالْفِعْلِ تَثْبُتُ بِالْقَوْلِ، وَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَغَّبَ فِي صِيَامِهَا بِمَا ذَكَرَ مِنَ الثَّوَابِ، وَلَعَلَّهُ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي اخْتِيَارَ الْفِطْرِ عَلَى الصَّوْمِ، وَلِذَا مَا كَادَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، مَعَ أَنَّهُ قَالَ: أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الْآتِي بَعْضُ مَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّهُ رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ تِسْعَ الْحِجَّةِ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَصُومُهَا أَحْيَانًا؛ انتهى.


 


(5) نفي عائشة رضي الله عنها لصيام التسع كلها لا لبعضها:


قال السندي في حاشيته على ابن ماجه (1 /527): قَوْلُهُ: (صَامَ الْعَشْرَ قَطُّ) لَا يُنَافِي صَوْمَ بَعْضِهَا.


قال الشيخ أبو الحسن المباركفوري في "مرعاة المفاتيح "(7 /52): وقيل: المراد نفي جميع العشر وفيها يوم العيد، وهذا لا ينافي صوم بعضها، وقيل: يحتمل أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل في بعض الأحيان، وهو يحب أن يعمله خشية أن يظن وجوبه.


وقال الحافظ ابن رجب في "لطائف المعارف" (ص 262): إذا اختلفت عائشة وحفصة في النفي والإثبات، أخذ بقول المثبت؛ لأن معه علمًا خفي على النافي، وأجاب أحمد مرة أخرى بأن عائشة أرادت أنه لم يصم العشر كاملًا، يعني وحفصة أرادت أنه كان يصوم غالبه، فينبغي أن يصام بعضه ويفطر بعضه، وهذا الجمع يصح في رواية من روى ما رأيته صائمًا العشر؛ انتهى.


(6) تأويل حديث عائشة رضي الله عنها على لفظ: لم يُرَ أو "ما رُئيَ "، ويكون معناه: ما رآه غيري صائمًا؛ جاء في "العرف الشذي" للكشميري (2 /180): وقيل: إن في رواية عائشة تصحيفًا، والأصل ما رُئيَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي ما رآه صائمًا غيري؛ أي: غير عائشة، والله أعلم.


قلت: وهو تأويل بعيد لا تسانده الرواية.


(7) صام النبي فاطلعت حفصة وحفظته، وخفي عن عائشة، أو نسيته:


جاء في "مجلة البحوث الإسلامية" (55 /110) في الجمع بين الحديثين: كان يصوم العشر في بعض الأحيان، فاطلعت حفصة على ذلك وحفظته، ولم تطلع عليه عائشة، أو اطلعت عليه ونسيته.


(8) صام بعضها في بعض السنوات، وصامها كلها في بعض السنوات، وتركها في بعض السنين لعارض.


قال في المجموع شرح المهذب ( 6/ 388): كَانَ يَصُومُ بَعْضَهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَكُلَّهُ فِي بَعْضِهَا وَيَتْرُكُهُ فِي بَعْضِهَا لِعَارِضِ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الأحاديث؛ انتهى، وقال الحافظ في "فتح الباري" (2 /460): وَاسْتُدِلَّ بِهِ([1]) عَلَى فَضْلِ صِيَامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِانْدِرَاجِ الصَّوْمِ فِي الْعَمَلِ، وَاسْتَشْكَلَ بِتَحْرِيمِ الصَّوْمِ يَوْمَ الْعِيدِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا الْعَشْرَ قَطُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ كَانَ يَتْرُكُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ؛ كَمَا رَوَاهُ الصَّحِيحَانِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا؛ انتهى، وقال ابن الملك الكرماني في "شرح المصابيح" (2 /539):


وقالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيتُ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم صائمًا في العشر"؛ أي: من أول ذي الحجة.


"قط": وهذا لا ينفي كونه سنة؛ لأنه جاز أنه عليه الصلاة والسلام صامها قبل تزوُّجِهِ بعائشة رضي الله عنها، أو لم يصمْ في نوبتها، فإذا تعارضَ النفيُ والإثباتُ، فالإثباتُ أولى.


قال أبو العباس القرطبي: وترك النبي صلى الله عليه وسلم صومه إنما كان والله أعلم لما قالته عائشة رضي الله عنها في صلاة الضحى: أنه صلى الله عليه وسلم كان يدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشيةَ أن يعمل به الناس، فيُفرض عليهم، ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم لم يوافق عشرًا خاليًا عن مانع يمنعه من الصيام فيه، والله تعالى أعلم؛ [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (10 /27)].


(9) تأويل حديث حفصة رضي الله عنها المثبت للصوم: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة » بأن المراد به اليوم التاسع فقط.


ويجاب عنه بأن الحديث عند النسائي بلفظ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ الْعَشْرَ»؛ سنن النسائي (2418).


