#سلسلة_الخطب_السلفيه
#البيان_لآخر_ثلاث_سور_من_القران 🗯️
التصنيف:- #القران_والتفسير
. 🗯️الخطبة الأولى🗯️
الْحَـمْدُ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ أن اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:7071].
أَمَّا بَعْد:
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كَلامُ اللهِ, وَخَيْرُ الْهَدْيِ, هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وَشَرّ الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا, وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ, وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
إن من رحمة الله سبحانه وتعالى علينا أن بعث إلينا نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم خير الأنبياء والمرسلين؛ فأخرجنا الله عز وجل به من ظلمات الكفر والبدعة والشرك إلى نور التوحيد، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء:107]، وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [الجمعة:2].
وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾ [آل عمران:164].
وقال الله سبحانه: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:151]، فهذا فضل من الله سبحانه وتعالى، ويؤيده الله سبحانه بالقرآن الكريم، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [يوسف:2]، وقال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ﴾ [الشعراء:193-195]، وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ [ص:29]، فهذا كتاب مبارك، معجزة مستمرة حتى قيام الساعة، أيد الله به نبينا محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتحدى الأنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء:88].
فهذه من نعمة الله سبحانه وتعالى أن أيدهم بكتابه العزيز الذي: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت:42]، هذا القرآن كتاب مبارك، من قرأه وتدبره انتفع به، ومن قرأ هذا لم ينتفع به، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابن مسعود، فَقَالَ: قَرَأْتُ المُفَصَّلَ –أي من سورة (ق) إلى سورة (الناس)- اللَّيْلَةَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ: «هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، إِنَّ أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ».
وفي هذه الخطبة أذكِّر نفسي بفضيلة ثلاث سور في آخر القرآن، سور مباركة يحفظها جميع المسلمين وهي: ﴿ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾.
ينبغي للمسلم أن يتدبر هذه السور العظيمة، وأن يعلم فضائل هذه الثلاث السور التي ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فضائلها،
وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحافظ على قراءتها وكان عليه الصلاة والسلام يعظم هذه السور، وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحث الناس على هذه السور المباركات؛ يحثهم على قراءتها صباحا ومساءً وعند النوم في الليل وعقب الصلوات المكتوبات،
ففي ”صحيح البخاري“ عَنْ عائشة رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ»، فهي حصن عظيم من كل آفة، وحصن من شرور الإنس والجن وحصن من المس والعين وحصن من الشياطين، وحصن من الوسواس ومعنى: «ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا» أن ينفخ نفخا يسيرا يصاحبه شيء من الريق.
فنحن أحوج إلى أن نتحصن من أعدائنا من شياطين الأنس والجن، ومن كل شر بقراءة هذه السور المباركة، قراءة ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾، والمعوذتين، ومن فضائل هذه السور أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يمرض أحد من أهله إلا جمع كفيه ونفخ فيهما، ويقرأ هذه السور كما في ”الصحيحين“ من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، فهي سور عظيمة فضائل عظيمة فيها، وفي مستدرك الحاكم و سنن ابن ماجه وغيرهما من حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «اقْرَءُوا الْمُعَوِّذَاتِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ».
فبعد كل صلاة مكتوبة يشرع لك قراءة هذه الثلاث السور تتقرب إلى الله تعالى متدبرا معانيها؛ فتنتفع بذلك؛ فتكون لك حصنًا من كل شر.
وفي ”سنن أبي داود“ من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ رضي الله عنه قال:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: : «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي، وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثًا تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ».
وقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «آيَاتٌ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ، لَمْ يُرَ مِثْلَهُنَّ قَطُّ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ». والحديث في ”صحيح مسلم“ عن عقبة بن عامر.
فالمسلم يكثر من قراءة هذه السور المباركة تكون حصنا له من الشرور العظيمة، ولا يُؤتى الإنسان إلا من قبل نفسه، وإلا لو أقبل على الله متوكلا عليه؛ فإن الله يعصمه، وإن الله كافيه؛ فإذا كان الله كافيك ومعك؛ فلا يستطيع أحد من المخلوقين أن يصل إليك بسوء قط: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ﴾ [الرعد:11].