وقال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري: ويمكن أن يكون مراد عائشة رضي الله عنها من نفي صومه صلى الله عليه وسلم في العشر، نفيه في جميع العشر، لا في بعض يوم منه، ويكون مراد حفصة من التسع اليوم التاسع خاصة، وكذلك يكون مراد بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من العشر اليوم المعهود الذي يهتم بصيامه في العشر، وهو اليوم التاسع يوم عرفة، والله أعلم؛ [منة المنعم في شرح صحيح مسلم (2 /211)].


(10) حمل حديث عائشة على صوم تسع وإفطار العاشر، وهو يوم النحر، ويصدق على عدم الصوم في العشر مطلقًا، وهذا مقصود عائشة ليتوافق مع الرواية الأولى؛ ["فتح المنعم بشرح صحيح مسلم" للدكتور موسى شاهين (5 /78)].


والله تعالى وحده من وراء القصد

2018/12/01

ديسمبر 01, 2018

حديث شريف



               📚 #أحـاديث_نـبـوية 📚

((ليس الغنَى عن كثرةِ العرَضِ ، ولكنَّ الغنَى غنَى النَّفسِ)).

#الراوي : أبو هريرة | #المحدث : البخاري 
#المصدر : صحيح البخاري

📋 #شرح_الحديث 📋

▪️يَحكي أبو هُرَيرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : ليس الغِنى عن سببِ كثرة العَرَض ، وهو ما يُنتفَع به من متاعِ الدُّنيا سِوى النَّقدين ؛ أي : ليس الغِنى الحقيقيُّ المعتبَر كثرةَ المال ؛ لأنَّ كثيرًا ممَّن وُسِّع عليه في المال لا يَقنَع بما أُوتي ، فهو يجتهد في الازدياد ولا يُبالي من أين يأتيه ، فكأنَّه فقير من شدَّة حِرصه.

👈 ولكنَّ الغنى الحقيقيَّ المعتبَر الممدوحَ غنى النَّفْس بما أُوتيتْ وقَنَعُها به ورِضاها ، وعدم حِرصها على الازدياد والإلحاح في الطَّلب ؛ لأنَّها إذا استغنتْ كفَّتْ عن المطامِع ، فعزَّتْ وعظُمتْ وحصَل لها من الحُظوة والنَّزاهة والشَّرف والمدح أكثر من الغِنى الذي يناله مَن يكون فقير النَّفس بحرصه ، فإنَّه يُورِّطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال ؛ لدناءة هِمَّته وبُخله ، ويكثُر ذامُّه من النَّاس ، ويَصغُر قدرُه عندَهم ، فيكون أحقَرَ مِن كلِّ حقير ، وأذَلَّ مِن كلِّ ذليل ، وهو مع ذلك كأنَّه فقير مِن المال ؛ لكونِه لم يَستغنِ بما أُعطي فكأنَّه ليس بغني ، ولو لم يكن في ذلك إلَّا عدم رِضاه بما قضاه الله ، لكَفَاه.

#في_الحديث : 

أنَّ الغِنى الحقيقيَّ المعتبَر ليس بكثرة المال ، بل هو استغناءُ النَّفس ، وعدم الحِرص على الدُّنيا.

📚 #الموسوعة_الحديثية 📚



2018/11/30

نوفمبر 30, 2018

حديث شريف


📚 #أحـاديـث_نـبـويـة 📚

((من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس فيه فهو ردٌ)).

#الراوي : عائشة أم المؤمنين
#المصدر : صحيح البخاري

📜 #شرح_الحديث 📜

 ▪️مَن اخترَعَ في الدِّينِ ما لا يَشهَدُ له أصلٌ مِن أصولِه ِ، فلا يُلتفَتُ إلَيهِ ، وهذا ما أخبَرَنا به الرَّسولُ الكَريمُ في هذا الحديث ، حيثُ قال :

▪️"مَن أحدَث في أَمْرِنا هذا" ، أي : أمْرِ الدِّين ، و"الإحداثُ" : اختِراعُ شيءٍ لم يكنْ مَوجودًا.

▪️"ما ليسَ فيهِ"، أي : ليسَ له أَصْلٌ مِنَ القُرآنِ الكَريمِ أو سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ.

▪️"فهو ردٌّ" ، أي : مَردود ٌ، ومُعناه : فهو باطلٌ غيرُ مُعتدٍّ بهِ.

#وفي_الحديث : الأمر باتِّباعُِ سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ والالتِزامِ بها ، والنَّهيُ عن كُلِّ بِدعَةٍ في دِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ.

📚 #الموسوعة_الحديثية 📚

https://dorar.net/hadith/sharh/23536

2017/11/08

نوفمبر 08, 2017

أحاديث ضعيفة وموضوعة يتناقلها الناس



         أحاديث ضعيفة وموضوعة يتناقلها الناس

1- حديث ((اذهبوا فأنتم الطلقاء)): ضعيف ليس له سند متصل
قال الشيخ الألباني في “ السلسلة الضعيفة و الموضوعة “ ( 3/307 ) : ضعيف

2- ((من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، فلا صلاة له)). : باطل لا أصل له

3- ((الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)). : باطل لا أصل له
قال الألباني : لا أصل له

4- ((اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً)). قال الألباني: لا يصح مرفوعاً أي: ليس صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم. "الضعيفة" (8)]

5- ((إياكم وخضراءُ الدِّمن فقيل: ما خضراء الدِّمن؟ قال المرأةُ الحسناء في المنبت السوء)). قال العراقي: ضعيف وضعفه ابن الملقن . قال الألباني: ضعيف جداً. "تخريج الإحياء" (2/42) . "الضعيفة" (14)]

6- قصة استقبال النبي - صلى الله عليه وسلم - بنشيد ((طلع البدر علينا)): ضعيفة
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 63 )]

7- دعاء ((اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس)): ضعيف
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 6/489 : ضعيف

8- ((توسلوا بجاهي ، فإن جاهي عند الله عظيم)). : لا أصل له
قال ابن تيمية والألباني : لا أصل له. "اقتضاء الصراط المستقيم" لابن تيمية (2/415) . "الضعيفة" (22)]

10- ((من أحدث ولم يتوضأ فقد جفاني ……)). : موضوع
قال الصنعاني : موضوع . "الموضوعات" (53) . والألباني : موضوع."الضعيفة" (44)]

11- ((من حج البيت ولم يزرني . فقد جفاني)). : موضوع
قاله الذهبي في "ترتيب الموضوعات" (600) . والصغاني في "الموضوعات" (52) . والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (326)]

12- ((اختلاف أمتي رحمة)). : موضوع
قال صاحب "الأسرار المرفوعة" (506) . "تنزيه الشريعة" (2/402): موضوع
وقال الألباني: لا أصل له. الضعيفة (11)]

13- ((الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا)). : لا أصل له
"الأسرار المرفوعة" (555) . "الفوائد المجموعة" (766) . "تذكرة الموضوعات" (200)]

14- ((كما تكونوا يولي عليكم)) : ضعيف لا يصح
"كشف الخفاء" (2/1997) . "الفوائد المجموعة" (624) . "تذكرة الموضوعات" (182)]

15- ((من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا يفوته صلاة كتبت له براءة من النار ونجاة من العذاب، وبرئ من النفاق)) . ضعيف
السلسلة "الضعيفة" (364)]

16- ((خير الأسماء ما عبِّد وما حـمِّد)) : موضوع
"الأسرار المرفوعة" (192) . "اللؤلؤ المرصوع" (189) . "النخبة" (117)]

. 17- ((اطلبوا العلم ولو بالصين)) : موضوع
"الموضوعات" لابن الجوزي (1/215) . "ترتيب الموضوعات" للذهبي (111) . "الفوائد المجموعة" (852)]

18- ((شاوروهن - يعني: النساء - وخالفوهن)) : لا أصل له
"اللؤلؤ (264) . "تذكرة الموضوعات" (128) . "الأسرار المرفوعة" (240)]

19- ((ما خاب من استخار ، ولا ندم من استشار ولا عال من اقتصد)). : موضوع
الكشف الإلهي(1/775) الضعيفة (611)]

20- ((المؤمن كيِّس فطِن حذر)) : موضوع
"كشف الخفاء" للعجلوني (2/2684) . "الكشف الإلهي" للطرابلسي (1/859) . " الضعيفة" (760)]

21- ((ما فضلكم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة ، ولكن بشيء وقر في صدره)). : لا أصل له
"الأسرار المرفوعة" لعلي القاري (452) . "الأحاديث التي لا أصل لها في الإحياء" للسبكي (288) . "المنار المنيف" (246)]

22- ((يعاد الوضوء من الرعاف السائل)): موضوع
"ذخيرة الحفاظ" لابن طاهر (5/6526) . "الضعيفة" (1071)]

23- ((ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل)) . هذا ليس حديثاً بل مقولة للحسن البصري .

24- ((لمعالجة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف)) . ضعيف جداً
"ترتيب الموضوعات" للذهبي (1071) . "الموضوعات" لابن الجوزي (3/220)]

25- ((أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار)).: ضعيف
"الضعيفة" (1814)]

26- ((اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله)) : ضعيف
"تنزيه الشريعة" للكناني (2/305) . "الموضوعات" للصنعاني (74)]

ﭴ27- ((لا تجعلوا آخر طعامكم ماءً)) .: لا أصل له
"الضعيفة" (2096)]

28- ((رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الأكبر)). : لا أصل له
"الأسرار المرفوعة" (211) . "تذكرة الموضوعات" للفتني (191)]

29- ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق)). : ضعيف
العلل المتناهية" لابن الجوزي (2/1056) . "الذخيرة" (1/23)]

30- الأذان والإقامة في أذن المولود.: ضعيف جداً
بيان الوهم" لابن القطان (4/594) . "المجروحين" لابن حبان (2/128) ."الضعيفة" (1/494)]

31- ((إذا فتح الله عليكم مصر بعدي، فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً، فذلك الجند خير أجناد الأرض)): باطل

وهو جزء من حديثٍ طويلٍ أخرجه ابن عبدالحكم في فتوح مصر (3) والدارقطني في المؤتلف والمختلف (2/1003) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (46/162)]