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعبد الله بن عباس: «وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ»، فإنما نُؤتى يا عباد الله من قبل ضعف يقيننا وتوكلنا على الله سبحانه وتعالى، وإنما نُؤتى ونُؤذى من قبل ذنوبنا وتقصيرنا وقلة إخلاصنا ويقيننا بربنا سبحانه وتعالى.
فعلى المسلم أن يشعر بتقصيره، وأن يرجع إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يقوي يقينه بربه وتوكله على الله سبحانه وتعالى، ويقبل على الله عز وجل بحسن الظن والدعاء والإقبال على الله والتمسك بشرع الله سبحانه وتعالى وقراءة الكتاب والسنة، والإقبال على ما ينفعك أيها المسلم.
وفي ”سنن النسائي“ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: بَيْنَا أَقُودُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فِي نَقَبٍ مِنْ تِلْكَ النِّقَابِ إِذْ قَالَ: «أَلَا تَرْكَبُ يَا عُقْبَةُ؟» فَأَجْلَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أَنْ أَرْكَبْ مَرْكَبَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا تَرْكَبُ يَا عُقْبَةُ؟» فَأَشْفَقْتُ أَنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً، فَنَزَلَ وَرَكِبْتُ هُنَيْهَةً، وَنَزَلْتُ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكَ سُورَتَيْنِ مِنْ خَيْرِ سُورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا النَّاسُ؟» فَأَقْرَأَنِي قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَتَقَدَّمَ فَقَرَأَ بِهِمَا، ثُمَّ مَرَّ بِي، فَقَالَ: «كَيْفَ رَأَيْتَ يَا عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ؟ اقْرَأْ بِهِمَا كُلَّمَا نِمْتَ وَقُمْتَ».
وقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ»، أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد، وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وأبي الدرداء، وأبو داود من حديث أبي مسعود الأنصاري، وجاء عن جمع آخرين من الصحابة رضي الله عنهم، كلهم رووا هذا الحديث: «﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» تعدل ثلث القرآن بالأجر، فينبغي للمسلم أن يحرص على قراءة هذه السور.
ثم تدبر هذه السور المباركة، فــ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ هذه السورة المباركة فيها صفة الرحمن، وبيان أن الله سبحانه وتعالى الواحد الأحد، ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ [الإخلاص:1-4].
ومعنى الصَّمَدُ: الذي تصمد إليه جميع الخلائق، وتحتاج إلى الله سبحانه وتعالى، تصمد إليه الخلائق حاجة له، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [فاطر:15].
والله سبحانه وتعالى مستغني عن كل ما سواه، فأنت إذا قرأت هذه السورة وعلمت أنها صفة الرحمن؛ فإن الإنسان يحبها، وفي صحيح البخاري ومسلم عَنْ عائشة رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فَقَالَ: «سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟» فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ».
وفي ”مسند أحمد“، و”سنن النسائي“ والترمذي عَنْ أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ هَذِهِ السُّورَةَ: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ».
وسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم رَجُلًا يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ. فَقَالَ: «قَدْ سَأَلَ اللهَ بِاسْمِ اللهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ».
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما أُصيبَ بسحر من قبل اليهود عصمه الله وشفاه فرقا نفسه بـ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ والمعوذتين، فرفعه الله عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فينبغي علينا أن نكثر من قراءة هذه السور المباركة وأن نتدبر معانيها فننتفع بذلك بإذن الله عز وجل، والحمد لله رب العالمين.
🗯️🗯️ البَيانُ لآخِرِ ثَلاثِ سورٍ مِنَ القُرآنِ 🗯️🗯️
. 🗯️الخطبة الثانية🗯️
الْحَـمْدُ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴
عباد الله: فقوله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ بين سبحانه وتعالى عن نفسه جل وعلا أنه الواحد الأحد، وأنه لا شريك له، ولا مثيل له، ولا ند له، قال تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم:65]، ومن جعل لله تعالى مثيلاً في ألوهيته أو ربوبيته أو في أسمائه وصفاته؛ فقد أشرك بالله: ﴿وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج:31]، ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾ [النساء: آية رقم: (48) وآية رقم:(116)].
وسُئلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ»، فالله أحد، لا يقبل الله من مسلم شركا
وفي الحديث القدسي، «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ».
انظروا إلى غيرة الله سبحانه وتعالى لا يقبل منك أن تصرف عبادة لغيره، وإذا أردت بعبادتك وجها غير وجه الله تعالى أو جاها أو ثناء من الناس أو أردت شيئا من متاع الدنيا بعبادتك تركك الله وعبادتك.
والصمد تقدم تفسيرها، ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص:3-4]، اللهُ سبحانه وتعالى هو الأول الذي ليس قبله شيء، والله سبحانه وتعالى ينفي عن نفسه الولادة، والولد لبيان كمال أحديته، وحياته وقيوميته تعالى: ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص:4]، أي ليس له مثيل قط.
وهكذا: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق:1-5].
والفلق بمعنى الصبح، وفسر بـ﴿إِنَّ اللهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى﴾ [الأنعام:95]، ومعنى الاستعاذة: الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى والرجوع إليه معتمدًا عليه في دفع الشر عنك.
﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾ [الفلق:1-2]، أي: من كل شر مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى، فأنت تستعيذ بالله من جميع الشرور.
والغاسق هو ظلمة الليل وما فيها من الهوام، وإذا وقب يعني إذا حضر ودخل.
والنفاثات في العقد: فالعقد تعقدها السحرة والشياطين؛ لأذية المسلمين فينفثون فيها من أنفسهم الخبيثة؛ فبقراءتك لهذه السورة المباركة تستعيذ بالله من شرور السحر، ومن شرور الشياطين.
﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق:5]، استعاذة من العين، قال النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا»، أي أن الإنسان إذا وقعت منه العين على أخيه المسلم؛ فينبغي أن يتوضأ له، ويعطيه ماء من جسمه، فيغتسل به المعين فيشفى بإذن الله تعالى.
فهذه السورة المباركة فيها الاستعاذة من شرور العين، فأنت بحاجة إلى قراءة هذه السور المباركة؛ حتى تقي نفسك من شرور السحر والعين، وفي ”سنن أبي داود“ من حديث عن عائشة، قالت: كانَ يُؤمَر العائِنُ، فيتوضّأُ، ثم يَغْتَسِلُ منه المَعِينُ.
وإذا لم تعلم من أصابك بالعين؛ فعليك بهذه السور المباركة، أَكثِر من قراءتها والنفث بها، والمسح على جسدك بها، متوكلا على الله، مستيقنا بالله أن الله سيدفع عنك الضر، ولا شك سيدفع عنك الضر؛ إذا كنت مع لله مستيقنا بالله تعالى؛ فهو القائل: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة:186]، فسيستجيب الله سبحانه وتعالى.
وتدبر أيضًا السورة الثالثة: تستعيذ بالله متوسلًا بربوبيته متوسلًا بألوهيته متوسلًا بملكه العظيم: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾ [الناس:1-6]، الذي يوسوس في صدور الناس، عدوك الخبيث الشيطان الرجيم.
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ»، فيزين لك الشر، ويثبطك عن الخير، ويسبب فيك الغضب، وهو عدو: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر:6].
فكن أيها المسلم مستعيذًا بالله من هذا العدو، فكم من شرور ووسواس يقع فيها الناس، فعليك أن تلتجأ إلى تعالى وتكثر من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان، وأن تكثر من قراءة هذه السور المباركة.
🌴🌴🌴🌴🌴🌴🌴
ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين، ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم، والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم عليك باليهود والنصارى، ومن يمكر معهم على الإسلام والمسلمين، اللهم اجعل بأسهم بينهم، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك يا قوي يا متين، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك، والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
❄ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا❄
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
في انتظار نصائحكم لتطوير هذه المدونة