2017/11/07

نوفمبر 07, 2017

قصيدة غزلية في ألقاب الحديث




قصيدة غزلية في ألقاب الحديث
لشهاب الدين أحمد بن فرج الإشبيلي
غَرَامِي صَحِيحٌ وَالرَّجَا فِيك مُعْضَلُ ... وَحُزْني وَدَمعِي مُرْسَلٌ ، وَمُسَلْسَلُ
وَصَبْرِي عَنْكُمْ يَشْهَد الْعَقْلُ أنَّهُ ... ضَعِيفٌ ، وَمَتْرُوكٌ وَذُلِّيَ أجْمَلُ
وَلا حَسَنٌ إلاّ سَمَاعُ حَدِيِثكُمْ ... مشافَهَةً يُمْلَى عليَّ فَأنْقُلُ

وَأمْرِيَ مَوْقُوفٌ عَليكَ وَلَيْسَ لِي ... عَلَى أحَدٍ إلاَّ عَلَيْك المُعَوَّلُ
وَلَوْ كَانَ مَرْفُوعاّ إلَيْكَ لَكُنْتَ لِي ... عَلَى رَغْمِ عُذَّالِي تَرِقُّ وَتَعْدِلُ
وَعَذْلُ عَذُوِلي مُنكرٌ لاَ أسِيغُهُ ... وَزُورٌ ، وتَدْليسٌ يُرَدُّ وَ يُهْمَلُ
أُقَصي زَمَانِي فِيّك مُتَصِلَ الأسَى ... وَمُنْقَطِعاً عّمَّا بِهِ أتَوَصَّلُ
وَهَا أنَا في أكْفَانِ هَجْرِك مُدْرجٌ ... تُكلِّفُنِي مَا لاَ أطِيقُ فَأحْمِلُ
وَأجْرَيتُ دَمْعِي فَوْقَ خَدِّي مُدَبَّجا ... وَمَا هِي إلاَّ مُهْجَتِي تَتَحلَّلُ
فَمتَّفِقٌ جِسمِي وَسُهْدِي وَعبرتِي ... وَمُفْتَرِقٌ صَبْرِي وَقَلْبِي المُبَلْبلُ
وَمُؤتَلِفٌ وَجْدِي وَشَجْوِي وَلَوْعَتِي ... وَمخْتَلِفٌ حَظِّي وَمَا مِنْك آمُلُ
خُذِ الْوَجْدَ مِنِّي مُسْنَداً ، وَمُعَنْعَناً ... فّغَيْرِي بِمَوْضُوع الْهَوَى يَتَحَلَّلُ
وَذِي نُبَذٌ مِنْ مُبْهَمِ الحُبِّ فَاَعْتَبِرْ ... وَغَامِضُهُ إنْ رُمْتَ شَرْحاً أطَوِّلُ
عَزِيزٌ بِكُمْ صَبٌّ ذَلِيلٌ لِعِزِّكُمْ ... وَمَشْهُورُ أوْصَافِ المُحِبِّ التَّذَلُلُ
غَرِيبٌ يُقَاسِي البُعْدَ عنْكَ وَ مَالَه ... وحَقِّك عَن دَارِ الْقِلَى مُتَحَوَّلُ
فَرِفْقاً بِمَقْطُوعِ الوَسائِلِ مالَهْ ... إلَيْك سَبِيلٌ لاَ وَلاَ عنْك مَعْدِلُ
فَلا زِلتَ في عِزَ مَنيعٍ وَرِفْعَةٍ ... وَلاَ زِلتَ تَعْلوُ بالتَجَنِّي فَأنْزِلُ
أُوَرِّي بِسُعدَى وَالرَّبَابِ وزيْنَبٍ ... وَأنْتَ الذِي تُعنى وأنْت المُؤمَّلُ
فَخُذْ أوَّلاْ مِن آخرٍ ثُمَّ أوَّلاً ... مِنَ النِّصْفِ مِنْهُ فَهوَ فِيهِ مُكَمَّلُ
أبَرُّ إذَا أقْسمْتُ أنِّيِ بِحُبِّهِ ... أهيِمُ وَقَلْبِي بِالصبَّاةِ مُشْعَلُ

2017/11/03

نوفمبر 03, 2017

أين اختفتْ نسخة صحيح البخاري الأصلية؟





أين اختفتْ نسخة صحيح البخاري الأصلية؟

مقال  للفاضل شريف محمد جابر من أمتع ما قرأت جوابا على هذا الإشكال:

يطرح بعض "الباحثين" وبعض من يحملون لقب "دكتور" سؤالا "وجيهًا" حول فقدان المخطوطة الأصلية لصحيح البخاري والتي كتبها بيده، فهم يتساءلون: لو كان الإمام البخاري قد كتب هذا الكتاب فلماذا لا نجد النسخة الأصلية التي خطّها بيده؟ يقولون: إنّ أقدم نسخة مخطوطة لصحيح البخاري تعود إلى القرن الرابع الهجري، أي بعد عشرات السنين من وفاة البخاري (توفي عام 256 هـ). وهي نسخة الإمام محمد بن أحمد المروزي، الذي ولد سنة 301 هـ وتوفي سنة 371 هـ، وقد سمع صحيح البخاري من شيخه الفربري عام 318 هـ، وسمع الفربري الصحيح من البخاري سنة 252 هـ. فكيف نثق بكتاب منسوب لصاحبه ونحن لا نملك النسخة الأصلية منه؟!

* أولا: سذاجة السؤال
من الأمور المؤسفة أننا نعيش في عصر يُطرح فيه مثل هذا السؤال الساذج؛ إذ مَن الذي يسأل عن النُّسخ الأصلية للكتب اليوم؟ فإذا بدأنا بالقرآن الكريم، فنحن نثق ثقة مطلقة بحفظ كتاب الله ومع ذلك لا نجد بين أيدينا النسخة الأصلية المكتوبة على عين الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا حتى النسخة الأصلية لمصحف عثمان! بل وعندما اكتشف العلماء في ألمانيا مخطوطة قديمة للقرآن تعود للعهد الراشدي، وأكّدوا أنها مطابقة لما بين يدينا من القرآن اليوم؛ لم يزدْ ذلك من يقيننا في كتاب الله شيئا! فإذا مضينا للكتب البشرية، وجدنا أنّ السذّج فقط هم من يعتبرون وجود النسخة الأصلية المكتوبة بخط الكاتب هو الدليل على صحة نسبة الكتاب إليه! كم كتابا قرأتم من عصرنا هذا أو من عصور سالفة لا توجد له نسخة أصلية بخط الكاتب؟! إنّ وجود النسخة الخطية لكاتب الكتاب لم تكن يوما ولن تكون مرجعا في إثبات موثوقية نسبة الكتاب إليه، وعلى هذا تواضع البشر منذ قرون، ذلك أنّ مسالك إثبات النسبة للكاتب تتعلق بتواتر نقل الكتاب وإثباته في عدة مراجع، وليس في وجود نسخة الكاتب الخطية.

* ثانيا: كيف نُقل إلينا صحيح البخاري؟
لا شكّ أنّ الإمام البخاري رحمه الله كتب جامعه الصحيح بخط يده، ولكنه قرأه على جمع غفير من التلاميذ الذين كانوا يسمعونه منه ويكتبون الكتاب كاملا، ثم يطابقونه بعد الانتهاء على نُسخته، بحيث تكون نُسخهم طبق الأصل عن نسخة البخاري. ثم جاء بعدهم جيل آخر سمع الكتاب من تلاميذ البخاري وقابلوا نُسخهم على نُسخ تلاميذ البخاري، وهكذا، حتى تواترت نسبة الكتاب، ولو ضاع الأصل الذي خطّه البخاري بيده فلن يعني ذلك شيئا؛ لكون الكتاب قد انتشر وفشا بين التلاميذ، وكثرتْ نُسخه التي على كلّ منها إسنادٌ يتصل بالبخاري، وكُتبت عليه الشروحات، وتطابقتْ جميع نُسخه بفضل الله. أما الاختلافات اليسيرة في الألفاظ فهي تشبه - إلى حدّ معيّن - ما في القرآن من اختلاف القراءات، وهي في الواقع عاملُ زيادة في الموثوقية؛ ذلك أنّها تؤكد أنّ النقل قد تعدّد من مصادر مختلفة وصولا إلى الإمام البخاري...

فلو كان المعتمَد في صحيح البخاري نسخة متأخرة جدا عن البخاري لكان النسخ والطبع اللاحق عنها متطابقا دون أي اختلاف وإنْ كان هامشيّا، فانظر كيف أنّ هذه الاختلافات (اليسيرة جدا والهامشية) تزيد من موثوقية النقل لا العكس! ثم إنّ نسخة الإمام الفربري - تلميذ البخاري - قد اشتهرت، فشاع النقل عنها، لا لكون النقل محصورا بها، فقد نُقل صحيح البخاري بطرق أخرى، وهذا الإمام الخطابي (319-388 هـ) يقول في شرحه لصحيح البخاري "أعلام الحديث" إنّه سمع معظم الكتاب من خلف بن محمد الخيام عن إبراهيم بن معقل النسفي (ت 295 هـ) تلميذ البخاري الذي سمع الكتاب منه، أي من طريق آخر غير الفربري. وكذلك كان الأمر عند المتقدّمين، فقد شاع بينهم سماع الصحيح وروايته من طرق مختلفة غير تلك المشهورة اليوم، وتطابقتْ رواياتهم للصحيح مع تلك النسخة.

إنّ تطابقَ روايات صحيح البخاري ونُسخه مع تباعد الأقطار واختلاف الأزمنة وتعدّد المصادر عن البخاري؛ لهو خير دليل على تواتر الصحيح وموثوقية نقله عنه. ثم إنّ العلماء (كما هو حال معظم المنتجات العلمية) تشتهر بينهم نسخة معينة أو عدة نُسخ، لا لكونها الأصح أو لأنّ فيها ما ليس في غيرها، بل تلك طبيعة الأشياء. كما لو أنّ كاتبا معاصرا كتب كتابا قبل عشرات السنين، ثم طبعته عدة دور للنشر، ثم بعد عشرات السنين لم يبق على طباعته سوى إحدى تلك الدور، واشتهر كتابه من طبعة تلك الدار لأنّها الأجود طباعة وتحقيقا مثلا، مع نفاد نُسخ دور النشر الأخرى أو إهمال طباعتها، فلا يعني هذا أنّ مضمون هذه الطبعة مختلف عن بقية الطبعات!

وخلاصة الأمر في هذا الباب أنّ صحيح البخاري قد نُقل بالتواتر بعد مؤلّفه، ولم يكن باستطاعة أحد أصحاب النُسخ أن يضع فيها حديثا لم يروه البخاري أو يحرّف دون أن ينكشف أمره؛ فالعلماء من مختلف المذاهب لديهم الصحيح ويعرفون ما فيه، وأي رواية دخيلة سينكشف أمرها لاختلافها عما لديهم، ولمعرفتهم بالأسانيد والرجال. فانظر إلى هذا الملمح المهم من التاريخ العلمي لأمتنا، وهو منهج الرواية والتدقيق ومقابلة النُّسخ اللاحقة على السابقة، والذي لن تجد له مثيلا في بقية الأمم الأخرى! وهذا يعني أنّ اختفاء النسخة الخطية التي كتبها الإمام البخاري لا يعني شيئا، بل هي طبيعة الأشياء؛ فنادرا ما تحتمل المخطوطات العوامل البييئة والتاريخية والعسكرية والسياسية وتنجو بعد 1200 عام!

* ثالثا: وجود النسخة ليس أقوى مما هو موجود من نقل الصحيح اليوم!
لو افترضنا أنّ منهج الرواية من عدة طرق، ومقابلة نُسخ التلاميذ على نُسخ شيوخهم، وسماع الجيل اللاحق من السابق وصولا إلى البخاري.. لو افترضنا أنّ هذا المنهج كله لم يكن موجودا في تاريخ الأمة، وأنّنا حافظنا على نسخة خطّية ننسبها للبخاري؛ لَما كان ذلك أقوى مما لدينا الآن من صحيح البخاري! بل كان أضعف في الموثوقية؛ ذلك أنك تحتاج حينذاك إلى توثيق نسبة المخطوطة للبخاري، وستكون عندك من طريق واحد لكونها نسخة واحدة فعليّا، فأيّ تشكيك حينذاك بصحّة نسبتها للبخاري سيشكّك بما لدينا من صحيح البخاري كله اليوم! ولذلك فطريقة النقل التي اعتمدها العلماء هي أفضل الطرق العلمية التي كان بالإمكان من خلالها حفظ كتاب صنّفه صاحبه!

* رابعا: ماذا لو ضاعتْ كلّ نُسخ صحيح البخاري من العالم؟
ماذا لو افترضنا أنّنا جمعنا نُسخ البخاري كلّها، المخطوطة (وهي بالآلاف وعليها سماعات) والمطبوعة وحرقناها، وحذفنا أيضا كل ما في شبكة الإنترنت منها، بالإضافة إلى ما نُقل عن البخاري في الشروحات وكتب الفقه وغير ذلك.. فصحَونا يوما ولم نجدْ لِما صنّفه البخاري أثرا! نعم تخيّلوا ذلك وإليكم المفاجأة: لو حدث هذا لَما نقص من سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم التي بين أيدينا شيء؛ فكلّ ما في البخاري من الأحاديث موجود ومبثوث وشائع في غيره من كتب الحديث والفقه!
نعم، وهذه معلومة أخرى لا يعرفها من استغفلهم الخطاب السطحي العاطفي الذي تحدّثنا عنه في تدوينة "من أين جاءوا بكل تلك الأحاديث النبوية؟"، فقد سبق البخاري من أصحاب الحديث أجيالٌ من العلماء، شكّلت كتبهم جزءا كبيرا جدّا من مصادر كتابه، بعضهم من شيوخه وبعضهم من شيوخ شيوخه. وإنّك لو تفحّصت روايات صحيح البخاري ستجدُها مبثوثة ومروية بالأسانيد في كتب سابقة له ولاحقة، ومن أمثلة الكتب السابقة: مسند شيخه الإمام الحُميدي (219 هـ) ففيه روايات ذكرها البخاري في صحيحه، وكذلك موطأ الإمام مالك (179 هـ) الذي روى البخاري معظم ما فيه من الأحاديث المسندة الصحيحة، ومصنّف الإمام عبد الرزاق الصنعاني (211 هـ) ومسند الإمام أحمد بن حنبل (241 هـ)...

فهؤلاء وغيرهم هم من أصحاب كتب الحديث السابقين على البخاري، وقد احتوت كتبهم نسبة كبيرة جدا مما في صحيح البخاري من أحاديث، فإذا أضفنا إليهم كتب معاصريه كالإمام مسلم (261 هـ) والإمام ابن خزيمة (311 هـ) وغيرهم ثم اللاحقين؛ وجدنا أنّ ما رواه البخاري في صحيحه من الأحاديث النبوية موجود في تلك الكتب ومكرّر ومحفوظ، وهي بالعشرات وليس الحديث عن كتابين أو ثلاثة أو خمسة! فإذا اختفى البخاري كلّه، لا نسخته الأصلية فقط، لَما أنقص ذلك شيئا من الأحاديث الصحيحة، فدينُنا ليس مبنيّا على رجل واحد أو على صحيح البخاري وحده، وإنْ كانت له مكانته الجليلة لمواصفات علمية اجتمعتْ فيه وجعلتْ العلماء يقدّمونه على غيره، فجزاه الله عن أمّة الإسلام خير الجزاء.
إنّ هذه المعلومة المهمة تُطلعنا على تهافت تلك الشبهة التي تحاول تصوير صحيح البخاري وكأنه مصدرٌ أساسيٌّ منفردٌ في الدين، بحيث لو طعنوا فيه فسيتمّ التشكيك بما يحويه من أحاديث وسيَبطُل الاستدلال بجزء كبير من السنة النبوية! ويستدلّون على ذلك بكلام العلماء بأنّه "أصحّ كتاب بعد كتاب الله"، ظانّين بأنّ هذه العبارة تعني أنّه مصدرٌ أساسيٌّ منفردٌ للدين، فإذا ضاع؛ ضاع معه شيءٌ من الدين! وهذا وهمٌ منهم، فالحقّ أنّ هذه العبارة هي مجرّد وصف علمي للكتاب؛ لأنّ البخاري كان أول من جرّد كتابا كاملا في الصحيح، فجعل كلّ ما فيه من الأحاديث المسندة صحيحًا بشروط صارمة تفوّق فيها على غيره من أصحاب كتب الحديث، مستبعدًا الروايات الضعيفة والمرسلة وما شاكلها، وليس أنّه جمع فيه كلّ الصحيح، ولا أنّ ما فيه من الأحاديث الصحيحة ليس موجودا في غيره فإذا شكّكنا فيه ألغينا الكثير من السنن! فهذا ما لم يزعمه البخاري ولا يقوله طُويلب علم في يومه الأول من دراسة الحديث، بل لا يقوله عاقل أخذ من وقته ربعَ ساعة فقط تصفّح فيها كتب الحديث!
ويكفي كبداية أن يطّلع القارئ على كتاب "اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان" (البخاري ومسلم) لمحمد فؤاد عبد الباقي؛ ليعلم أنّ الإمام مسلم اتفق مع الإمام البخاري في 1906 روايات (بما في ذلك الآثار)، فكيف إذا تصفّح المرء بقية كتب الحديث من مسانيد وجوامع وسنن وغيرها؟ سيجد أنّ ما في البخاري من أحاديث صحيحة قد شاع وفشا في غيره من الكتب، بل ومعظمها مع اختلاف في الأسانيد مما يزيد من موثوقية نقل الأحاديث.

* الخلاصة:
نستخلص من كلّ ما ذكرناه أنّ شبهة "أين النسخة الأصلية من صحيح البخاري" هي شبهة متهافتة لا يقول بها إلا من تميّز بالسطحية والضحالة الثقافية والجهل بالتراث الإسلامي. وإنّي لأحسُب أنّ انتشار مثل هذه الشبهة لهو خير دليل على الحالة الثقافية والفكرية المتردّية التي وصلتْ إليها أمتنا العربية والإسلامية، وإنّ مثل هذه العقليات السطحية لا يمكنها أن تنهض من التخلف الحضاري الذي يكتنف عالمنا العربي والإسلامي. والأنكى من ذلك أنّ من يردّد مثل هذه الشبهة المتهافتة يظنّ نفسه "عقلانيا" و"متنوّرا" وباحثا في التراث، وهذا من المفارقات المضحكة! فمثل هذا يحتاج أولا إلى محو أمّية في الحديث ومصنّفاته وعلومه، بل إلى إعادة دراسة أدوات البحث العلمي والتفكير المنطقي قبل أن يرّدد مثل هذا الكلام المُخجِل.

2017/11/01

نوفمبر 01, 2017

مصطلح الحديث


خمسون مصطلح في علم المصطلح
⏪⏩⏪⏩⏪⏪⏩⏪⏩⏪
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه..فهذه خمسون مصطلح في علم المصطلح، جمعتُها واختصرت دلالاتها نقلاً من مصادرٍ مختلفةٍ، وقد أصطفيتُ المصطلحاتَ الغير متداولة إلا في أوساطِ المهتمين بهذا العلم الشريف الدقيق ، أخترتُها تسهيلاً لطلاب العلم للتعرف على معاني هذه المصطلحات.
ــــــــــــــ

1ـ السند: هو الطريق الموصلة للمتنِ، يعني رجال الحديث، سلسلة الرجالِ الموصلة للمتن.

2ـ المتن: هو ما انتهى إليه السند من الكلام.

3ـ المُحدِّث: هو العالم بطرق الحديث وأسماء الرواة والمتون.

4ـ الحافظ: هو من حفظ مائة ألف حديث متناً واسناداً .

5ـ الحُجَّة: هو من أحاط بثلاثمائة ألف حديث.

6ـ الحاكم: هو من أحاط بجميع الأحاديث المروية متناً وإسناداً وجرحاً وتعديلاً وتاريخاً.

7ـ الحديث المنكر: هو ما كان راويه ضعيفاً أي هو حديث من ظهر فسقه بالفعلِ أو القول أو من فحُش غلطه أو غفلته، والمنكر ضعيف لا يحتج به.

8 ـ المُدرج: هو ما غيَّر سياق إسناده، أو أدخل في متنه كلام ليس منه.

9ـ الموضوع: هو المختلق المصنوع المفترى على الرسول صلى الله عليه وسلم.

10ـ المنكر: هو ما تفرد بروايته الراوي الضعيف، أو ما يخالف.

11ـ المقلوب: هو الحديث الذي أبدل في سنده، أو متنه لفظ بتقديم أو تأخير ونحوه، عمداً أو سهواً.

12ـ الشاذ : هو ما رواه المقبول مخالفة لرواية من هو أولى منه.

13ـ المعلول: هو الحديث الذي أطلع فيه على علة تقدح في صحته، مع إن الظاهر السلامة منه.

14ـ المعنعن: اسم مفعول من العنعنة وهو مصدر كالبسملة والحمدلة والحوقلة، وهو الحديث الذي يقال فيه فلان عن فلان.

15ـ الأقران: هم المتقاربون في السن والإسناد.

16ـ المدبّج: أن يروي القرينان كل واحد منهما عن صاحبه.

17ـ التحمّل: أخذ التلميذ الحديث عن الشيخ بأحد طرق التحمل المعروفة.

19ـ الإجازة:هي الاذن في الرواية لفظاً أو كتابةً.

20ـ العزو: هو نسبة الحديث إلى مصادره الأصلية مع بيان حكمه إن أمكن بدون التنصيص على مدار الإسنادِ.

21ـ المُتابع: أن تحصل المشاركة لرواة الحديث الفرد باللفظ سواء اتحد الصحابي أو اختلف.

22ـ الشاهد: أن تحصل المشاركة لرواة الحديث الفرد بالمعنى سواء اتحد الصحابي أو اختلف.

23ـ ثقةٌ: هو راوي الحديث الصحيح.

24ـ صدوقٌ: هو راوي الحديث الحسن.

25ـ تغير بآخره: من اختلط ضبطه في آخر عمره.

26ـ إليه المنتهى: من أعلى درجات الجرح والتعديل.

27ـ شبه الريح: من صيغ التجريح.

28ـ حدثنا: من عبارات التحمل أن يقول الراوي حدثنا ، إذا سمع الحديث من الشيخ وكان معه غيره.

29ـ حدثني: من عبارات التحمل أن يقول الراوي حدثني، إذا سمع الحديث من الشيخ وليس معه غيره.

30ـ ثنا أو نا : إختصار حدثنا.

31ـ أنا أو أرنا : اختصار أخبرنا.

32ـ ح : تحويل الإسناد إلى إسناد آخر.

33ـ بندار : من ألفاظ التوثيق لقب به أبو بكر محمد بن بشار العبدي شيخ البخاري ومعناه الحافظ.

34ـ صاعقة: لقب محمد بن إبراهيم الحافظ، روى عنه البخاري لقب بذلك لقوة حفظه.

35ـ من حدّث ونسي: هو أن لا يذكر الشيخ رواية ما حدّث به تلميذه عنه.

36ـ ليس به بأس: من مراتب التعديل عند ابن معين.

37ـ ليس بشيء: من صيغ التضعيف عند الجمهور.

38ـ الصحيح: هي الكتب التي أشترط أصحابها الصحة.

39ـ السنن: هي الكتب المصنفة على أبواب الفقه.

40ـ العلل: هي الكتب المشتملة على الأحاديث المعلولة مع بيان علتها.

41ـ الطيوريات: هي الأحاديث التي انتخبها الحافظ السلفي من حديث المبارك بن عبدالجبار الطيوري.

42ـ المستدركات: كل كتاب جمع فيه مؤلفه الأحاديث التي استدركها على كتاب آخر مما فاته على شرطه.

43ـ المشيخات: هي الكتب التي تشتمل على ذكر الشيوخ الذين لقيهم المؤلف وأخذ عنهم أو جازوه.

44ـ الأصول الخمسة: صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن أبي داود ،سنن الترمذي،سنن النسائي.

45ـ زيادة الثقة: هو أن يأتي الثقة بما لم يأت به غيره من الثقات في نفس الحديث.

46ـ الصحابي: من لقى النبي عليه الصلاة والسلام وآمن به ومات على ذلك ولو تخلل إسلامه ردة.

47ـ المخضرم: هو الذي أدرك الجاهلية وزمن النبي عليه الصلاة والسلام وأسلم ولم يره.

48ـ الثلاثيات: هي الأسانيد التي يكون بين المحدث والرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الرواة.

49ـ العبادلة: أربعة من الصحابة، عبدالله بن عباس،وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن الزبير ، وعبدالله بن عمرو بن العاص.

50ـ الطبقات: قوم تقاربوا في السن والإسناد، أو في الإسناد فقط.
ـــــــــــــ
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.